يركز عديد من علاجات «كوفيد-19» على البروتين الشائك «سبايك» الذي يستخدمه الفيروس لربط الخلايا البشرية، وفي حين أن هذه العلاجات تعمل بشكل جيد على المتغير الأصلي، فإنها قد لا تكون فعالة في العلاجات المستقبلية، مثل متغير «أوميكرون»، على سبيل المثال، الذي لديه عديد من الطفرات الشائكة. واستخدمت كلية «بريتزكر للهندسة الجزيئية» في جامعة شيكاغو، بقيادة الباحث خوان دي بابلو وفريقه من الباحثين، عمليات محاكاة حاسوبية متقدمة، لفحص بروتين آخر مهم لتكاثر الفيروس، ويظل ثابتاً نسبياً عبر فيروسات «كورونا» المختلفة. وينتمي هذا البروتين المسمى «Nsp13» إلى فئة من الإنزيمات المعروفة باسم «الهليكازات»، والتي تلعب دوراً في كيفية تكاثر الفيروس.
ومن خلال هذا العمل، المنشور في 12 يناير (كانون الثاني) بدورية «ساينس أدفانسيس»، اكتشف العلماء أيضاً 3 مركبات مختلفة يمكن أن ترتبط ببروتين «Nsp13» وتمنع تكاثر الفيروس، ونظراً لاتساق تسلسل «الهليكاز» عبر متغيرات فيروس «كورونا»، يمكن أن تكون هذه المثبطات بمثابة نقطة انطلاق قيمة، لتصميم الأدوية التي تستهدف «الهليكازات»، من أجل علاج «كوفيد-19».
ويقول دي بابلو في تقرير نشره موقع جامعة شيكاغو، بالتزامن مع نشر الدراسة: «لدينا حالياً علاج واحد فقط لـ(كوفيد-19)، ومع تحور الفيروس نحتاج تماماً إلى استهداف وحدات بناء مختلفة إلى جانب بروتين (سبايك)، ولقد كشف عملنا كيف أن الجزيئات الصغيرة قادرة على تعديل سلوك هدف جذاب في تكاثر الفيروس، وأظهر أنها مرشحة واعدة لعلاج (كوفيد)».
وعلى مدار العامين الماضيين، استخدم دي بابلو ومجموعته عمليات محاكاة حاسوبية متقدمة، لدراسة البروتينات التي تسمح للفيروس الذي يسبب «كوفيد-19» بتكاثر الخلايا أو إصابتها.
وعمليات المحاكاة التي تتطلب شهوراً من العمليات الحسابية الصعبة للغاية باستخدام خوارزميات قوية، تكشف في النهاية عن كيفية عمل الفيروس على المستوى الجزيئي.
وفي هذا المشروع، فحص المتعاونون البروتين «Nsp13» الذي يفكك الحمض النووي مزدوج الشريط إلى شريطين منفردين، وهي خطوة حاسمة في عملية النسخ المتماثل.
وفي السابق، كان الباحثون يعرفون أن «Nsp13» أجرى هذا التفكيك؛ لكن لم يكن لديهم فهم جيد للديناميكيات المعقدة للعملية. وكشفت عمليات المحاكاة كيف تتواصل المجالات المتعددة داخل البروتين، بعضها مع بعض، وتتصرف في تناسق.
ووجدوا أيضاً أنه في اللحظة التي يرتبط فيها جزيء خارجي بمواقع معينة من البروتين، فإنه يعطل شبكة الاتصال هذه، وهذا يعني أن البروتين لم يعد قادراً على فك الحمض النووي بكفاءة، ويصبح من الصعب على الفيروس التكاثر. وتم بالفعل الإبلاغ عن عديد من المركبات كمثبطات «Nsp13»؛ لكن الباحثين اختاروا 3 مركبات للاختبار ضمن عمليات المحاكاة الخاصة بهم: «bananin»، و«SSYA10-001»، و«chromone-4c». ووجد الباحثون أن الثلاثة ظهروا، وكأنهم يعطلون بروتين «Nsp13» بشكل فعال، من خلال الارتباط بمواقع معينة، وتعطيل شبكة البروتين. والآن، يعمل دي بابلو ومعاونوه لاختبار نتائجهم في المختبر. وفي السابق، استخدمت المجموعة التحليل الحسابي للكشف عن كيفية ارتباط عقار «إبسيلين» بـ«البروتياز» الرئيسي للفيروس، أو «MPro».
وفي دراسة مختلفة، كشفوا أيضاً عن كيفية ارتباط العقار المضاد للفيروسات «ريمديسفير» بالفيروس والتدخل فيه، كما أظهروا كيف يثبط مركب «اللوتولين» قدرة الفيروس على التكاثر.
ويقول دي بابلو: «نواصل البحث في الأدوية التي تؤثر على أجزاء مختلفة من الفيروس، وبروتينات مختلفة، ثم نستخدم البيانات التجريبية لتأكيد فعاليتها، ولدينا الآن سلسلة من المرشحين، ويمكن أن تغير عقاقيرنا المصممة حديثاً قواعد اللعبة لعلاج (كوفيد-19) وفيروسات (كورونا) الجديدة في المستقبل».
جزيء في «كورونا» يبشر بعلاج موحَّد لمتحوراته
جزيء في «كورونا» يبشر بعلاج موحَّد لمتحوراته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة