واشنطن تربط استئناف المساعدات للسودان بعودة الحكومة المدنية

«السيادي» قال إنه تم الاتفاق على تعديل الوثيقة الدستورية... والمظاهرات تمتد

متظاهرون يحرقون إطارات بعد مقتل العشرات على يد قوات الأمن السودانية في الخرطوم أمس (أ.ب)
متظاهرون يحرقون إطارات بعد مقتل العشرات على يد قوات الأمن السودانية في الخرطوم أمس (أ.ب)
TT

واشنطن تربط استئناف المساعدات للسودان بعودة الحكومة المدنية

متظاهرون يحرقون إطارات بعد مقتل العشرات على يد قوات الأمن السودانية في الخرطوم أمس (أ.ب)
متظاهرون يحرقون إطارات بعد مقتل العشرات على يد قوات الأمن السودانية في الخرطوم أمس (أ.ب)

قالت الإدارة الأميركية إنها لن تستأنف مساعداتها الاقتصادية للسودان، التي توقفت عقب أحداث 25 أكتوبر (تشرين الأول)، ما لم يتم وقف العنف وعودة حكومة يقودها المدنيون.
وذكرت السفارة الأميركية في الخرطوم في بيان نشرته أمس الخميس خلال زيارة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، مولي في والمبعوث الخاص للقرن الأفريقي، ديفيد ساترفيلد، أن الولايات المتحدة ستدرس اتخاذ إجراءات لمحاسبة المسؤولين عن تعطيل العملية السياسية في البلاد وعن الإخفاق في «استدامة بيئة سلمية للسماح للعملية السياسية بالمضي قدماً».
ودعت مولي في وديفيد ساترفيلد خلال زيارتهما إلى السودان، إلى إجراء تحقيقات مستقلة في مقتل وإصابة محتجين منذ أحداث 25 أكتوبر، وقال البيان إنهما «أدانا بشدة استخدام القوة غير المتناسبة بحق المتظاهرين، ولا سيما استخدام الذخيرة الحية والعنف الجنسي وممارسة الاحتجاز التعسفي»، وكان المبعوثان الأميركيان التقيا القادة العسكريين في مجلس السيادة الانتقالي والقادة السياسيين ومنظمات المجتمع المدني.
من جهته، ذكر مجلس السيادة الانتقالي في تصريحات صحافية أمس، أن رئيسه، عبد الفتاح البرهان، التقى بالقصر الجمهوري بالخرطوم أمس الوفد الأميركي، بحضور نائبه، محمد حمدان دقلو وعضو المجلس، ياسر العطا، ووكيل وزارة الخارجية السفير، عبد الله عمر بشير.
واتفق الجانبان على عدد من النقاط على رأسها تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة يقودها رئيس وزراء مدني لاستكمال مهام الفترة الانتقالية، وإجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية لتواكب التطورات الجديدة.
واتفق الطرفان السوداني والأميركي على الدخول في حوار وطني شامل عبر مائدة مستديرة، يضم جميع القوى السياسية والمجتمعية باستثناء المؤتمر الوطني «المنحل»، للتوصل إلى توافق وطني للخروج من الأزمة الحالية.
ومن جهة ثانية، قال القيادي بقوى الحرية والتغيير، خالد عمر يوسف، إنه ناقش مع الوفد الأميركي تطورات الأوضاع الراهنة في البلاد والجرائم التي ارتكبتها السلطة الانقلابية في مواجهة الحراك الشعبي السلمي.
وقال يوسف في تدوينة على صفحته الرسمية بـ«فيسبوك»، إنه أكد للوفد أنه لا مخرج من الأزمة السياسية الراهنة إلا بالاستجابة لمطالب الشعب بإنهاء الانقلاب، وتأسيس إطاري دستوري جديد ذي مشروعية شعبية يقوم على سلطة مدنية كاملة، وإجراءات شاملة للعدالة تنصف الضحايا.
