بعد أن أنهى الدوري الإنجليزي الممتاز عطلته الشتوية، وحصل اللاعبون المنهكون على بعض الراحة من أجل استعادة عافيتهم مرة أخرى، وبعد أن ضمن المنتخب الإنجليزي التأهُّل لنهائيات كأس العالم المقبلة، من الصعب تجنُّب الشعور بأنه لا توجد إثارة حقيقية في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم.
ودائماً ما يتم الترويج للدوري الإنجليزي الممتاز على أنه البطولة الأكثر إثارة في عالم كرة القدم، لكن الوضع لم يكن كذلك خلال الموسم الحالي. فهل لا يزال بإمكاننا الحديث عن صراع الحصول على لقب الدوري، في الوقت الذي يتصدر فيه مانشستر سيتي جدول الترتيب بفارق كبير عن أقرب منافسيه؟ لقد كانت هناك آمال بأن يكون هناك صراع ثلاثي شرس بين مانشستر سيتي وليفربول وتشيلسي على اللقب، لكن هذه الآمال انتهت مبكرا بعدما حقق مانشستر سيتي، بقيادة مديره الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، الفوز في 12 مباراة متتالية خلال الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى يناير (كانون الثاني).
وحتى بعد تعثر مانشستر سيتي وتعادله مع ساوثهامبتون بهدف لكل فريق - في مباراة سدد فيها مانشستر سيتي 20 كرة على المرمى، ووصلت نسبة استحواذه على الكرة إلى 74 في المائة - لا يزال من الصعب للغاية التفكير في أي شيء آخر، غير أن مانشستر سيتي سيكون بطلاً للنسخة الحالية من الدوري الإنجليزي الممتاز. ويبدو أن هذا الفريق المدجج بالنجوم الذي يلعب بشكل مثالي لا يريد الانتظار حتى شهر مايو (أيار) ليحسم حصوله على اللقب. في الواقع، تتمثل الدراما الأكثر وضوحًا في الدوري الإنجليزي الممتاز في مكان آخر غير الصراع على اللقب، فالإثارة الوحيدة بالقرب من القمة تتمثل في هوية الفريق الذي سيحتل المركز الرابع في جدول الترتيب.
من الناحية النظرية، لا يزال وولفرهامبتون صاحب المركز الثامن قادراً على إنهاء الموسم في المركز الرابع، بالإضافة إلى أن هناك فرقاً جيدة أخرى، تقاتل من أجل تحقيق هذا الإنجاز من أجل المشاركة في دوري أبطال أوروبا، مثل توتنهام بقيادة المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي، الذي ساعد الفريق على تحقيق نتائج جيدة للغاية في الآونة الأخيرة. وهل أرسنال جيد الآن بما يكفي لإنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى؟ وهل ينجح ميكيل أرتيتا في بناء فريق قوي لديه دوافع كبيرة للمرة الأولى، في حقبة ما بعد آرسين فينغر؟ أم أن هذا مجرد فريق يقدم مستويات جيدة من آن لآخر، ولن يكون قادراً على منافسة الفرق القوية؟
إن الشيء الغريب في الدوري الإنجليزي الممتاز، بل وعلى وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً، يتمثل في أنه من الممكن تصديق هذين الأمرين في وقت واحد تقريباً، اعتماداً على آخر نصف ساعة من أي مباراة يلعبها أرسنال، وما إذا كان غرانيت تشاكا سيحصل على البطاقة الحمراء أم لا! لكن النتيجة الأكثر احتمالاً هي أن المراكز الأربعة الأولى ستبقى كما هي الآن. لقد ضمن مانشستر سيتي وليفربول وتشيلسي المراكز الثلاثة الأولى بالفعل. وعلى الرغم من كل عيوب مانشستر يونايتد، إلا أن الفريق لديه أربعة من بين أعلى خمسة لاعبين أجراً في الدوري الإنجليزي الممتاز، ويمكنه تحمل غياب لاعبين بقيمة 90 مليون جنيه إسترليني، لأن لديه كوكبة من اللاعبين المميزين للغاية في الناحية الهجومية، ويمكن لأي منهم أن يحسم الأمور تماماً، حتى عندما يكون الفريق في أسوأ حالاته. وبالتالي، فمن المتوقع أن ينجح مانشستر يونايتد في إنهاء الموسم في المركز الرابع.
