الإحجام الشعبي يفشل حملات التجنيد الانقلابية في 5 محافظات يمنية

عدد من أتباع الحوثيين يقفون فوق سور منخفض بصنعاء يحمل صور قتلى الجماعة في معارك مأرب (إ.ب.أ)
عدد من أتباع الحوثيين يقفون فوق سور منخفض بصنعاء يحمل صور قتلى الجماعة في معارك مأرب (إ.ب.أ)
TT

الإحجام الشعبي يفشل حملات التجنيد الانقلابية في 5 محافظات يمنية

عدد من أتباع الحوثيين يقفون فوق سور منخفض بصنعاء يحمل صور قتلى الجماعة في معارك مأرب (إ.ب.أ)
عدد من أتباع الحوثيين يقفون فوق سور منخفض بصنعاء يحمل صور قتلى الجماعة في معارك مأرب (إ.ب.أ)

استنفرت الميليشيات الحوثية في الأسبوعين الأخيرين كبار قادتها ومشرفيها في خمس محافظات يمنية لشن حملات تجنيد جديدة لتعويض عناصرها القتلى والجرحى في معارك مأرب وشبوة، غير أن مساعيها قوبلت بإحجام شعبي وتجاهل قبلي، بحسب ما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»,
ونتيجة الخسائر البشرية المتلاحقة التي تكبدتها الجماعة ولا تزال في جبهات مأرب على أيدي قوات العمالقة والجيش الوطني المسنودة بطيران التحالف الداعم للشرعية، ذكرت المصادر أن الجماعة شنّت خلال الأسبوعين الأخيرين عبر مشرفيها وأتباعها حملات تجنيد جديدة في أوساط المدنيين والأطفال في كل من العاصمة صنعاء وريفها ومحافظات ريمة وإب وذمار.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الرفض الواسع في أوساط سكان صنعاء العاصمة لمشروع الموت والهلاك الحوثي، وعزوفهم عن الاستجابة لدعوات التعبئة والتحشيد في صفوفهم، أصابت قادة الميليشيات بالإحباط، ما دفع البعض من قادتها إلى اللجوء مجدداً إلى توسل بعض شيوخ القبائل، في مسعى للتدخل لإنقاذ جبهاتهم بعد إغرائهم بالأموال والمناصب.
ووفق المصادر ذاتها، فقد فشلت الجماعة في استقطاب أي مجندين جدد في أغلب الأحياء والمديريات التابعة للعاصمة وفي قرى وعزل تتبع محافظة ريف صنعاء خلال أكثر من أسبوع منذ بدء الحملة الجديدة التي كانت قد وجهت الجماعة بتنفيذها للتحشيد إلى الجبهات.
وأشارت المصادر إلى أن قادة الميليشيات في صنعاء استشاطوا غضباً عقب تلقيهم معلومات بفشل عمليات التجنيد بمعظم المناطق تحت سيطرتهم، ما جعلهم يصدرون تعميمات عاجلة تحض قادتهم الأمنيين على سرعة محاسبة المشرفين والقادة المسؤولين عن الأموال المخصصة للحشد والتعبئة بعد إخفاقهم.
وفي الوقت الذي لا تزال تعاني فيه الجماعة الانقلابية من عجز كبير في ضم مقاتلين جدد إلى صفوفها مع فشلها الذريع في إقناع رجال القبائل بإسنادها بمقاتلين بغية إنقاذ جبهاتها المتهاوية، أفادت مصادر محلية في محافظة ريمة لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة فشلت في حشد أهالي عُزل وقرى مديريتي الجبين وبلاد الطعام في ريمة إلى وقفاتها التعبوية ومن ثم التحشيد إلى الجبهات القتالية.
وأكدت المصادر في ريمة أن أتباع الجماعة حاولوا منتصف الأسبوع الماضي استخدام جميع وسائل الضغط والترهيب بحق أهالي تلك المناطق بغية تحشيدهم إلى الوقفات ثم الجبهات، لكنها قوبلت جميعها بالرفض الواسع.
وفي محافظتي ذمار وإب، ذكرت مصادر محلية، لـ«الشرق الأوسط»، أن عمليات التحشيد التي نفذتها الميليشيات خلال الأيام الماضية بعدة مديريات قوبلت هي الأخرى بالرفض والاستياء الواسع من قبل أهالي تلك المناطق، خصوصاً بعد أن أدرك الكثير منهم أن أولادهم وذويهم الذين ساقتهم الجماعة سابقاً إلى الجبهات عادوا إليهم جثثاً هامدة في حين تركت الجماعة أسرهم وأطفالهم يصارعون الجوع دون حتى الالتفات لمعاناتهم ومطالبهم المعيشية.
ولفتت المصادر إلى أن خيبات الأمل التي مُنيت بها الجماعة بعملية التحشيد تلك قادت إلى إشعال خلافات حادة بين كبار قادة الميليشيات في المحافظتين ومشرفيهم القائمين على حملات الاستقطاب والتجنيد في بعض المديريات والقرى والعزل، حيث سادت اتهامات بينية بالخيانة والتقاعس وسرقة الأموال المخصصة لإغراء المجندين.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، أطلقت الميليشيات العشرات من حملات التعبئة والتحشيد إلى ميادينها في المدن والقرى الخاضعة لها بغية تحقيق أي تقدمات في بعض الجبهات القتالية، خصوصاً تلك التي تلقت فيها خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وكانت الميليشيات لجأت خلال فترات ماضية إلى الدفع بأمنها النسائي المعروف بـ«الزينبيات» لتولي مهمة استقطاب الأطفال وتجنيدهم بطرق شتى، منها ترغيب أمهاتهم وترهيبهن في صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الانقلابيين، بحسب مصادر محلية تحدثت بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط».
وحذر سكان في المناطق المستهدفة من مغبة مواصلة ميليشيات الحوثي تحركاتها الحالية لاستقطاب الأطفال وصغار السن بمناطق سيطرتها وغسل أدمغتهم بالأفكار الطائفية والمتطرفة، ومن ثم الزج بهم كوقود لعملياتها العسكرية المختلفة.
وبحسب المصادر، سعت الميليشيات الحوثية من خلال تلك الممارسات التي رافقت أغلبها أعمال عنف ومصادرة للحقوق وحرمان الأطفال من حق التعليم والحياة، إلى تحريض الأطفال المجندين على القتل والعنف والطائفية واستخدامهم فيما بعد وقوداً لمعارك الجماعة.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.