دمشق تفرض «تسويات» جديدة في أريافها

تشمل المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية

مركز التسويات في المعضمية قرب دمشق (سانا)
مركز التسويات في المعضمية قرب دمشق (سانا)
TT

دمشق تفرض «تسويات» جديدة في أريافها

مركز التسويات في المعضمية قرب دمشق (سانا)
مركز التسويات في المعضمية قرب دمشق (سانا)

فرضت الحكومة السورية «تسويات جديدة» على مدن وبلدات محافظة ريف دمشق، بهدف ترسيخ سيطرتها وذلك بعدما فرضت «اتفاقات تسوية» في تلك المناطق خلال سنوات الحرب الماضية واستعادت السيطرة عليها.
وكانت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) الرسمية، أعلنت في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي، أنه «في إطار استكمال اتفاقات التسوية التي طرحتها الدولة في عدة محافظات، بدأت عملية تسوية في بلدة «الكسوة» ومحيطها بريف دمشق الجنوبي (الغربي) وتشمل المطلوبين المدنيين والعسكريين الفارين من الخدمة والمتخلفين عنها»، في حين ذكر معتز جمران محافظ ريف دمشق في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية أن التسويات انطلقت من «الكسوة» باتجاه كل المحافظة (الغوطتين الغربية والشرقية ومناطق القلمون الغربي والشرقي وشمال وجنوب المحافظة).
كما كشف عضو مجلس الشعب السوري (البرلمان) عبد الرحمن الخطيب أن السلطات «ستمنح المطلوبين مهلة تصل إلى 3 أشهر لتسليم أنفسهم».
وذكرت «سانا»، أن عملية التسوية «تسهم بترسيخ الاستقرار الذي تشهده قرى بلدات الغوطة الغربية وبإفساح المجال لجميع الراغبين بتسوية أوضاعهم بما يتيح لهم ممارسة دورهم الحقيقي في مجتمعهم وبين رفاقهم العسكريين للدفاع عن الوطن».
وأعقب ذلك تنفيذ العملية في بلدة «زاكية» التابعة لناحية «الكسوة» التي شهدت أيضاً عملية تسوية لـ«المطلوبين المدنيين والعسكريين الفارين من الخدمة والمتخلفين عنها» من أبناء جميع البلدات والقرى التابعة لها، ومن ثم انتقل تنفيذ التسوية إلى مدينة «معضمية الشام» ومن ثم مدينة «داريا».
وكانت معظم مناطق ريف دمشق انضمت إلى الحراك السلمي الذي اندلع منتصف مارس (آذار) 2011 ومن ثم ما لبث أن تحول بعد أشهر إلى حرب طاحنة بين فصائل المعارضة المسلحة والجيش النظامي وحلفائه. وقد استعادت الحكومة السورية بمساندة روسيا وإيران السيطرة على مناطق ريف دمشق، بينما ما زال عدد من المناطق في شمال غربي البلاد تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة معارضة، فيما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على شمال شرقي سوريا.
واللافت، أن فرض التسويات الجديدة يأتي بعدما كانت الحكومة أجرت في سنوات سابقة «اتفاقات تسوية» في مناطق ريف دمشق مع فصائل المعارضة المسلحة ومنها أكثر من مرة، والتي أفضت إلى استعادتها السيطرة على تلك المناطق وترحيل الرافضين للاتفاقات إلى الشمال السوري، كما حصل في مدينة «التل» شمال المحافظة بداية العام 2016، و«داريا» و«معضمية الشام» أواخر أغسطس (آب) من نفس العام، و«كناكر» أواخره، وقرى وادي بردى في بداية 2017، وبلدات «يلدا»، و«ببيلا»، و«بيت سحم» في نوفمبر (تشين الثاني) 2017، ودوما (في الغوطة الشرقية) في أبريل (نيسان) 2018.
ويعرب كثير من أهالي مناطق الغوطة الغربية التي تجري فيها «التسويات» عن استغرابهم من فرض «التسويات الجديدة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، أحدهم: «في درعا كانت هناك فصائل مسلحة وفرضوا التسوية وأجبروا المسلحين على تسليم السلاح، ولكن هنا منذ سنوات هجروا المسلحين ولم يبق منهم أحد والمناطق محكومة بالحديد والنار، وبعد التهجير أجروا عملية تسوية لمن بقي، وهم (الحكومة) لم يلتزموا بها، (إذ) لم يفرجوا عن المعتقلين الذين يهجس بهم أهاليهم في الليل والنهار، ولكنهم (الحكومة) يريدون الزج بمن تبقى من أبنائنا بالجيش».
ويقول متابعون لملف التسويات لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة خلال سنوات الحرب استعادت السيطرة على مناطق كانت خارج سيطرتها إما بـ«عمليات عسكرية» وإما بـ«اتفاقات تسوية» مع الفصائل المسلحة، وعندما كانت تبرم «اتفاق تسوية» في إحدى المناطق لأول مرة كانت تعتبر أنه اتفاق «أولي وليس نهائيا»، والآن بفرضها «تسويات جديدة» في مناطق سبق أن استعادت السيطرة عليها تريد ترسخ سيطرتها بشكل كامل على تلك المناطق».
ويضيف هؤلاء المتابعون، «من ناحية أخرى، دمشق من خلال هذه التسويات والترويج لها عبر وسائل إعلامها تريد فرض رؤيتها لـ«الحل»، والقول أن هذه «التسويات» هي الحل، وليس «التسوية السياسية»، خاصةً بعد فرضها التسوية أواخر العام الماضي بمساندة من حلفيها الروسي في محافظة درعا جنوب البلاد».
ويرى أحد المتابعين، أنه بعدما باتت مناطق سيطرة الحكومة السورية «مقسمة إلى مناطق نفوذ (بين الحكومة والحلفاء روسيا وإيران)، قد يكون من بين أهداف «التسويات الجديدة» هو نقل السيطرة على تلك المناطق من قطعة عسكرية أو جهاز أمني إلى آخر يكون موال أكثر لصاحب النفوذ فيها».
متابع آخر، يشير إلى أن الحكومة ومنذ بدئها بالترويج لـ«التسويات» باستحداث وزارة تحمل اسم «المصالحة الوطنية» منتصف العام 2012، ومن ثم إلغاؤها بعد عدة سنوات، جندت الكثير من الشخصيات الموالية لها (رجال الدين، وجهاء، مخاتير وتجار) لتسويق تلك «التسويات»، وبالتالي «قد يكون من ضمن أهداف التسويات الجديدة مكافأة الشخصيات التي نجحت في أداء المهمة التي أوكلت لها وتعويمها».
وذكر مركز «جسور للدراسات» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بدراسة تحليلية، أن السلطات السورية وقعت ما لا يقل عن 60 اتفاق تسوية محلية في أكثر من 25 منطقة بين عامي 2013 و2018.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.