«الأعلى للدولة» يتراجع مجدداً عن «تأييد» حكومة باشاغا

المنفي إلى بروكسل للمشاركة في قمة الاتحادين الأفريقي والأوروبي

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي مستقبلاً المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز (مجلس النواب)
عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي مستقبلاً المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز (مجلس النواب)
TT

«الأعلى للدولة» يتراجع مجدداً عن «تأييد» حكومة باشاغا

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي مستقبلاً المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز (مجلس النواب)
عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي مستقبلاً المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز (مجلس النواب)

للمرة الثانية على التوالي، سجّل «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا تراجعاً لافتاً عن تأييد حكومة «الاستقرار» الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، الذي وسّع من دائرة مشاوراته لتشكيلها، خلفاً لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأكد أنه سيجتمع مع أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الغربية، ورئيس وأعضاء مجلس الدولة ورئيس المجلس الرئاسي ونائبيه، بهدف إشراك الجميع للوصول إلى أكبر قدر من التوافق في تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنه أجرى أيضاً مشاورات مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وعدد من أعضائه من المنطقتين الشرقية والجنوبية.
واعتبر خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أن إصدار مجلس النواب قرار تكليف رئيس للحكومة قبل بتّ مجلس الدولة في هذا الشأن «إجراء غير سليم»، ورأى، في بيان مقتضب، وزّعه في ساعة مبكرة من صباح أمس، أن القرار «لا يساعد على بناء جسور الثقة بين المجلسين».
وأثار صدور بيانين متعارضين، مساء أول من أمس، عن أعضاء المجلس، جدلاً واسعاً، بعدما أصدر 54 عضواً بياناً مشتركاً، أعلنوا فيه رفضهم لقرار مجلس النواب بشأن تغيير الحكومة، وإقرار التعديلات الدستورية، وأعرب 75 من أعضاء المجلس عن دعمهم له.
في المقابل، أبلغ صالح المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، خلال اجتماعهما أمس، بأن «المرحلة الحالية تقتضي وجود حكومة تعمل لكل الليبيين لتوفير الخدمات لكل المواطنين، دون إقصاء أو تهميش لفئة دون أخرى، أو مدينة دون الأخرى». وأكد قدرة مجلس النواب على العمل على المصالحة الوطنية الشاملة، بالتعاون مع المجلس الرئاسي وكل الأطراف، بالإضافة إلى دعم الجهود كافة في هذا المسار.
ونقل بيان أصدره صالح عن ويليامز، إشادتها بـ«التوافق الحاصل بين مجلسي النواب والدولة»، وتأكيدها على أن حل الأزمة الليبية «يجب أن يكون ليبياً - ليبياً، دون تدخلات أجنبية».
في سياق ذلك، اعتبر خالد ضو، وكيل هيئة الرقابة الإدارية، أن قرار الدبيبة بشأن تشكيل لجنة وزارية، تتولى إعداد مسوّدة قانون الانتخابات «معيباً واغتصاباً للسلطة، ويسهم في خلق حالة من الفوضى»، وطالبه بسحبه لـ«مخالفته لصحيح القانون». ورأى ضو في رسالة وجهها إلى الدبيبة، ونشرتها وسائل إعلام محلية، أن قرار سحب النواب الثقة من حكومة تصريف أعمال، «يبطل كل قرار منها خارج هذا القيد»، موضحاً أن أهداف الحكومة هي خلق الاستقرار الإداري ومعالجة أوضاعه، وليس التعدي على السلطة التشريعية.
وعلى صعيد متصل، أعرب ممثلو المنطقة الغربية داخل اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، في بيان، عن مخاوفهم من تهديد عملية بناء السلام وتعرضها للانهيار، ودعوا جميع الأطراف إلى ضبط النفس، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية الضيقة. ورحّب الفريق أمراجع العمامي، رئيس وفد «الجيش الوطني» في اللجنة العسكرية، بقرارات مجلس النواب بشأن إقالة الدبيبة، لكنه ربط توحيد المؤسسة العسكرية، وخروج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية بوجود حكومة موحدة، على اعتبار أن ذلك يحتاج إلى قرار سياسي.
وقال العمامي، في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، إن عملية توحيد المؤسسة العسكرية مستمرة، وتحتاج إلى جهد ووقت، ليكون هناك قرار سياسي، ويكون هناك وزير دفاع، وقائد واحد، ورئيس أركان واحد للجيش.
في شأن آخر، وبعد ساعات فقط من الإعلان عن دعمه لحكومة «الاستقرار»، أضرم مجهولون النار، مساء أول من أمس، داخل مقر المجلس البلدي لمدينة بني وليد، الواقعة على بُعد 180 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس. وأعلن المجلس تعرض مقره لما وصفه باعتداء من قبل الخارجين عن القانون، وطالب وزارة الداخلية، ومختلف المؤسسات الأمنية بسرعة اتخاذ الإجراءات، الكفيلة بضبط مرتكبي تلك الواقعة وتقديمهم للجهات المختصة.
وتوجه محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، أمس، إلى العاصمة البلجيكية بروكسل للمشاركة في قمة الاتحادين الأفريقي والأوروبي، التي ستعقد على مدى اليومين المقبلين.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.