بعثة أممية ترصد «انتهاكات خطيرة» لحقوق الإنسان في ليبيا

تشمل عمليات قتل وتعذيب بسجون سرية

الدبيبة خلال افتتاحه «مركز إيواء المهاجرين العرب» (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بطرابلس)
الدبيبة خلال افتتاحه «مركز إيواء المهاجرين العرب» (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بطرابلس)
TT

بعثة أممية ترصد «انتهاكات خطيرة» لحقوق الإنسان في ليبيا

الدبيبة خلال افتتاحه «مركز إيواء المهاجرين العرب» (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بطرابلس)
الدبيبة خلال افتتاحه «مركز إيواء المهاجرين العرب» (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بطرابلس)

كشفت بعثة تحقيق أممية عن ارتكاب «انتهاكات جماعية خطيرة» لحقوق الإنسان في غالبية أنحاء ليبيا ضد الفئات المستضعفة من المهاجرين، والنساء والناشطين السلميين والمحتجزين.
وقالت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في تقريرها الثاني، الذي سيُرفع إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم، إن «انتشار ثقافة الإفلات من العقاب في مختلف أنحاء البلاد قد يعوق قدرة الشعب على الانتقال إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون».
وأشارت البعثة في تقريرها، الذي أصدرته مساء أول من أمس، إلى الانتهاكات التي تؤثر على الانتقال الديمقراطي، ونزاهة العملية الانتخابية، وتخويف الناشطين ومضايقتهم، والاعتداءات على السلطة القضائية باعتبارها الجهة الضامنة لحقوق الإنسان، فضلا عن الانتهاكات الجماعية ضد الفئات المستضعفة، مثل المهاجرين والنساء والناشطين السلميين، والمحتجزين.
وقالت البعثة إنها «توصلت إلى أسباب معقولة للاعتقاد بانتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني في عدة مرافق احتجاز سرية» في ليبيا.
وتحقق البعثة في تقارير تفيد بـ«انتهاك حقوق الإنسان في عدد من السجون، التي أُعلن عن إغلاقها»، «يُزعم أنها لا تزال تعمل سراً، إضافة إلى الانتهاكات في شبكات سجون سرية، يُزعم أنها خاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة مختلفة.
ووجدت البعثة أيضا أن السلطات لم تنفذ الأوامر القاضية بإطلاق سراح بعض المحتجزين في حالات عدة. كما سبق أن رصدت في تقريرها، الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن وجود أعمال القتل والتعذيب والسجن والاغتصاب والاختفاء القسري، التي ارتكبت في سجون ليبيا «قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية».
وقال محمد أوجار، رئيس بعثة تقصي الحقائق: «لقد كشفنا أدلة إضافية تشير إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان ضد المحتجزين في ليبيا تُرتكب على نحو منهجي، و/أو واسع النطاق».
وكان مجلس حقوق الإنسان قد أنشأ بعثة تقصي الحقائق في يونيو (حزيران) 2020، وكلف البعثة بالتحقيق في الانتهاكات، والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني في ليبيا منذ بداية العام 2016.
وتتزامن تحقيقات بعثة تقصي الحقائق الأخيرة مع تزايد الاضطرابات السياسية في ليبيا، ولا سيما في المرحلة الأخيرة قبل تأجيل انتخابات ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والفترة اللاحقة. ويشير خبراء إلى أن أحداث عدة «مقلقة» حصلت في الفترة، التي سبقت ديسمبر الماضي، وأدت إلى التشكيك في قدرة الحكومة، وسلطات الأمر الواقع على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بضمان حريتي التعبير والتجمع للشعب الليبي. وتتضمن هذه الأحداث ما ورد من أنباء عن اعتقال جماعات مسلحة لأفراد من سرت واحتجازهم، بسبب إبداء آرائهم حول الانتخابات، أو دعمهم لمرشحين محددين.
ووصفت البعثة الإفلات المستمر من العقاب على الهجمات ضد النساء المنخرطات في السياسة بأنه «يقوض المشاركة السياسية الهادفة للمرأة»، وتشير إلى محاولة مسلحين منع محكمة استئناف سبها من النظر في أهلية مرشحين للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتعتبر البعثة أن السلطة القضائية تشكل ركيزة أساسية لدعم سيادة القانون، والانتقال الديمقراطي، وحماية حقوق جميع الموجودين في ليبيا، كما تشدد على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات المرتكبة بحق المهاجرين، واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا.
كما وجدت البعثة في تقريرها السابق أن انتهاكات عدة ضد هذه الفئات المستضعفة قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية. ومنذ ذلك الحين، استمرت البعثة في توثيق أنماط متسقة من القتل والتعذيب والأفعال غير الإنسانية، والاغتصاب والاضطهاد والاسترقاق.
وعلاوة على ذلك، حققت البعثة أيضاً في الانتهاكات المستمرة على أيدي المتاجرين بالبشر. وفي إحدى الحالات، أفاد عامل في صيانة القوارب باختطافه وتعذيبه على يد جماعة مسلحة ضالعة في الاتجار بالبشر، وقال لبعثة تقصي الحقائق: «أحرقوني بالسجائر، وسكبوا علي الوقود وحاولوا إحراقي. وألحقوا أذى في جسمي بسكين وبمضرب بيسبول وبعصا مكنسة. وقام الخاطفون بتصويري وهددوني بنشر الفيديو».
ويذكر التقرير أيضاً إفادات مقلقة عن شن هجمات على منظمات المجتمع المدني، والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في ليبيا، فيما يشير الخبراء إلى عدد من القوانين والأنظمة التقليدية، بما في ذلك قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، الذي تمت المصادقة عليه في 26 أكتوبر الماضي.
ويقول الخبراء إن تهديد الناشطين على الإنترنت يتكرر بشكل روتيني.
ويقر التقرير بحُسن تعاون السلطات الليبية مع البعثة، بما في ذلك تعاونها لتسهيل إجراء البعثة زيارة أولية مثمرة إلى بنغازي في مارس (آذار) 2022. واختتم التقرير بتوصيات لإنهاء الانتهاكات، والسعي إلى المساءلة، وتعزيز المؤسسات الليبية المعنية بسيادة القانون من خلال توفير الدعم التقني لتحقيق الديمقراطية وسيادة القانون.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.