لكن الإثارة الحقيقية توجد في أسفل جدول الترتيب بين الأندية التي تقاتل من أجل تجنب الهبوط لدوري الدرجة الأولى. وتبدو الفوارق بين الأندية هامشية للغاية في مؤخرة جدول الترتيب، حيث إن سبع نقاط فقط هي من تفصل بيرنلي صاحب المركز الأخير عن إيفرتون الذي يحتل المركز السادس عشر، وبالتالي فهناك قدر كبير من الإثارة فيما يتعلق بصراع الهبوط. إن أي شخص كان موجوداً في ملعب «سيلهيرست بارك» لمشاهدة المباراة التي خسرها نوريتش سيتي أمام كريستال بالاس بثلاثية نظيفة سيفترض على الفور أن نوريتش سيتي سيكون أول فريق يضمن الهبوط لدوري الدرجة الأولى، خاصة في ظل الأداء الضعيف جداً من جانب لاعبي الفريق.
لكن بعد مرور ثلاثة أسابيع فقط على تلك المباراة، تمكن نوريتش سيتي من تصحيح أوضاعه والتقدم إلى المركز السابع عشر. وقد استفاد الفريق كثيراً من عودة عدد من اللاعبين الأساسيين من الإصابة، حيث أجرى المدير الفني، دين سميث، ستة تغييرات على التشكيلة التي لعبت أمام كريستال بالاس في المباراة التي فاز فيها نوريتش سيتي على واتفورد بثلاثية نظيفة في آخر مباراة له قبل فترة التوقف. ومن الواضح أن نوريتش سيتي يكون قادراً على فرض أسلوبه وطريقة لعبه أمام الفريق الأضعف منه، لكن الأمر يختلف تماماً أمام الأندية التي يمكنها التمرير بشكل جيد والاحتفاظ بالكرة لفترات طويلة. لكن قد يكون ذلك كافياً لضمان بقاء الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز، لأن هناك أندية أخرى تعاني من حالة أكبر من الفوضى.
وربما يكون ليدز يونايتد هو أكثر فرق المؤخرة ضماناً للبقاء، خاصة أن الفريق قد هبط إلى مراكز الخطورة بسبب بعض الظروف الغريبة، لكنه لا يزال يحتل المركز الخامس عشر، ويواجه خطر الهبوط أيضاً. إن هذا السباق إلى القاع مفتوح على مصراعيه تماماً. ويبدو واتفورد في وضع سيئ للغاية، على الرغم من أن التعاقد مع روي هودجسون يمكن أن يجعل الفريق يلعب ببعض البراغماتية. ورغم أن هودجسون يبلغ من العمر الآن 74 عاماً، لكنه يعرف كيف ينظم فريقًا بطريقة جيدة!
أما بيرنلي فيسعى للتغلب على التحدي الكبير المتمثل في ارتفاع معدل أعمار لاعبيه. وعلاوة على ذلك، فإن الفريق لعب أربع مباريات أقل من نوريتش سيتي، وخمس مباريات أقل من برينتفورد، الذي خسر ست مرات في مبارياته السبع الأخيرة، ويحتاج إلى إعادة ترتيب الأمور خلال العطلة الشتوية إذا كان يريد حقاً تجنب الهبوط.
وإذا هبط نيوكاسل يونايتد فإن تلك ستكون إحدى أبرز قصص الموسم في كرة القدم الأوروبية، وسيؤدي ذلك إلى زيادة غضب جماهير النادي المحبطة بالفعل. لكن يبدو من غير المحتمل أن يهبط نيوكاسل، خاصة بعد الصفقة التي أبرمها بالتعاقد مع مهاجم بيرنلي السابق كريس وود مقابل 25 مليون جنيه إسترليني، وهي الصفقة التي ربما ستؤذي بيرنلي أكثر مما ستساعد نيوكاسل.
وبعد انضمام ديلي آلي بالهولندي دوني فان دي بيك إلى إيفرتون بعد ساعات معدودة على التعاقد مع فرانك لامبارد للإشراف على الفريق، أصبح احتمال هبوط إيفرتون صعباً.
وهذا هو المكان الذي تُحدث فيه الأموال فرقاً حقاً. لقد أبرم نيوكاسل صفقة ذكية للغاية بالتعاقد مع كيران تريبيير، الذي سيكون مفيداً للغاية من الناحية التكتيكية. من ناحية أخرى، تشمل المباريات الخمس الأخيرة لنيوكاسل مواجهة كل من ليفربول ومانشستر سيتي وأرسنال التي تفوز عليه دائماً، بالإضافة إلى مواجهة نوريتش سيتي خارج ملعبه، ثم بيرنلي في الجولة الأخيرة. قد تكون الأمور قد اتضحت تماماً قبل ذلك الحين، لكن الشيء المؤكد هو أن الصراع الحقيقي في الدوري الإنجليزي هذا الموسم يدور في مؤخرة جدول الترتيب، وليس في القمة!
معركة الهبوط هي الأكثر شراسة وليس المنافسة على حصد اللقب في الدوري الإنجليزي
الصراع الحقيقي في القمة أصبح يدور فقط حول الحصول على المركز الرابع
معركة الهبوط هي الأكثر شراسة وليس المنافسة على حصد اللقب في الدوري الإنجليزي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة