الأوروبيون يعززون تعاونهم للتعاون مع موجات الهجرة الأوكرانية

وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي يقرون خطة من 10 بنود أهمها محاربة الاتجار بالبشر

لاجئون أوكرانيون لدى وصولهم إلى محطة قطار أمستردام (إ.ب.أ)
لاجئون أوكرانيون لدى وصولهم إلى محطة قطار أمستردام (إ.ب.أ)
TT

الأوروبيون يعززون تعاونهم للتعاون مع موجات الهجرة الأوكرانية

لاجئون أوكرانيون لدى وصولهم إلى محطة قطار أمستردام (إ.ب.أ)
لاجئون أوكرانيون لدى وصولهم إلى محطة قطار أمستردام (إ.ب.أ)

رغم وحدة الموقف الأوروبي من الحرب في أوكرانيا والتضامن التام مع كييف واعتماد الدول الأوروبية سياسة «الحدود المفتوحة» أمام الفارين الأوكرانيين من لهيب الحرب، فإن تمايزات ما زالت قائمة بين الدول الـ27 حول كيفية العمل من أجل توزيع عبء اللاجئين على الأعضاء كافة، وتخفيف عبئهم عن دول «الخط الأول» التي هي بولندا ورومانيا وبلغاريا ومولدافيا غير المنتمية إلى الاتحاد، وتعد أفقر البلدان الأوروبية. وخلال الاجتماع الاستثنائي لوزراء داخلية الاتحاد الذي استضافته بروكسل، فشل هؤلاء المسؤولون في الاتفاق على طريقة لإعادة توزيع اللاجئين وفق مبدأ الحصص بسبب معارضة عدة دول، منها المجر وسلوفاكيا والنمسا التي كانت سابقاً، مع بولندا، من أشد معارضي سياسة الحصص، خصوصاً لدى تطبيقها على الواصلين إلى أوروبا من بلدان الساحل وشمال أفريقيا وأفغانستان والشرق الأوسط... وكانت ألمانيا من الدافعين باتجاه تبني سياسة الحصص. بيد أن المعارضة التي ظهرت خلال الاجتماع دفعتها إلى التراجع. وقالت وزيرة داخليتها، نانسي فيزر، إن الاتحاد «توصل إلى تفاهم لاعتماد نظام يقوم على مبدأ (التضامن) مع بلدان (الخط الأول) وليس الحصص الثابتة، وبالتالي فإن برلين لا تريد تعريضه للخطر، عبر التمسك الصارم بنظام الحصص». والترجمة العملية لذلك أن كل دولة أوروبية تعرض خيارياً قدرتها على استقبال واستيعاب اللاجئين الأوكرانيين وفق إمكاناتها، وليس وفق معايير ثابتة موضوعة سلفاً بشكل جماعي، خصوصاً أن الأوضاع تختلف من بلد إلى آخر.
لكن هذا الخلاف لا يعني أن الاجتماع لم يكن مثمراً. ذلك أن الوزراء الـ27 الذين اجتمعوا، برئاسة وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درامانان، الذي ترأس بلاده الاتحاد حتى نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل، تبنوا خطة النقاط العشر التي قدمتها المفوضية الأوروبية، بما فيها رصد 17 مليار يورو لمساعدة الأعضاء على استقبال وإيواء وتشغيل اللاجئين، مع إيلاء وضع مولدافيا أهمية خاصة. ويعد تعزيز التنسيق بين أعضاء النادي الأوروبي في التعامل مع هذه المسألة الهدف الرئيس من الاجتماع، وذلك عن طريق إقامة منصة مشتركة مركزية، من أجل تسجيل اللاجئين كافة، بحيث تسمح للحكومات الأوروبية بتبادل المعلومات عن الوافدين وتمكينهم من الحصول على وضع «الحماية المؤقتة»، وهو ما أُقر في اجتماع للوزراء عينهم في 3 مارس (آذار). ويسهل هذا الوضع للاجئ الإقامة لمدة 3 سنوات «بدل 90 يوماً» في أي بلد من بلدان الاتحاد وتمكينه من العمل والحصول