محادثات أمنية أميركية ـ روسية في جنيف لتهدئة التوترات

محادثات أمنية أميركية ـ روسية في جنيف لتهدئة التوترات
TT

محادثات أمنية أميركية ـ روسية في جنيف لتهدئة التوترات

محادثات أمنية أميركية ـ روسية في جنيف لتهدئة التوترات

اتفقت الولايات المتحدة وروسيا على مشاركة مسؤولين من البلدين في محادثات أمنية في العاشر من الشهر المقبل في جنيف، بشأن الحد من التسلح النووي، وسط التوترات المتزايدة بشأن أوكرانيا.
ورجح متحدث باسم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أيضاً إجراء محادثات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في 12 يناير (كانون الثاني)، بينما من المقرر عقد اجتماع إقليمي أوسع يضم موسكو وواشنطن والعديد من الدول الأوروبية في 13 يناير.
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أمس، أن المحادثات ستجرى في جنيف، حيث التقى الرئيسان الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين في قمتهما الأولى في يونيو (حزيران) الماضي، وسيكون الاجتماع جزءاً من مبادرة الحوار الأمني الاستراتيجي، التي أطلقها الرئيسان في تلك القمة. وأعرب ريابكوف عن أمله بإجراء مشاورات حول الضمانات الأمنية التي قدمتها موسكو، وأن تتحول إلى مفاوضات حول مسودة لاتفاقيات. فيما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن موسكو ستتبنى نهجاً متشدداً للدفاع عن مصالحها وتجنب التنازلات.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إنه في حين أن مبادرة الحوار الأمني تركز بالأساس على معاهدات الحد من الأسلحة النووية، إلا أن أوكرانيا تحتل مساحة كبيرة من المحادثات، مؤكداً أن مصالح أوكرانيا لن يتم تجاهلها في إبرام أي اتفاق مع روسيا. وأشارت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي إميلي هورن، إلى أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ناقش مع نظيره البولندي باول سولوتش ورئيس مكتب السياسة الدولية جاكوب كوموتش الموقف حول الحشد العسكري الروسي بالقرب من الحدود الأوكرانية. وأكد سوليفان دعم الولايات المتحدة للمادة الخامسة لحلف الناتو (والتي تنص على أن الهجوم على أحد أعضاء الناتو هو هجوم على جميع أعضائه وتعد حجر الزاوية في ميثاق الحلف عام 1949)، مشدداً على استعداد الولايات المتحدة لدعم الحلفاء في الجزء الشرقي من حلف الأطلسي وهم يدافعون عن بلدانهم.
والتقى رئيسا بولندا وليتوانيا، أندريه دودا وجيتاناس نوسيدا، نظيرهما الأوكراني فولودمير زيلينسكي الأسبوع الماضي للإعراب عن التضامن مع كييف. وحذر الرؤساء الثلاثة من محاولات روسية للابتزاز، ودعوا إلى اتخاذ موقف أوروبي قوي في مواجهة التهديدات لأوكرانيا. ومن المقرر أن تتولي بولندا رئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في الأول من يناير المقبل.
وقد وقع بايدن على مشروع قانون كبير للإنفاق العسكري الاثنين يتضمن توفير 300 مليون دولار، في مبادرة لدعم القوات المسلحة الأوكرانية ومليارات الدولارات للدفاع الأوروبي.
متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض قال: «لقد كان نهج الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا واضحاً ومتسقاً، وهو توحيد التحالف خلف مسارين هما: الردع والدبلوماسية... نحن متحالفون كتحالف بشأن العواقب التي قد تواجهها روسيا إذا تحركت تجاه أوكرانيا».
وتحت عنوان الانخراط في دبلوماسية مبدئية مع روسيا، أشار بيان للبيت الأبيض إلى أن الولايات المتحدة «تتطلع إلى المشاركة مع روسيا في الحوار الأمني الاستراتيجي في العاشر من يناير. ويعقد اجتماع المجلس النرويجي للاجئين في اليوم الثاني عشر، وآخر لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في الثالث عشر من يناير».
وكان مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أعرب في لقاء مع صحافيين، عن رغبة واشنطن في مناقشة الضمانات الأمنية مع موسكو مع احتمال الاستجابة لبعضها ورفض بعضها الآخر. وقال: «عندما نجلس للتحدث، يمكن لروسيا أن تضع مخاوفها على الطاولة، وسنضع مخاوفنا على الطاولة مع أنشطة روسيا أيضاً. وسنلتزم بمبدأ: لا شيء بخصوص حلفائنا وشركائنا من دون حلفائنا والشركاء، بما في ذلك أوكرانيا. ستكون هناك مجالات يمكننا فيها إحراز تقدم، ومجالات سنختلف فيها. هذا ما تعنيه الدبلوماسية».
وكانت التوترات بين روسيا والولايات المتحدة والدول الغربية تصاعدت بعد قيام موسكو بتعزيز قواتها بالقرب من الحدود الأوكرانية، ما أشعل القلق حول خطط روسية محتملة لغزو أوكرانيا، بعد تقييمات استخباراتية تشير إلى نشر موسكو عشرات الآلاف من الجنود عند الحدود الروسية. وهددت الولايات المتحدة مع شركائها الأوروبيين بفرض عقوبات اقتصادية قاسية إذا أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا وأبدت استعدادها أيضاً التفاوض.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفى وجود نية لغزو أوكرانيا. وقدم الكرملين قائمة من المقترحات الأمنية ضد توسع «الناتو» وطالب الحلف بألا يقبل بانضمام أعضاء جد. وشملت تلك المطالب بأن يتخلى الحلف عن أي نشاط عسكري في أوروبا الشرقية وأوكرانيا، وضمانات تقيد قدرة الولايات المتحدة على إقامة قواعد عسكرية أو نشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى بالقرب من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. ورفضت الولايات المتحدة و«الناتو» بعض المطالب الواردة في مسودة الضمانات الأمنية الروسية وأن يكون لموسكو الحق في الاعتراض على قرارات من ينضم للحلف. وتلقت أوكرانيا وجورجيا وعوداً رسمية للانضمام للحلف منذ عام 2008 لكن لم يتم تحديد موعد لذلك.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».