منع سفر وزير المالية العراقي واستدعاؤه إلى البرلمان

صورة من رسالة نائب رئيس البرلمان العراقي إلى الادعاء العام تطالب بمنع سفر وزير المالية
صورة من رسالة نائب رئيس البرلمان العراقي إلى الادعاء العام تطالب بمنع سفر وزير المالية
TT

منع سفر وزير المالية العراقي واستدعاؤه إلى البرلمان

صورة من رسالة نائب رئيس البرلمان العراقي إلى الادعاء العام تطالب بمنع سفر وزير المالية
صورة من رسالة نائب رئيس البرلمان العراقي إلى الادعاء العام تطالب بمنع سفر وزير المالية

أثارت الانتقادات التي وجهها وزير المالية العراقي، علي عبد الأمير علاوي، لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ولنائب رئيس البرلمان حاكم الزاملي عن «الكتلة الصدرية»، جدلاً واسعاً، كما أثارت استغراب معظم الأوساط العراقية، لكونها المرة الأولى التي تصدر فيها تصريحات علنية عن وزير في الحكومة لزعيم التيار الصدري الذي يحظى بشعبية كبيرة في بعض المناطق الشعبية ببغداد وبعض المحافظات، ويحتكم على 73 نائباً في البرلمان، ما دفع نائب رئيس البرلمان (الزاملي)، أمس السبت، إلى توجيه انتقادات لاذعة للوزير واتهامه بالفشل في إدارة وزارة المالية.
الخصام بين الصدريين والوزير علاوي، أتى على خلفية المطالبات الشعبية هذه الأيام بإعادة رفع صرف سعر الدينار العراقي، نظراً للزيادة المتحققة في أسعار النفط العالمية، بعد أن قام المركزي العراقي وبدعم من وزارة المالية عام 2020 بتخفيض سعر الصرف إلى نحو 23 في المائة مقابل سعر الدولار، حيث طالب الصدر عبر تغريدة، أول من أمس، البرلمان، باستضافة وزير المالية ومحافظ البنك، فوراً، لمناقشتهما حول أسعار الصرف والمشكلات المرتبطة بمزاد العملة في البنك المركزي، فما كان من وزير المالية إلا توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، رافضاً فيها الحضور إلى البرلمان، وانتقد طريقة طلب حضوره من قبل الزاملي.
وقال الوزير علاوي في رسالته، إنه تلقى استدعاء من نائب رئيس مجلس النواب للمثول أمامه أمس السبت، لبحث سعر الصرف، والاستدعاء «جاء فور تغريدة من السيد مقتدى الصدر يطالبني فيها بالمثول أمام البرلمان مباشرة لمناقشة سعر الصرف، من الواضح إذن أن استدعاء نائب رئيس مجلس النواب جاء نتيجة تغريدة السيد مقتدى زعيم التيار الصدري الذي ينتمي إليه نائب رئيس مجلس النواب». وأضاف علاوي: «أجد أن العملية برمتها غير مقبولة، ولا يجب السكوت عنها، سواء لكرامة الحكومة أو كرامتي كوزير أو كرامتي الشخصية وكرامة عائلتي».
واعتبر علاوي أن «الحكومة ليست مسؤولة أمام أي حزب سياسي. إنها مسؤولة فقط أمام الشعب العراقي من خلال مجلس نوابه المنتخب. إذا لم نرفض كحكومة هذه التدخلات الشائنة في وظيفة الحكومة من قبل الأحزاب السياسية، فقد نتنازل عن استقلال الحكومة باعتبارها الذراع التنفيذية للدولة». وتابع: «أرفض استدعاءات نائب رئيس مجلس النواب رفضاً قاطعاً، لأنه من الواضح أنها خارج صلاحياته. كما أنني أرفض إدارة الحكومة تماماً من خلال التغريدات من القادة السياسيين، بغض النظر عن شعبيتهم ومكانتهم».
ودافع علاوي عن قرار دعمه لخفض سعر صرف الدينار، وقال إنه حظي بدعم المجتمع الدولي، ومجلس الوزراء، والبنك المركزي العراقي، والأحزاب السياسية في اجتماعين منفصلين مع قيادتها في ذلك الحين. وأعرب علاوي عن استعداده للدفاع عن موقفه وسياساته الاقتصادية والمالية «أمام مجلس النواب ككل وليس أمام فصيل برلماني معين».
وفي موضوع ذي صلة بأسعار الصرف والخلاف الصدري مع علاوي، استضاف مجلس النواب، أمس، محافظ البنك المركزي مصطفى غالب ونائبه، لمناقشة النتائج المترتبة على ارتفاع الأسعار نتيجة رفع سعر صرف الدولار دون حضور وزير المالية. وقال الزاملي حسب بيان لمكتبه الإعلامي، إنه «سيتم إصدار كتاب منع سفر بحق وزير المالية، محملاً وزارة الداخلية وجهاز المخابرات مسؤولية سفره، لحين إكمال متطلبات حضوره لمجلس النواب والإدلاء بشهادته وحسم الملفات التي على عاتقه». وأضاف أن «مجلس النواب سيعقد جلسة طارئة الأسبوع الحالي بناء على طلب مقدم من 50 نائباً، لمناقشة السياسة المالية وتهريب العملة وسعر الصرف».
ولم ينس بيان الزاملي توجيه انتقادات لاذعة للوزير علاوي، حيث ذكر أن «وزير المالية نقل تجاربه الخاسرة للشركات التي أدارها خارج العراق، ولم يقدم أي شيء لهذا البلد، وساهم بارتفاع ديون العراق إلى 27 تريليون دينار في عام واحد فقط». وتابع أن «وزارة المالية لم ترسل حساباتها المالية لغاية الآن، ولم تتخذ أي إجراءات لاستحصال الديون لدى شركات الاتصال والأموال المهربة والفضائيين»، مشدداً على أن «لديه ملفات تدين الوزير نفسه وكذلك وزارة المالية».
وفيما التزم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الصمت حيال رسالة الوزير علاوي الموجهة إليه والتصريحات العدائية المتكررة التي خرجت عن الصدريين، حفلت مواقع التواصل العراقية بآلاف التعليقات المؤيدة والمنتقدة للوزير علاوي ولتيار الصدر.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.