على الرعاية الصحية وإدخال التلامذة والطلاب إلى النظام المدرسي، فضلاً عن مساعدات عينية. وإضافة إلى ما سبق، فإن المنصة المركزية ستتيح للحكومات الأوروبية منع الغش وتسجيل اللاجئ في أكثر من بلد. وأقرّ الوزراء آلية لحصر إمكانات الاستقبال واللجوء المتاحة في البلدان الأوروبية كافة، ما سيسهل توجيه اللاجئين إلى حيث تتوفر الإمكانات وتسهيل انتقالهم إليها وتزويدهم بجميع المعلومات المتاحة. وفي هذا الإطار، تم الاتفاق على توسيع الدائرة، بحيث تضم بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وكندا. ولعل أهم ما أقره الوزراء إعادة تفعيل المبادرة المسماة «إمباكت» الأوروبية التي تعد وسيلة لمحاربة الجريمة المنظمة وتعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية والقضائية الأوروبية والجمارك والسلطات المالية والوكالات الأوروبية المتخصصة والمنظمات الدولية، وذلك لمحاربة ظاهرة الاتجار بالبشر والاستعباد والاستغلال الجنسي للقاصرين والنساء. وتجدر الإشارة إلى أن 90 في المائة من اللاجئين هم من القاصرين والنساء. ولهذا الغرض، فإن الخطة التي تم تبنيها تقوم على توفير أكبر كمية من المعلومات للاجئين وتعزيز دور الشرطة الأوروبية «يوروبول» في فرض الرقابة على القطارات للتعرف على الضحايا، مع إيلاء اهتمام خاص لاستقبال القاصرين، خصوصاً الذين يصلون غير مصحوبين بذويهم، وبالتالي يكونون الأكثر عرضة للتحرش والاستغلال. وحتى اليوم، تقدر وكالات الأمم المتحدة أن نحو 4 ملايين شخص فروا من أوكرانيا، ما يبين الحاجة لتضافر الجهود، ليس فقط الأوروبية، بل الدولية، للتعامل مع ما يعد أنه أكبر موجة من الهجرات تعرفها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وتقدر وكالات اقتصادية متخصصة أن الكلفة السنوية لاستقبال اللاجئين واستيعابهم والاعتناء بهم لن تقل عن 100 مليار يورو في العام. وما هو متوافر من تمويل حتى اليوم بعيد جداً عن هذا الرقم المرتفع. بيد أن المسؤولين في الاتحاد الأوروبي يراهنون على توقف الحرب أو تراجعها على الأقل عن عدد من المناطق سيدفع بكثيرين إلى العودة إلى أوكرانيا. والدليل على ذلك أن شرطة الحدود الأوكرانية أفادت أمس أن ما لا يقل عن 510 آلاف أوكراني عادوا إلى بلادهم منذ بداية الغزو الروسي، وغالبيتهم من الرجال، بينهم 352 ألفاً من بولندا وحدها. وتستضيف بولندا المجاورة الواقعة غرب أوكرانيا 2.3 مليون لاجئ، وهي تطالب شركاءها الأوروبيين بالتضامن معها وتخفيف العبء الثقيل الذي تتحمله.
وتمثل مسألة إيواء وإقامة اللاجئين إحدى أبرز العقوبات في التعامل مع احتياجاتهم. لذا، فإن المفوضية الأوروبية قررت إطلاق وتمويل خطة سمتها «البيت الآمن» بالاشتراك مع القطاع الخاص من أجل المساهمة في سد فجوة أساسية. وفي أي حال، فإذا كان الرأي السائد أن الاهتمام بالهاربين من الحرب «واجب أخلاقي، له كلفته على المدى القصير، فإنه يمثل فرصة على المدى الطويل» للدول التي تفتح حدودها أمامهم، لأنهم سيشكلون يداً عاملة، وسيساعدون اقتصاداتها على النمو.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.