قذائف صاروخية على قاعدة أميركية شمال شرقي سوريا

بعد غارات للتحالف على ميليشيات إيرانية

مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية عبد الكريم عمر والدبلوماسي الأميركي ماثيو بيرل في القامشلي أول من أمس (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا)
مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية عبد الكريم عمر والدبلوماسي الأميركي ماثيو بيرل في القامشلي أول من أمس (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا)
TT

قذائف صاروخية على قاعدة أميركية شمال شرقي سوريا

مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية عبد الكريم عمر والدبلوماسي الأميركي ماثيو بيرل في القامشلي أول من أمس (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا)
مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية عبد الكريم عمر والدبلوماسي الأميركي ماثيو بيرل في القامشلي أول من أمس (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا)

في أول هجوم على قاعدة عسكرية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا هذا العام، سقطت 3 قذائف صاروخية، فجر الأربعاء، على حقل العمر النفطي، الذي يضم أكبر قاعدة للتحالف بقيادة أميركا في شرق سوريا، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأفادت مصادر لصحيفة «الوطن» السورية في دمشق، بـ«اشتعال نيران كثيفة في قاعدة للجيش الأميركي بريف دير الزور الشمالي بعد استهدافها بعدة قذائف». وقالت مصادر في قرية حوايج ذيبان للصحيفة: «اشتعلت النيران بشكل كثيف في قاعدة الاحتلال الأميركي في حقل العمر بريف دير الزور الشمالي بعد استهدافها بعدة قذائف»، مشيرة إلى أنه «من غير المعروف حتى الآن إن كانت هناك خسائر بشرية بين الجنود الأميركيين، لكن هناك حالة استنفار كبيرة للجيش حول القاعدة».
يأتي ذلك غداة إحباط التحالف هجوماً صاروخياً، على إحدى قواعده في منطقة دير الزور، بعد رصده «عدداً من مواقع إطلاق الصواريخ التي تشكّل خطراً وشيكاً»، بحسب المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، الذي أكد في وقت سابق أن القوات الأميركية الموجودة في العراق وسوريا «لا تزال عرضة لأخطار وتهديدات من قبل ميليشيات مدعومة من إيران».
وتزامن الهجوم الذي لم يؤدِ إلى خسائر بشرية، مع تحليق طيران حربي تابع للتحالف الدولي في أجواء المنطقة. واتهم «المرصد» مجموعات مقاتلة موالية لطهران بشنّ الهجوم، بعد يومين من إحياء إيران وحلفائها الذكرى السنوية الثانية لاغتيال قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس «الحشد الشعبي» العراقي، أبو مهدي المهندس، في ضربة أميركية قرب مطار بغداد. وأفاد عن إطلاق مجموعات موالية لطهران 3 قذائف صاروخية على حقل العمر في محافظة دير الزور (شرق)، سقطت إحداها في مربض للطائرات المروحية، محدثة أضراراً مادية فقط، فيما سقطت قذيفتان في موقع خالٍ. ولم يعلق البنتاغون أو قوات التحالف الدولي بعد على الهجوم الجديد، في حين أكد المرصد السوري أن قوات التحالف ردتّ على الهجوم باستهداف بادية مدينة الميادين، التي أطلقت منها القذائف الصاروخية. وتخضع المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال الحدودية والميادين لنفوذ إيراني، عبر مجموعات موالية لها تقاتل إلى جانب قوات النظام السوري.
