بغداد تطرح «الورقة الخضراء» بعد «البيضاء» لمواجهة التغير المناخي

مخاوف من انحسار موسم الزراعة بسبب قلة المياه

عاصفة رملية ضربت البصرة جنوب العراق أول من أمس (أ.ف.ب)
عاصفة رملية ضربت البصرة جنوب العراق أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بغداد تطرح «الورقة الخضراء» بعد «البيضاء» لمواجهة التغير المناخي

عاصفة رملية ضربت البصرة جنوب العراق أول من أمس (أ.ف.ب)
عاصفة رملية ضربت البصرة جنوب العراق أول من أمس (أ.ف.ب)

طرحت الحكومة العراقية، أمس، ما وصفتها بـ«الورقة الخضراء» لمواجهة التغيرات المناخية، بعد أن كانت طرحت في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، «الورقة البيضاء» لتكون بمثابة ورقة إصلاح للمشاكل والتصدعات البنيوية في اقتصاد البلاد. في غضون ذلك، تتزايد المخاوف من أن يؤدي موسم الجفاف الذي ضرب البلاد للسنة الثالثة على التوالي إلى انحسار مساحات الأراضي المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والشعير.
وبهدف مواجهة أزمة المياه والتحديات المناخية التي تواجه البلاد انطلقت، أمس السبت، فعاليات المؤتمر الدولي الثاني للمياه في بغداد. ويرعى رئيس الوزراء الكاظمي المؤتمر الذي ينعقد تحت شعار «المياه والتغيرات المناخية» وتشارك فيه بعض الدول العربية والأجنبية.
ويقول القائمون على المؤتمر إنه يهدف إلى «تحقيق التنمية المستدامة للمياه والتنسيق مع دول الجوار المتشاطئة لتقليل الضرر نتيجة شح المياه إضافة إلى مناقشة التغيرات المناخية وأثرها على الموارد المائية والاستجابة العالمية لهذا الموضوع». ويتوقع أن يناقش المؤتمر موضوع «تبادل الخبرات بين العراق ودول أخرى وكيفية التغلب على مشكلة شح المياه واستدامة المياه السطحية والجوفية والحفاظ على تنوع الأحياء وتطور السياسة المائية بما ينسجم مع التطورات المناخية في العالم».
وأعلن الكاظمي، خلال المؤتمر عن تشكيل لجنة للإشراف على إعداد وصياغة «الورقة الخضراء» لوضع استراتيجية مواجهة التغيرات المناخية... وقال الكاظمي في الكلمة ألقاها نيابة عنه وزير التخطيط خالد بتال النجم في افتتاح المؤتمر، إن «تحسين إدارة الموارد المائية وتقاسمها بشكل منصف لتحقيق أهداف التنمية المستدامة»، مبيناً أن «الأمن المائي وتغيرات المناخ يجب أن يوضعا ضمن استراتيجيات الدول». وأَضاف أن «العراق أكثر البلدان تعرضا لتأثير التغير المناخي» وشدد على ضرورة «التنسيق بين الدول المتشاطئة لإدارة الازمات وتقاسم الضرر».
ورغم السيول والأمطار الغزيرة التي سقطت في إقليم كردستان شمال البلاد خلال فصل الشتاء الحالي، فإن مناطق واسعة في وسط وجنوب وشرق البلاد تعاني من موجة جفاف شديدة تهدد بتقليص المساحات المزروعة لمحاصيل الحنطة والشعر والأرز، وأقرت وزارتا الزراعة والموارد المائية الخطة الزراعية لعام 2022، بتراجع نسبته 50 في المائة عن السنوات الماضية، الأمر الذي يكشف حجم مشكلة الجفاف التي تعاني منها البلاد. ويؤكد خبراء في الشأن الزراعي أن العراق يخسر سنويا آلاف الهكتارات الصالحة للزراعة وتحولها إلى أراض غير صالحة نتيجة الجفاف وشح المياه، إلى جانب سوء الإدارة والتخطيط وعدم اعتماد الدولة على التقنيات الحديثة في الزراعة والري.
من جانبها، أكدت منظمة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، أمس، دعمها للسياحة البيئية وتقليل تداعيات الأمن المائي. وقالت ممثلة المنظمة، زينة علي أحمد، في كلمة لها أمام مؤتمر بغداد الثاني للمياه، إن «المؤتمر سيناقش أحد أهم الموارد الطبيعية والمائية لمواجهة التحديات العالمية، وإن نتائج التقرير الدولية لم تكن بمستوى الطموح لوضع العالم على خط الشروع لمواجهة التغيرات المناخية وتأثيراتها». وأضافت أن «الدول العالمية اتفقت على التعاون لمواجهة تلك التداعيات، ووضع تقرير المساهمات الوطنية بمشاركة 115 دولة منها العراق، وهذا الاتفاق ما زال حيز التنفيذ». وأشارت إلى أن «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والدول المانحة، تعمل على دعم البنى التحتية والسياحة البيئية وتقليل تداعيات الأمن المائي لهجرة العوائل في المناطق المتضررة».


مقالات ذات صلة

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً

قال البنك الدولي إن الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً، موضحاً أن له تأثيرات البشرية والاقتصادية بعيدة المدى.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».