وبدروه، قال القيادي بتحالف الحرية والتغيير، بابكر فيصل، أوضحنا للوفد الأميركي أن المبادرة الأممية لن تكون كافية للضغط على العسكريين للعودة للمسار الديمقراطي، لذلك اقترحنا تشكيل آلية دولية وإقليمية رفيعة المستوى تشكل ضماناً لما يتم الاتفاق عليه.
وأضاف: «طالبنا بشدة محاسبة كل المسؤولين والتراجع عن حالة الطوارئ والقتل ضد المتظاهرين السلميين».
وقال: قدمنا للمسؤولين الأميركان شرحاً واضحاً بأنه إذا لم تتم خطوات سريعة فإن الأوضاع في البلاد ستذهب إلى المزيد من العنف في ظل اتجاه مجلس «الأمن والدفاع» للتعامل مع التظاهرات السلمية كأعمال إرهابية. وأشار إلى أن الوفد الأميركي وعد بتوفير دعم دولي كبير لمبادرة الأمم المتحدة لحل الأزمة في البلاد، كما تعهد بالضغط باتجاه إنهاء العنف واستئناف العملية المدنية والتحول الديمقراطي.
وفي غضون ذلك، أصدر رئيس القضاء السوداني، وقضاة المحاكم العليا والاستئناف والعامة والمحاكم الجزئية، مذكرة موجهة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس، حذروا فيها من المنعطف الخطير الذي تمر به البلاد.
وجاء في المذكرة أن السلطة القضائية لا يمكن أن تسكت عن حالات القتل والاعتداءات ضد المتظاهرين.
ودعا القضاة السلطات إلى التوقف فوراً عن كل أشكال الاعتداءات التي تقع على المواطنين عند الخروج في المواكب والتظاهرات.
وأكد القضاة أنهم لن يتوانوا أو يترددوا في اتخاذ ما يلي من إجراءات تكفل وتساهم في حماية المواطنين وحفظ أرواحهم وصيانة حقوقهم بموجب القانون والدستور.
ودعت السلطة القضائية، مجلس السيادة لبذل أقصى جهد ممكن لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة وذلك في أسرع وقت ممكن صيانة لدماء وأرواح المواطنين وضماناً لسلامتهم.
ونفذ العشرات من القضاة أمس وقفة احتجاجية أمام مكتب رئيس القضاء، احتجاجاً على قتل المتظاهرين في التظاهرات السلمية التي شهدتها البلاد.
وأشارت المذكرة إلى أن مجلس السيادة وفي ظل غياب «الحكومة التنفيذية» يقوم بمهام إصدار التوجيهات والأوامر للقوات النظامية، وهو مسؤول بموجب الوثيقة الدستورية، ودعت للتوقف فوراً وتقديم كل من ارتكب جرائم قتل ضد المتظاهرين.
وفي السياق نفسه، توقف أمس أكثر من 100 وكيل نيابة عن العمل بالنيابات المختلفة بالخرطوم احتجاجاً على استمرار استخدام العنف المفرط من قبل السلطات الذي أدى إلى مقتل أكثر من 71 وإصابة الآلاف منذ استيلاء الجيش على السلطة بانقلاب عسكري في 25 من أكتوبر الماضي.
وأطلقت القوى الأمنية السودانية أمس الخميس الغاز المسيل للدموع على آلاف السودانيين الذين خرجوا إلى شوارع الخرطوم تكريماً لمقتل العشرات في عملية قمع المحتجين.
وقالت لجنة الأطباء المركزية إن نحو 72 متظاهراً قتلوا في احتجاجات، العديد منهم بالرصاص، منذ الانقلاب الذي وقع في 25 أكتوبر، وخرج حوالي 2000 متظاهر إلى الشوارع في مدينة مدني على بعد 200 كلم شمال العاصمة الخرطوم بحسب شهود عيان.



الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.