جاء هذا الهجوم غداة قيام التحالف بشنّ ضربات ضد مواقع لإطلاق الصواريخ في سوريا، وصفها المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، بأنها «لم تكن غارات جوية»، بل كانت لوقف هجوم وشيك على القوات الأميركية. وأضاف كيربي أن المواقع المستهدفة «كانت ستُستخدم لشنّ هجمات»، مؤكداً أن البنتاغون «يتعامل بشكل جدي مع التهديدات ضد قوات التحالف والقوات الأميركية التي تحتفظ بحق الدفاع عن النفس».
وكانت الصواريخ تستهدف، وفق بيان أصدره التحالف الثلاثاء، قاعدة المنطقة الخضراء الأميركية في وادي الفرات؛ حيث ينشط مقاتلون من «تنظيم داعش» وحيث تواصل القوات الأميركية تعاونها مع القوات الكردية وحلفائها.
ورداً على سؤال حول الجهة التي كانت تخطط لهجوم الثلاثاء، الذي وقع بدوره بعد هجومين مماثلين، استهدف أولهما الاثنين مجمّعاً للتحالف الدولي في مطار بغداد، واستهدف ثانيهما الثلاثاء قاعدة عين الأسد الجوية في غرب العراق، قال كيربي إنّه غير قادر على تحديدها. لكنّه أضاف: «ما زلنا نرى قواتنا في العراق وسوريا مهدّدة من قبل ميليشيات مدعومة من إيران؛ خصوصاً أن هذا النوع من الهجمات يتوافق من حيث التكتيك والتقنيات مع أنواع الهجمات التي قامت بها تلك المجموعات».
وأضاف كيربي أن إيران لاعب رئيسي في العراق، والمسؤولون الأميركيون قلقون باستمرار بشأن التهديدات التي تتعرض لها القوات الأميركية في المنطقة. وقال: «هذا ليس مصدر قلق جديد، وأعتقد أننا رأينا في الأيام القليلة الماضية فقط، أن هناك أفعالاً ارتكبتها بعض الجماعات، تؤكد صحة القلق المستمر الذي يساورنا بشأن سلامة قواتنا وأمنها».
ولا يزال نحو 900 جندي أميركي منتشرين في شمال شرقي سوريا، وفي قاعدة التنف الواقعة قرب مثلت الحدود الأردنية - العراقية - السورية.
إلى ذلك، زار الدبلوماسي ماتيو بيرل نائب المبعوث الأميركي الخاص لسوريا مدينة القامشلي، والتقى قادة «الإدارة الذاتية لشمال وشرق» سوريا، وجناحها العسكرية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
ووصل السفير الأميركي بيرل إلى مدينة القامشلي، أول من أمس (الثلاثاء)، وعقد اجتماعاً مع رئيس دائرة العلاقات الخارجية الدكتور عبد الكريم عمر، وأكد في حديثه مواصلة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة محاربة الإرهاب وملاحقة الخلايا النشطة الموالية لـ«تنظيم داعش» المتطرف، وبقاء هذه القوات شرق الفرات لدعم عمليات إعادة الاستقرار وتقوية العلاقات الاقتصادية، والضغط على المجتمع الدولي والحكومات الغربية والأجنبية التي لديها رعايا في مخيمات المنطقة أو محتجزات لدى قوات «قسد» لإعادتهم، وضرورة حل هذه الملفات العالقة جذرياً، ولا سيما الأطفال والفتية من أبناء مسلحي التنظيم القاطنين في مخيمي الهول وروج، شمال شرقي البلاد.
وقال عمر لـ«الشرق الأوسط» أمس: «أخبرنا بيرل أن المخيمات مكتظة، والأطفال يكبرون هناك، واقترحنا بناء مراكز إعادة تأهيل، والضغط على الدول والحكومات بضرورة إعادة رعاياها»، لافتاً أنهم وضعوا السفير الأميركي بصورة الوضع الاقتصادي نتيجة للحصار المفروض على المنطقة، «وخاصة بعد إغلاق معبر تل كوجر- اليعربية، وقلة دخول المواد الإغاثية والإنسانية»، مشيراً إلى «إغلاق معبر سيمالكا - فيش خابور مع إقليم كردستان العراق منذ 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وتداعياته على الوضع الاقتصادي والإنساني، وبالتالي على استقرار المنطقة».
كما عقد السفير الأميركي اجتماعات مع الأحزاب الكردية، واستمع إلى وجهات نظرها بهدف العمل على إحياء المباحثات الكردية المتوقفة منذ نهاية 2020.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.