تل أبيب تؤكد وصول الغاز الإسرائيلي إلى لبنان عبر مصر والأردن

«يديعوت أحرونوت»: «حزب الله» كان يعرف ولم يعترض

TT

تل أبيب تؤكد وصول الغاز الإسرائيلي إلى لبنان عبر مصر والأردن

أكدت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين إلهارار، ما نشر من أنباء تم نفيها في بيروت، عن أن «غازاً إسرائيلياً سيصل إلى لبنان». وقالت إلهارار، في القاهرة؛ حيث تشارك على رأس وفد إسرائيلي كبير، في مؤتمر مصر الدولي للبترول «إيجبس 2022»، إنها سعيدة بالتطورات التي تحصل في الشرق الأوسط، وتغلّب التعاون على العداء.
وكانت مصادر لبنانية رسمية عديدة قد نفت هذا النبأ في الأسابيع الماضية. وقالت في بيان حكومي إن «اتفاقية توريد الغاز تنص على أن الغاز مصري وليس إسرائيلياً»؛ لكن إلهارار التي سُئلت خلال مؤتمر صحافي، عما إذا كان هناك احتمال أن يصل الغاز الذي تستخرجه إسرائيل من آبار في عمق البحر الأبيض المتوسط، إلى مصر والأردن، وفي نهاية المطاف إلى لبنان، فأجابت بشكل صارم: «نعم، سيكون ذلك». ثم أضافت: «أنا لا أنشغل بهذا. فنحن نبيع الغاز إلى مصر. هي زبوننا، وهي التي تبيعه إلى الآخرين». وقالت إن «اقتصاد الطاقة الإسرائيلي هو جسر لتوطيد العلاقات مع دول المنطقة. أنا سعيدة بفرصة تمثيل إسرائيل في هذا المنتدى المهم والمتنوع، على أمل أن تكون هذه خطوة أخرى على طريق توسيع دائرة السلام».
كما تحدث وزير الطاقة المصري، طارق الملا، أمام المؤتمر الخاص بنقل الغاز إلى لبنان، قائلاً إن موعد بدء نقل الغاز مرهون بالأردن ولبنان. وأضاف أن أعمال تجهيز البنية التحتية الفنية لنقل الغاز قد تكتمل في غضون بضعة شهور.
وأعلن وزير الطاقة الأردني، صالح الخرابشة، أن تصدير الكهرباء إلى لبنان سيبدأ الشهر المقبل، بعد الاتفاق مع البنك الدولي على تمويل الكمية.
وفي تل أبيب، تم تناول الموضوع بمناسبة مرور 30 سنة على تسلم حسن نصر الله قيادة «حزب الله». وحسب محررة الشؤون العربية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن الإسرائيليين يعرفون أن نصر الله لم يعترض على صفقة الغاز هذه؛ بل غض الطرف عنها؛ لأنه لا يجد بديلاً جدياً حقيقياً، لا من طرف إيران ولا أي جهة أخرى. فوصول الغاز من الأردن هو أقصر الطرق وأسرعها لحل معضلة الطاقة في لبنان. والجميع يعرفون أن الغاز يصل إلى الأردن من إسرائيل ومصر. وهناك اتفاقية علنية موقعة بين لبنان والأردن ومصر وسوريا، تنص على إمداد لبنان بالكهرباء والغاز، لحل أزمة الطاقة التي يعاني منها منذ شهور.
يذكر أن الوزيرة إلهارار، وهي مقعدة في كرسي متحرك، بسبب مرض شل قدرتها على الوقوف والمشي، بكت عندما تعامل معها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشكل مميز. فعندما دخل إلى القاعة رحب بجميع الحضور إلى المؤتمر، ولم يجلس في مقعده؛ بل تقدم إلى موقعها على المقعد المتحرك، ورحب بها بشكل خاص وبمشاركتها في المؤتمر. فتأثرت حتى الدموع. وشارك رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، ومئات ألوف الإسرائيليين، هذا المقطع، على حساباتهم في الشبكات الاجتماعية. وكتب بنيت في موقعه على «تويتر»: «الرئيس السيسي، لقد لامست مشاعرنا جميعاً».
وكانت وزارة الطاقة الإسرائيلية قد أصدرت بياناً أشارت فيه إلى أن «هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها ممثلون رسميون عن إسرائيل في هذا المؤتمر». وقد ضم الوفد كلاً من الوزيرة إلهارار، والمدير العام للوزارة، ليئور شيلات، ومسؤولين كبار آخرين من الوزارة، وممثلين عن شركات إسرائيلية مختلفة لإنتاج الغاز والطاقة الكهربائية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.