موجة تهريب معاكسة من سوريا إلى لبنان لنقل المحروقات

صورة ارشيفية لصهاريج تعبر بلدة في عكار على الحدود بين لبنان وسوريا (المركزية)
صورة ارشيفية لصهاريج تعبر بلدة في عكار على الحدود بين لبنان وسوريا (المركزية)
TT

موجة تهريب معاكسة من سوريا إلى لبنان لنقل المحروقات

صورة ارشيفية لصهاريج تعبر بلدة في عكار على الحدود بين لبنان وسوريا (المركزية)
صورة ارشيفية لصهاريج تعبر بلدة في عكار على الحدود بين لبنان وسوريا (المركزية)

أقفلت سوريا معابر التهريب على الحدود مع شمال شرقي لبنان، بتعزيز القبضة الأمنية عليها، في محاولة لتقويض موجة التهريب المعاكسة التي تنطلق من الأراضي السورية إلى اللبنانية، وتمر عبرها المحروقات والخضار والماشية.
وفعل المهربون في الشهرين الأخيرين نشاط التهريب من الأراضي السورية إلى لبنان، حيث يتم تهريب المحروقات بشكل خاص، على خلفية التفاوت بسعره بين البلدين. ويبلغ سعر صفيحة المازوت في سوريا نحو 250 ألف ليرة لبنانية، بينما يبلغ سعرها في لبنان نحو 350 ألفاً (17 دولاراً) بسبب ندرتها واللجوء إلى بيعها في السوق السوداء أخيراً.
وأحكم الأمن العسكري السوري سيطرته على الجانب السوري من الحدود مع لبنان، عبر إقفال محكم للمسالك غير الشرعية، واتخذ إجراءات أمنية مشددة لمنع عبور السيارات اللبنانية إلى القرى السورية التي يسكنها لبنانيون في ريف القصير (جنوب غربي حمص)، كما تمنع عبور السيارات إلى الداخل اللبناني.
وقالت مصادر ميدانية في الهرمل لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الإجراءات «أدت إلى وقف عمليات التهريب تماماً من الجانبين على المعابر غير الشرعية في البقاع الشمالي»، وشمل إقفال الحدود سائر مسالك التهريب في منطقة الهرمل المحاذية للأراضي السورية من منطقة القاع في أقصى شمال شرقه، إلى الغرب بطول 22 كلم.
وتسلم «الأمن العسكري السوري» المعابر الحدودية غير الشرعية ونقاط المراقبة الحدودية وأمن الحدود، بعد سحب عناصر الفرقة الرابعة التي كانت مولجة بضبط أمن الحدود وتفتيشها ومراقبة الحدود البرية بين سوريا ولبنان.
ويؤكد مصدر ميداني لبناني أن عمليات التهريب «توقفت بالاتجاهين بين لبنان وسوريا تنفيذاً لقرار السلطات السورية بضبط الحدود عملاً بقرار تبديل القوات والفرق العسكرية اعتباراً من يوم الاثنين الماضي».
وأشار إلى أن أحد أسباب ضبط الحدود البرية «يعود إلى انتعاش التهريب من سوريا إلى لبنان»، موضحاً أن نشاط التهريب المضاد «تزايد مع انخفاض الأسعار في سوريا وارتفاعها في لبنان».
وقال المصدر إن سعر صفيحة المازوت المفقودة في لبنان «بات أقل بنحو 100 ألف ليرة عما هي عليه في سوريا»، وينسحب سعر البنزين الذي يقل سعره في سوريا عما هو عليه في لبنان بحو 30 ألف ليرة، كما يقل سعر قارورة الغاز في سوريا عن سعرها في لبنان بنحو 50 ألف ليرة لبنانية. ويشير المصدر إلى أن الطحين والمواد الغذائية «تراجع نشاط تهريبهما، بسبب تقارب الأسعار في الدولتين، ما يفقد المهرب أي مصلحة بتهريبهما».
وأشارت المصادر إلى إجراءات قانونية جديدة تمنع دخول السيارات والآليات اللبنانية إلى القرى التي يسكنها لبنانيون في الجانب السوري، وتربطها بالأراضي اللبنانية من ناحية الهرمل طرقات ترابية غير شرعية.
وتوازي الإجراءات السورية إجراءات أمنية لبنانية لمكافحة التهريب، وملاحقة عصابات سرقة السيارات التي تنقلها إلى الداخل السوري. وأكد مصدر عسكري لبناني لـ«الشرق الأوسط» أن فوج الحدود البري الثاني في الجيش اللبناني كثف إجراءاته الأمنية على معابر التهريب عند الحدود اللبنانية السورية، ويعمل على ملاحقة عصابات تهريب ونقل السيارات المسروقة من لبنان إلى الداخل السوري»، لافتاً إلى أن الجيش اللبناني «يعمل على مطاردة وملاحقة العصابات من خلال الكمائن لتوقيف المتورطين من أفرادها»، وقال إن الجيش «تمكن من توقيف 5 عصابات تتكون من عشرات الأفراد متخصصة بسرقة ونقل السيارات المسروقة إلى الداخل السوري على المعابر غير الشرعية في منطقة حوش السيد علي والمشرفة»، مؤكداً أن حاجز حربتا «أصبح ممراً إلزامياً بعد إقفال كل طرقات التهريب على السلسلة الغربية بسبب كثافة الثلوج». وأشار إلى أن الجيش سلم أفراد تلك العصابات إلى السلطات القضائية المختصة.
وتحدث مصدر أمني في البقاع عن أن إجراءات الجيش اللبناني بمؤازرة المخابرات وبالتعاون مع فوج الحدود البري «لاقت ارتياح الأهالي بوضع حد لعصابات سرقة السيارات التي كانت تتحرك على جانبي الحدود من البقاع الشمالي في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والبطالة في المنطقة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.