القوات الكردية في سوريا تطارد المتطرفين بعد استعادة السيطرة على سجن الحسكة

من القوات الكردية في الحسكة (أ.ف.ب)
من القوات الكردية في الحسكة (أ.ف.ب)
TT

القوات الكردية في سوريا تطارد المتطرفين بعد استعادة السيطرة على سجن الحسكة

من القوات الكردية في الحسكة (أ.ف.ب)
من القوات الكردية في الحسكة (أ.ف.ب)

واصلت القوات الكردية في شمال شرقي سوريا، اليوم الخميس، ملاحقة العشرات من الإرهابيين المتحصنين داخل سجن كبير كانت تمشطه غداة استعادتها السيطرة عليه من مجموعة تابعة لتنظيم «داعش» هاجمته قبل نحو أسبوع.
وأدت عملية اقتحام السجن الواقع في مدينة الحسكة والاشتباكات التي تلته إلى أكثر من 200 قتيل. وشكل هذا الهجوم «أكبر وأعنف» عملية للتنظيم منذ سقوطه قبل نحو ثلاث سنوات وفقدانه مساحات واسعة كان يسيطر عليها في سوريا.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من الولايات المتحدة، أنها استعادت، (الأربعاء)، السيطرة «الكاملة» على سجن «الصناعة» في حي غويران، منهية معارك استمرت 6 أيام تحولت خلالها كبرى مدن شمال شرقي سوريا إلى ساحة حرب، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

لكن عمليات التفتيش عن متوارين أظهرت أن «ما بين 60 و90 من المرتزقة يتحصنون» في قسم من مبنى السجن، بحسب «قوات سوريا الديمقراطية» التي أكدت في بيان أن نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها حتى الآن. وأضاف البيان: «قواتنا وجهت نداء الاستسلام الآمن لهؤلاء، حيث ستتعامل معهم بكل حزم في حال عدم الاستجابة».
وشهدت الحسكة حظر تجول لليوم الرابع توالياً، وأقفلت القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة كل منافذ المدينة بهدف الحيلولة دون خروج عناصر التنظيم منها وانتقالهم إلى مناطق أخرى.
ودفعت الاشتباكات نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى مساجد أو صالات أفراح في المدينة.

وتجمع عدد من السكان (الخميس) أمام حاجز عند مدخل حي غويران حيث تقع بيوتهم، يحاولون إقناع قوات الأمن بالسماح لهم بدخوله، على ما لاحظ مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال أبو حمزة الذي كان ينتظر وسط الصقيع مع أطفاله الخمسة: «جئنا لنتفقد بيوتنا». وأضاف: «لكنهم أبلغونا أن الوضع غير جيد، وقالوا لنا: عودوا أدراجكم الآن، وعندما يهدأ الوضع تعالوا».
وعلى مقربة منه، كانت امرأتان تحملان أكياساً من البلاستيك تحوي خبزاً، تحاولان الوصول إلى حي غويران لإيصال ما جاءتا به إلى السكان المحرومين منذ أيام المواد الغذائية الحيوية. وقالت إحداهما: «الأهالي معزولون وهم بلا خبز ولا ماء، وبلا شيء». وأضافت: «جئنا وغامرنا بأنفسنا لنشتري الخبز للحارة وسنوزعه».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»؛ الذي يتخذ من بريطانيا مقراً، بأن «عملية تمشيط السجن (التي تنفذها القوات الكردية) تجري بحذر شديد خوفاً من وجود انتحاريين أو ألغام وضعها عناصر التنظيم».

وأوقعت الاشتباكات منذ بدئها الأسبوع الماضي نحو 156 قتيلاً من عناصر التنظيم، و55 من القوات الكردية، إضافة إلى 7 مدنيين، بحسب حصيلة جديدة أعلنها «المرصد».
ورغم إصرار السلطات الكردية على أنه لم يفر من السجن أي سجين، أشار «المرصد» إلى هروب عدد كبير من السجناء بعد الهجوم.
وكان سجن «الصناعة» في حي غويران بمدينة الحسكة يضم نحو 3500 معتقل منتمين إلى التنظيم؛ بينهم نحو 700 من القصّر، قبل تعرضه لهجوم التنظيم الذي بدأ بتفجير شاحنتين مفخختين يقودهما انتحاريان.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» أن السجناء يُنقلون «إلى مكان آمن»، فيما عملياتها في سجن غويران ومحيطه «مستمرة وستستمر».
وتضم السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا 12 ألف إرهابي من نحو 50 جنسية، وفق السلطات الكردية.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».