تساؤلات حول تأثير فيديوهات منصات التواصل على التلفزيون التقليدي

تساؤلات حول تأثير فيديوهات منصات التواصل على التلفزيون التقليدي
TT

تساؤلات حول تأثير فيديوهات منصات التواصل على التلفزيون التقليدي

تساؤلات حول تأثير فيديوهات منصات التواصل على التلفزيون التقليدي

في خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول تأثير فيديوهات منصات التواصل الاجتماعي على التلفزيون التقليدي، كشفت دراسة حديثة عن تقارب معدل الوقت الذي يُمضيه الجمهور في متابعة ما يُعرض على «يوتيوب» و«تيك توك» وغيرهما من منصات التواصل، مع الوقت الذي يمضونه في متابعة التلفزيون التقليدي. هذا التقارب دفع خبراء الإعلام والمتخصصين إلى تأكيد ضرورة تطوير المحتوى الذي يقدمه الإعلام التقليدي ليتناسب مع متطلبات الأجيال الجديدة من الجمهور. وأشار بعضهم إلى أن «مقاطع الفيديو على منصات التواصل تحظى بشعبية كبيرة لدى «الجيل زد» لأن منتجيها غالباً من الجيل نفسه الجيل... وأن المحتوى الذي ينتجه المستخدمون على مواقع التواصل بات يشكل تحدياً لصناع التلفزيون على المدى الطويل».
وفق دراسة حديثة لـ«رابطة مستهلكي التكنولوجيا» في الولايات المتحدة الأميركية، المتخصصة في تحليل استخدامات الجمهور الأميركي للتكنولوجيا، والتي نشر نتائجها موقع «فارايتي» الأسبوع الماضي، فإن «التلفزيون التقليدي يستحوذ على 18% من الوقت الذي يمضيه الجمهور أسبوعياً في متابعة الإعلام، مقابل 16% من الوقت للفيديوهات التي تُنشر على منصات التواصل».
الدراسة التي أُجريت على 2000 مستخدم، أشارت إلى أن «الجمهور يُمضي نحو 39% من الوقت أسبوعياً في متابعة ما ينشره منتجو المحتوى على منصات التواصل، موزعة كالتالي: 16% لمحتوى الفيديو، و9% للألعاب، و6% للمحتوى المسموع والبودكاست، و4% لكل من الموسيقى، ومشاهدة المحتوى الذي يستعرض طريقة لعب الألعاب. وهذا مقابل 61% من الوقت يمضيه الجمهور في متابعة وسائل الإعلام التقليدية موزعة كالتالي: 20% لمشاهدة الفيديوهات على منصات وتطبيقات البث المدفوعة مسبقاً، و18% للتلفزيون التقليدي، و15% لمنصات بث الموسيقى، و7% للمحتوى المسموع والبودكاست الذي ينتجه الناشرون واستديوهات الراديو».
رشيد جنكاري، الصحافي المغربي المتخصص في الإعلام الرقمي، قال إن «شعبية مقاطع الفيديو مرتبطة بما يسمى اقتصاد الانتباه، فتاريخياً كان الفيديو أكثر تأثيراً ولفتاً للانتباه، مقارنةً مع الوسائل الأخرى». وأضاف جنكاري في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث الآن، هو نوع من (دمقرطة الولوج) إلى الفيديو وإنتاجه، حيث يستطيع أي شخص يملك هاتفاً ذكياً إنتاج محتوى فيديو وبثه على منصات التواصل، وهو يؤدي لزيادة انتشار هذا النوع من المحتوى».
أما الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، فقد أرجعت زيادة شعبية الفيديوهات التي ينشرها منتجو المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي إلى «الجيل زد» أو «جيل الألفية». وشرحت لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاطع الفيديو على منصات التواصل تحظى بشعبية كبيرة لدى (الجيل زد) لأن منتجيها غالباً من الجيل نفسه. وبالتالي فهم يفهمون أدوات ولغة هذا الجيل، مقارنةً بالتلفزيون والإعلام التقليدي الذي ما زال يتجاهل متطلبات الأجيال الجديدة».
