وفد إثيوبي يزور الخرطوم لإزالة توتر العلاقات بين بلدان حوض النيل الشرقي

رئيس البرلمان الإثيوبي: سد النهضة مشروع لمحاربة الفقر في بلدنا ومصر والسودان

وفد إثيوبي يزور الخرطوم لإزالة توتر العلاقات بين بلدان حوض النيل الشرقي
TT

وفد إثيوبي يزور الخرطوم لإزالة توتر العلاقات بين بلدان حوض النيل الشرقي

وفد إثيوبي يزور الخرطوم لإزالة توتر العلاقات بين بلدان حوض النيل الشرقي

وصل إلى السودان أمس وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبية، الذي يقوده رئيس البرلمان الإثيوبي، في زيارة شعبية ورسمية تستغرق 5 أيام، وتهدف إلى تعزيز العلاقات الرسمية والشعبية بين شعبي البلدين.
وكان في استقبال الوفد بمطار الخرطوم رئيس البرلمان السوداني الفاتح عز الدين، بعد أن زار وفد مماثل مصر نهاية العام الماضي. وقال أبادولا غمدا، رئيس مجلس ممثلي الشعب بالبرلمان الإثيوبي، في تصريحات صحافية عقب وصوله أمس، إن غرض الزيارة هو توطيد العلاقات التاريخية بين السودان وإثيوبيا وبين الشعبين.
وتعد زيارة الوفد الإثيوبي الكبير نوعًا من الدبلوماسية الشعبية، التي تهدف إلى إزالة التوتر الذي شاب العلاقات بين بلدان حوض النيل الشرقي بسبب «سد النهضة الإثيوبي»، كما تعد الأولى من نوعها في تاريخ علاقة الخرطوم وأديس أبابا، رغم التاريخ المشترك والطويل بين البلدين.
وأوضح غمدا أن وفده يضم أكثر من 90 مشاركًا، يمثلون شرائح المجتمع الإثيوبي كافة، ويتألف من مهنيين، أساتذة جامعات، برلمانيين، رؤساء برلمانات سابقين، رجال أعمال، رجال دين، فنانين وكتاب.
وقال رئيس البرلمان الإثيوبي إن زيارة وفده تتضمن تسليط الضوء على مشروع سد النهضة الإثيوبي، باعتباره مشروعًا لمكافحة الفقر، ليس في إثيوبيا وحدها، بل داخل دول الإقليم، لا سيما مصر والسودان، وقال بهذا الخصوص إنه «مشروع ضخم ومهم لدول الإقليم لتحقيق التنمية ومجابهة الفقر، وقد جئنا لنبرهن لكل شرائح الشعب السوداني على أن نياتنا حسنة، وأننا نسعى لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجه المنطقة عبر بناء هذا السد العظيم».
من جهته، قال الفاتح عز الدين، رئيس البرلمان السوداني، عقب استقباله الوفد، إن العلاقات تطورت بشكل ملحوظ إبان فترة الرئيس الإثيوبي الراحل ملس زناوي، معتبرًا أن زيارة الوفد أكبر زيارة شعبية في تاريخ العلاقة السودانية - الإثيوبية.
وأوضح عز الدين أن دول «إثيوبيا، السودان، مصر» تتطلع للعمل بعقل مشترك لما فيه مصلحة شعوب المنطقة»، استنادًا إلى عراقة علاقة شعبي السودان وإثيوبيا الضاربة الجذور.
وأشاد عز الدين بما سماه «النهضة الكبيرة التي تشهدها إثيوبيا»، وقال إن هذا المشروع سينهي الفقر في إثيوبيا، ويحقق التكامل في الإقليم.
وذكرت مصادر إثيوبية بالخرطوم أن الوفد سيجري لقاءات مع كبار القادة السياسيين والتنفيذيين والشعبيين بالبلاد، وسيزور سد مروي، وجبل البركل في اليوم الثالث من الزيارة، كما يعقد لقاءات مع البرلمان السوداني، ووالي ولاية الخرطوم، واتحاد أصحاب العمل وجولات في أنحاء مختلفة من الخرطوم.
وكان وفد مماثل قد زار مصر منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومسؤولين مصريين، إضافة إلى ممثلي منظمات المجتمع المدني ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، وذلك لإزالة التوتر الذي شاب العلاقات الإثيوبية - المصرية، بعد الخلافات حول سد النهضة الإثيوبي، وخشية مصر على حصتها من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب. وقد وقع رؤساء إثيوبيا والسودان ومصر في مارس (آذار) الماضي في الخرطوم وثيقة إعلان المبادئ لسد النهضة الإثيوبي، التزمت بموجبها الدول الثلاثة بـ10 مبادئ أبرزها «التعاون والتنمية، التكامل الإقليمي، وعدم تسبيب أي ضرر ذي شأن بالآخر، والاستخدام المنصف والمناسب لمياه النهر».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».