تونس: «خريطة الطريق» تعمّق الأزمة

مشهد سياسي جديد بعد تعليق الدستور والبرلمان

تونس: «خريطة الطريق» تعمّق الأزمة
TT

تونس: «خريطة الطريق» تعمّق الأزمة

تونس: «خريطة الطريق» تعمّق الأزمة

عمّقت «خريطة الطريق» التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد بمناسبة «الذكرى الـ11 لانفجار الثورة التونسية» الأزمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية، والخلافات بين قصر الرئاسة في قرطاج وقيادات سياسية ونقابية وحقوقية في البلاد، بما فيها تلك ساندت «قرارات 25 يوليو (تموز)» التي أدّت إلى حلّ البرلمان «مؤقتاً» وتعليق الدستور. وكشفت ردود الفعل على خطاب الرئيس سعيّد «مشهداً سياسياً جديداً» تقلّص فيه عدد الأحزاب والأطراف المساندة لـ«حركة التصحيح».
وفي المقابل، التحق معظم القيادات النقابية والحقوقية والسياسية بـ«الحراك الشعبي المعارض» الذي يعتبر زعماؤه ما يجري في تونس منذ 5 أشهر «انقلاباً على الدستور» وعلى إرادة ملايين الناخبين الذين شاركوا في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وهو ما يطرح تساؤلات عن اتجاه الأوضاع بعد دخول أنصار الرئيس ومعارضيه في سلسلة من التحركات داخل البلاد وخارجها، وإعلانهم أنها ستتواصل حتى 14 من يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو ذكرى سقوط حكم الرئيس زين العابدين بن علي؟ وهل تسفر الأمور عن «تعديل في المشهد السياسي»... أم تفاقم خطورة الأزمة وتتطوّر إلى اضطرابات اجتماعية أمنية قد تعجز كل الأطراف المعنية عن التحكم فيها؟
تسبب إعلان قصر قرطاج (مقر رئاسة الجمهورية في تونس) عن تمديد «الإجراءات الاستثنائية» حتى موفى العام 2022 المقبل في تشكيل جبهات معارضة داخلية قوية لـ«خريطة الطريق» التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد في أطول خطاب توجه به إلى الشعب منذ وصوله الحكم، وهذا، رغم ترحيب «مشروط» صدر عن الخارجية الأميركية بهذه الخطوة.
لقد تعهد سعيّد بتنظيم «انتخابات برلمانية لتعويض» البرلمان المجمد موعدها يوم 22 ديسمبر (كانون الأول) 2022، وهو ما يعني تشكيل الحكومة المقبلة في ربيع عام 2023. كذلك أعلن عن تنظيم استفتاء شعبي على دستور جديد يوم 25 يوليو المقبل تتويجاً «لاستشارة عبر المنصّات الإلكترونية وللحوار المباشر مع الشباب». بيد أن انقساماً برز بين ردود الفعل على هذه الخطوة؛ إذ رحبت بها مجموعات من «شباب حراك 25 يوليو» وعارضتها شخصيات سياسية، بينها زعيمة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي، التي لوّحت بمحاكمة أعضاء الحكومة بتهمة «استغلال مؤسسات الدولة ووزارة تكنولوجيا الاتصال خدمة لمشروع سياسي وانتخابي خاص».