كذلك أشارت عبد الغني إلى أن «المحتوى الذي ينتجه المستخدمون على مواقع التواصل بات يشكل تحدياً لصناع التلفزيون على المدى الطويل... وبناءً عليه فإن منتجي محتوى الإعلام التقليدي مطالبون الآن بتطوير المحتوى الخاص بهم، بحيث يتناسب مع توجهات (الجيل زد)، لأنهم حسب الدراسات يشكّلون غالبية الذين يستخدمون مواقع التواصل، فضلاً عن تعاملهم مع التطورات التقنية في كل المجالات».
وحقاً فإن نسب مشاهدات مقاطع الفيديو على منصات التواصل ترتفع لدى الجيل الأصغر سناً، وفقاً للدراسة، التي تشير إلى تمضية المراهقين من سن 13 إلى 17 سنة نحو 56% من وقتهم في متابعة ما ينشر على مواقع التواصل، مقارنةً بنسبة 22% فقط يتابعون هذا النوع من الفيديوهات ممن يبلغون 55 سنة أو أكثر».
من جهة ثانية، حول ارتباط إنتاج المحتوى على منصات التواصل بالاقتصاد. يقول رشيد جنكاري إن «هذا المحتوى أصبح مصدر رزق لمنتجي المحتوى. وبالتالي أصبح جاذباً للجمهور، منتجين ومستهلكين، وبذا أصبح الاقتصاد محركاً أساسياً لصناعة وإنتاج المحتوى على منصات التواصل، على عكس الإعلام التقليدي الذي رغم ارتفاع تكلفة إنتاجه؛ يعتمد في الغالب على الدعم الحكومي».
وبالفعل تشير الدراسة إلى نحو 7% من مستهلكي المحتوى على منصات التواصل في الولايات المتحدة الأميركية ممن هم فوق الثالثة عشر من العمر -أي نحو 20 مليون شخص- يستثمرون هذا المحتوى بشكل كلي أو جزئي. ولفت من يعدون أنفسهم منتجي محتوى بـ«دوام كامل» أنهم يحصلون على 768 دولاراً شهرياً في المتوسط.
في سياق متصل، يرى مراقبون أن هذه الدراسة الحديثة تكشف ابتعاد الجمهور عن الإعلام التقليدي واتجاهه أكثر نحو إنتاج محتوى بنفسه على منصات التواصل، مع أن التلفزيون التقليدي ومحطات التلفزيون المدفوعة مسبقاً ما زالت تستحوذ على نصيب الأسد من المشاهدات حتى الآن. وهنا يلفت خبراء الإعلام والمتخصصون أيضاً إلى أنه على الرغم من أن تعاظم مشاهدات محتوى الفيديو على منصات التواصل، قد يبدو تهديداً قاتلاً للتلفزيون التقليدي، فإن المحتوى الاحترافي الذي يُدار على منصات الإعلام التقليدية، ما زال يلعب دوراً رئيساً في الساحة الإعلامية.
وهنا يرى جنكاري أن «منتجي المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي كسروا هيبة التلفزيون، سواءً من حيث الإنتاج أو سهولة الوصول للجمهور». وتابع: «هذا الأمر سوف يزداد مع انتشار تكنولوجيا (الميتافيرس) التي ستعمّق تدهور الإعلام التقليدي». ثم استطرد قائلاً: «من الصعب أن يواكب الإعلام التقليدي والتلفزيون سرعة تطور التكنولوجيا، خصوصاً مع استمرار اعتماده على الدعم الحكومي اقتصادياً... ومن ثم فإنني أتوقع بقاء التلفزيون التقليدي ولكن من دون تأثير على الأرض».
من جانبها، أكدت الدكتورة عبد الغني أن استمرار وسائل الإعلام التقليدية بشكل عام، والتلفزيون بشكل خاص، يرتبط بإنتاج محتوى يناسب توجهات «الجيل زد والأجيال اللاحقة له». وتوقعت أن «تشهد الفترة المقبلة تطوراً للمحتوى المنشور على مواقع التواصل، لدمج تكنولوجيا الواقع الافتراضي والمعزّز... وهو ما بدأت بوادره في الظهور مع فيلم (آفاتار)، وجرى تعزيزها بإعلان (ميتا) –(فيسبوك) سابقاً- عن الميتافيرس... بالتالي، فإن التساؤل الأهم الآن هو: كيف ستؤثر تكنولوجيا الواقع الافتراضي على الإعلام التقليدي؟».


مقالات ذات صلة

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.