مبعوث الأمم المتحدة يسعى إلى احتواء رفض البرلمان الليبي السابق لوثيقة الحوار الوطني

مجلس النواب يتهم المفتي بالتحريض على القتال واستباحة الدماء

مبعوث الأمم المتحدة يسعى إلى احتواء رفض البرلمان الليبي السابق لوثيقة الحوار الوطني
TT

مبعوث الأمم المتحدة يسعى إلى احتواء رفض البرلمان الليبي السابق لوثيقة الحوار الوطني

مبعوث الأمم المتحدة يسعى إلى احتواء رفض البرلمان الليبي السابق لوثيقة الحوار الوطني

سعى برناردينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا، أمس، إلى تدارك رفض المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، مسودة المقترحات التي قدمها حول الاتفاق السياسي في ليبيا، وأعلن في المقابل أن «الوثيقة لا تزال في مرحلة التطوير».
وقال ليون في بيان صحافي وزعه أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «يجب أن يتم التعامل معها على هذا الأساس إلى أن تتوصل جميع الأطراف إلى إجماع حول ما تعتقد أنه يشكل تسوية سياسية قابلة للتطبيق»، موضحا أن المسودة تسعى إلى إيجاد وتطوير أرضية وسط في ما يخص المسائل الأكثر صعوبة وحساسية، كما أنها تحدد رؤية تتعلق بالفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أنها تستند إلى عدد من المبادئ الأساسية، من ضمنها عدم المساس بالعملية الديمقراطية، والفصل الواضح بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأضاف ليون موضحا: «تعتبر البعثة أن هذا الأمر يعد أمرًا أساسيًا لتمكين الحكومة والدولة من العمل بصورة صحيحة، ولتقديم الضمانات السياسية اللازمة لصون حكومة الوفاق الوطني المستقبلية، وتزويدها بالقدرة الكافية لكي تتمكن من معالجة التحديات الجمة التي تواجه ليبيا».
وقدم ليون أمس إحاطة لمجلس الأمن خلال مشاورات مغلقة حول آخر مستجدات عملية الحوار الليبي والتحديات التي تواجهها، علما بأنه استبق هذه الجلسة بالإعلان عن عزمه إجراء مشاورات مع جميع الأطراف خلال الأيام القليلة القادمة، لكي يتم الاتفاق على تاريخ لاستئناف مباحثات الحوار.
في المقابل، أعلن البرلمان السابق وغير المعترف به دوليا في بيان له عدم اعترافه بمقترحات ليون، وقال إنه «يرفضها جملة وتفصيلا لأنها لم تتضمن ما يمكن النظر فيه».
من جهته، توقع الدكتور أبو بكر بعيرة، عضو وفد الحوار عن مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له، انسحاب البرلمان السابق من جولة الحوار المقبلة، أو اتخاذ إجراءات سلبية أخرى.
وقال بعيرة في تصريحات، قبيل مغادرته مطار طبرق الدولي ضمن لجنة الحوار، المكونة من أربعة نواب في طريقهم إلى تونس لحضور اجتماع دعت إليه الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، إن «الوفد نجح في الحصول على اعتراف دولي بشرعية مجلس النواب في مقابل المؤتمر الوطني الذي ليست ليه شرعية»، على حد تعبيره.
ويتنازع على الشرعية والسلطة في ليبيا برلمانان وحكومتان، بعد سيطرة ميلشيات «فجر ليبيا» على العاصمة طرابلس وإحيائها للبرلمان السابق، وإنشائها لحكومة موازية لم تلقَ مع البرلمان المنبثقة عنه أي اعترافات من المجتمع الدولي.
في غضون ذلك، انتقد مجلس النواب مفتي ليبيا المقال من منصبه الشيخ الصادق الغرياني، واتهمه بالضلال وتحريف الدين الإسلامي. واتهم المجلس في بيان أصدره أمس، الغرياني بالتحريض خلال زيارته الأخيرة إلى مدينة مصراتة على القتال والتدمير، واستباحة دماء المسلمين في ليبيا، معتبرا أن ما جاء على لسانه ما هو إلا تزييف للحقائق وتحريف لدين الله السمح، الذي يدعو إلى حفظ دماء المسلمين وصون الأرواح والأعراض والممتلكات. وأضاف المجلس موضحا: «لقد ضل الغرياني بعيدا وهو يوزع صكوك الغفران».
في سياق آخر، نفى الأمن الوطني لمدينة البيضاء عثور قوات الأمن على خمسة إعلاميين يعملون لقناة محلية اختطفوا منذ أغسطس (آب) الماضي، إذ نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مسؤول أمني قوله إنه «بعد الاتصال بمديرية الأمن الوطني لمدينة أجدابيا، حيث مقر القناة وحيث يقطن المختطفون، اتضح أن هذه المعلومات جاءت بناء على اعترافات لأحد الإرهابيين المسجونين، لكنهم لم يعثروا على جثث بعد».
ولا يزال مصير الإعلاميين غامضا بعد مرور ثمانية أشهر على اختطافهم بالقرب من مدينة درنة التي تبعد نحو 1300 كلم (شرق طرابلس)، وتعتبر معقلا للجماعات المتطرفة.
في غضون ذلك، قال مسؤول عسكري إن «الطيران التابع للجيش الليبي الموالي للشرعية قد شن أمس غارة جوية جديدة على بوابة الهيرة المدخل الشمالي لمدينة غريان»، وأضاف المسؤول لوكالة الأنباء الموالية لميلشيات فجر ليبيا أن القصف لم يسفر عن أية أضرار بشرية، مشيرا إلى أن الميلشيات ثابتة في مواقعها، وتسيطر على منطقة الهيرة بالكامل، وتقوم بتأمين المنطقة.
من جانبها، نفت ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، المسيطرة على طرابلس، وجود أمراض معدية منتشرة في سجون الشرطة القضائية التابعة لها. واعتبرت وزارة العدل في هذه الحكومة في بيان لها أن الهدف من بث مثل هذه الشائعات هو الإساءة إلى حكومة الثوار، ودعت في المقابل كل المنظمات الحقوقية والوطنية والدولية ووسائل الإعلام المحلية والدولية إلى زيارة كل المؤسسات للوقوف على عين الحقيقة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.