أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت يلوّحون بتحقيق دولي {إذا استمر تمييع} القضية

لبنانية تحرق صورة لزعماء لبنانيين بينهم حسن نصر الله أثناء تحرك لذوي ضحايا المرفأ أمس (إ.ب.أ)
لبنانية تحرق صورة لزعماء لبنانيين بينهم حسن نصر الله أثناء تحرك لذوي ضحايا المرفأ أمس (إ.ب.أ)
TT

أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت يلوّحون بتحقيق دولي {إذا استمر تمييع} القضية

لبنانية تحرق صورة لزعماء لبنانيين بينهم حسن نصر الله أثناء تحرك لذوي ضحايا المرفأ أمس (إ.ب.أ)
لبنانية تحرق صورة لزعماء لبنانيين بينهم حسن نصر الله أثناء تحرك لذوي ضحايا المرفأ أمس (إ.ب.أ)

هدد أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت بتصعيد تحركاتهم مطالبين بدعم المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ومنددين بما قالوا إنها «محاولة من السلطة للتلاعب بالقانون والإطاحة به ومعلنين أنهم سيطالبون بتحقيق دولي في حال استمرت المراوحة والتهديدات وتمييع القضية».
ونفذ الأهالي وقفة احتجاجية صباح أمس (الاثنين) أقفلوا خلالها طرقات ومداخل قصر العدل في بيروت، رافعين العلم اللبناني وصور الشهداء ولافتات تندد بـ«السلطة السياسية الفاسدة والمسؤولين في الدولة من أجل تمييع ملف التحقيق والتلاعب على القانون العفن وقبع (اقتلاع) القاضي العدلي طارق بيطار كما هدد مسؤول في (حزب الله) سابقاً»، معتبرين أن «لا حصانة لأحد عند وقوع 218 شهيداً و5600 جريح ودمار نصف العاصمة بيروت وتشريد مئات الآلاف من المواطنين». وطالبوا بـ«دعم القاضي طارق البيطار في عمله لأنه مؤتمن من كل اللبنانيين على كشف الحقائق ومعاقبة المرتكبين المجرمين من أي جهة انتموا». وكانت كلمات لعدد من الناشطين والمحتجين طالبوا فيها بـ«تعيين أعضاء لمحكمة التمييز للمباشرة في عمل التحقيق وعدم الإفلات من المحاسبة، وإلا ستتخذ إجراءات من قبل الأهالي لا تحمد عقباها، في حين أن السلطة تطبق القانون على الفقير أينما كان، فيما تتجنب المحازبين تماماً وهذا هو قانون شريعة الغاب»، معتبرين أن «السلطة مسؤولة سواء بالإهمال والتقصير والتجاهل والتغطية عن جريمة العصر وكارثة أكبر انفجار في التاريخ الحديث الذي أصاب لبنان وبيروت وسقوط مئات الضحايا وآلاف الجرحى». وأعلنوا أنه «في حال استمرت المراوحة والتهديدات وتمييع القضية فسوف يلجأون إلى المطالبة بالتحقيق الدولي. وكفى تضييعاً للوقت، باللجوء تارة إلى الحصانات السياسية وتارة إلى اتهام القاضي بيطار بالاستنسابية أو التسييس وغيرها من العراقيل وذلك لكف يده وإنهاء التحقيق، وهو ما أصبح واضحاً للشعب اللبناني».
وفي بيان لهم دعا الأهالي «القضاء الشريف أن يوقف هذه المهزلة ويجد حلاً لها ولو اضطر إلى فرض غرامات باهظة على من يعيد تقديم طلبات الرد التي من شأنها أن توقفهم عند حدهم أو بطريقة أخرى لأنه من الواضح أن هؤلاء المجرمين ابتدعوا طريقة لتعطيل العدالة وبدأنا نرى نفس النهج في قضايا أخرى»، مؤكدين «أن تعميم المذكرات الصادرة عن القضاء لا يكفي، بل يجب على القوى الأمنية تنفيذها».
وطالبوا بـ«تعيين قاضٍ جديد ليكتمل نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز لكي تتمكن من الاستمرار في عملها»، معلنين «أن الاستمرار بالإفلات من المحاسبة في قضيتنا سيدفعنا لاتخاذ خطوات لا تحمد عقباها، وسنبدأ بالتجهيز لعصيان قضائي يجبر المتهمين على الخضوع للقانون». وتوجهوا إلى المحقق العدلي بالقول: «استمر أيها القاضي، فدماء الشهداء أمانة بين يديك ولا تسمع لهرطقات ضعفاء النفوس فهم ينفذون أجندة حزبية ولا يمثلون سوى أنفسهم».
وتأتي صرخة الأهالي مع استمرار المراوحة في التحقيق والضغوط المستمرة على القاضي بيطار التي تهدف إلى إيقاف عمله، وإضافة إلى دعاوى الرد التي يتقدم بها النواب ضد البيطار رافضين الخضوع للتحقيق، أتى الفراغ في الهيئة العامة لمحكمة التمييز بعد إحالة رئيس إحدى غرفها إلى التقاعد ما أفقدها النصاب القانوني بعدما كان قد سبقه إلى التقاعد أيضاً أربعة من زملائه منذ أكثر من سنة من دون أن يتم تعيين رؤساء أصيلين بدلاء عنهم.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.