فرنسا تعرب عن «قلقها» حيال توسيع الرئيس التونسي صلاحياته

TT

فرنسا تعرب عن «قلقها» حيال توسيع الرئيس التونسي صلاحياته

أعرب وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، ليلة أول من أمس، عن قلقه بعد أن منح الرئيس التونسي قيس سعيد نفسه «صلاحيات واسعة» على حساب القضاء في المحمية الفرنسية السابقة، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وكان سعيد قد وقع الأحد مرسوماً لاستحداث «مجلس قضاء مؤقت»، يحل مكان «المجلس الأعلى للقضاء»، وأعطى لنفسه صلاحيات واسعة تشمل عزل القضاة في حال الإخلال بواجباتهم.
وقال لودريان أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي: «كان هناك عدد من الإجراءات المقلقة من قبل الرئيس قيس سعيد. أنا أفكر على وجه الخصوص بحل المجلس الأعلى للقضاء».
وبعد ساعات على نشر المرسوم الأحد الماضي، تجمع أكثر من ألفي متظاهر في وسط العاصمة التونسية، حاملين الأعلام الوطنية، ولافتات كُتب عليها: «أنقذوا ديمقراطيتنا»، وأخرى تطالب بعدم المس بالقضاء. وكان سعيد قد أصدر في 25 يوليو (تموز) 2021 قرارات، يقول منتقدوه إنه احتكر بموجبها السلطات، بعد أن علق عمل البرلمان وأقال الحكومة، وهو مذاك يمارس الحكم عبر إصدار مراسيم، وتعليق أجزاء من دستور 2014 الذي كان قد وعد بتعديله. لكن في المقابل، رحب تونسيون كثر بالخطوات التي اتخذها، بعدما ضاقوا ذرعاً بأحزاب سياسية يعدّونها فاسدة، وتسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، في وقت يؤكد فيه معارضون له إعادة البلاد إلى زمن النظام المتسلط. وتزامن الموقف الفرنسي مع الموقف الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، التي أعربت عن «قلقها» هي الأخرى، إزاء قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، وفق بيان نشرته سفارة الولايات المتحدة لدى تونس أول من أمس. وقالت السفارة الأميركية لدى تونس إن اثنين من المسؤولين الأميركيين التقيا ممثلين عن المجتمع المدني في تونس لبحث التطورات السياسية، وذلك في أعقاب قرار الرئيس قيس سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء. وكانت واشنطن قد عبرت في وقت سابق يوم الاثنين عن قلقها إزاء قرار سعيد، في تصعيد للضغط الدولي على الرئيس التونسي.
وقالت السفارة الأميركية، في بيان، إن كارين ساساهارا وكريستوفر لومون، نائبي مساعد وزير الخارجية، التقيا ممثلين عن المجتمع المدني التونسي لمناقشة التطورات السياسية والقضائية الأخيرة.
ويوم الاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس: «نشعر بالقلق إزاء قرار الرئيس سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء. وقد انضممنا الأسبوع الماضي إلى شركائنا الذين نتقاسم معهم المواقف نفسها للتأكيد على أن القضاء المستقل عنصر أساسي لديمقراطية فعالة وشفافة». وعزز الرئيس التونسي قبضته على القضاء بمرسوم يسمح له بعزل القضاة، وبمنع ترقيتهم، ويحظر إضراب القضاة، مما يتيح له تعزيز سلطته بعد توليه السلطة التنفيذية والتشريعية الصيف الماضي. في السياق ذاته، قال جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، إن هناك مقترحات قيد المناقشة لوقف صرف المساعدات المالية؛ التي كانت مبرمجة لتونس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.