جبهات معارضة جديدة

أيضاً، تسببت الخلافات السياسية التي ظهرت أخيراً بين قصر قرطاج والنقابات والأحزاب في تشكيل «تحالفات» و«جبهات معارضة» لرئيس الجمهورية رغم تناقضاتها الآيديولوجية وصراعاتها السابقة. ولقد حذّر زعيم نقابات العمال نور الدين الطبوبي وقياديون في منظمات حقوق الإنسان وزعماء 8 أحزاب معارضة، خلال مؤتمرات صحافية، الرئاسة وحكومة نجلاء بودن من «خطر تمديد مرحلة الفراغ السياسي والبرلماني والدستوري التي بدأت قبل 5 أشهر وتوشك أن تتواصل إلى مطلع عام 2023».
كذلك، تشكلت بالمناسبة ائتلافات مدنية و«جبهات معارضة»، أبرزها حركة «مواطنون ضد الانقلاب» بزعامة الحقوقي اليساري جوهر بن مبارك، والوزير الدبلوماسي عبد الرؤوف بالطبيب المستشار السابق للرئيس سعيّد، والوزير رضا بالحاج المستشار السابق للرئيس الباجي قائد السبسي، والمحامية اليسارية إسلام حمزة... ومعهم ثلة من الجامعيين البارزين، بينهم الخبير الدستوري شاكر الحوكي، والحبيب بوعجيلة، وزهير إسماعيل، والأمين البوعزيزي، والحقوقي الوزير السابق عبد الرحمان الأدغم نجل رئيس الحكومة الأسبق الباهي الأدغم. وتلقى هذه الحركة دعماً من نشطاء أحزاب عدة، بينها «حركة النهضة» بزعامة راشد الغنّوشي، و«قلب تونس» بزعامة نبيل القروي، و«حراك تونس الإرادة» بزعامة الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، و«ائتلاف الكرامة» بزعامة المحامي والبرلماني سيف الدين مخلوف. وبالفعل، نظمت هذه «الجبهة» سلسلة من المسيرات والوقفات الاحتجاجية «المعارضة للانقلاب» شارك فيها آلاف من أنصارها في تونس ومن المهاجرين التونسيين في عدد من الدول الأوروبية وكندا والولايات المتحدة. ونشر الأكاديمي والخبير الدستوري شاكر الحوكي عريضة تضم نحو 6 آلاف توقيع من شخصيات أكاديمية وحقوقية وسياسية تعلن معارضة موقّعيها ما وصفته بـ«تعطيل الدستور وحلّ البرلمان»، واعتبرت الخطوة «انقلاباً».
لكن، في المقابل، انتقد الرئيس سعيّد أولئك الذين يتكلّمون عن «انقلاب»، ونفى عن القرارات التي أعلن عنها صفة «الانقلاب»، واعتبر ما حصل «حركة تصحيح للمسار رداً على الخطر الداهم الذي كان يهدد البلاد في يوليو الماضي»، المتمثل بجملة عوامل بضمنها عجز حكومة هشام المشيشي والبرلمان المجمّد عن التصدي لجائحة «كوفيد - 19».

تحالفات وتحرّكات

من ناحية ثانية، لعل أهم مُعطى في المشهد السياسي الجديد، حسب سهام بادي، الناشطة السياسية في أوروبا والوزيرة السابقة للمرأة والأسرة، أن «قرارات الرئيس ساعدت على صنع مشهد سياسي جديد وعلى توحيد قوى المعارضة» التي كانت تشكو التشرذم والانقسام. وفسّرت بادي هذا التطور السريع بـ«اقتناع قيادات غالبية الأطراف السياسية بكون المكاسب الحقوقية والديمقراطية أصبحت في خطر منذ تعليق البرلمان المنتخب والدستور الذي شارك في صياغته آلاف السياسيين والحقوقيين والأكاديميين ومجلس وطني منتخب طوال ثلاث سنوات، ما بين 2011 و2014».
وحقاً، تعاقبت المؤتمرات الصحافية والبلاغات المشتركة بين عدد من رموز الأحزاب والأطراف التي شاركت في الحكم أو فازت في الانتخابات البرلمانية السابقة. وأعلنت قيادات الأحزاب بالمناسبة عن تحركات بالجملة للضغط على صنّاع القرار في الداخل والخارج بهدف «إنقاذ البلاد من أزمتها السياسية الاقتصادية الاجتماعية الأمنية» و«بناء تونس الجديدة» و«الربط بين الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي ومحاربة الفساد والعودة إلى المسارين الديمقراطي والبرلماني».
ومن جهة أخرى، أعلنت مجموعة من أبرز الشخصيات الوطنية عن تأسيس «اللقاء الوطني للإنقاذ» بزعامة قيادات من الأحزاب الليبرالية واليسارية المعتدلة مثل المحامي أحمد نجيب الشابي، ونائب رئيس البرلمان طارق الفتيتي، والوزير السابق فوزي عبد الرحمان، ورجل الأعمال والبرلماني العياشي الزمال، ورئيس الخبراء المحاسبين سابقا عياض اللومي، والناشط النقابي والسياسي المهدي عبد الجواد.

تبدّل مواقف الحلفاء

ومن بين أبرز انعكاسات ما وُصف بـ«الزلزال السياسي» على المشهد الوطني تغيير مجموعة من الشخصيات والأطراف السياسية مواقفها وتحالفاتها بنسبة 180 درجة. إذ عدّلت مكوّنات هذه المجموعة مواقفها من الرئيس سعيّد ومن «حركة التصحيح»، وباتت بدورها تصفها بـ«الانقلاب» على الدستور وعلى البرلمان المنتخب وعلى «شرعية صناديق الاقتراع». وكان من بين مفاجآت الأيام الماضية أن تصدّر مشهد «المعارضين الجدد» لسياسات قصر قرطاج بعض زعماء «الكتلة الديمقراطية» مثل المحامية سامية عبو، والأمين العام لحزب «التيار الديمقراطي» المحامي غازي الشواشي (وهو برلماني ووزير سابق)، والوزير السابق محمد عبو والقيادي في حزب الشعب الوزير السابق سالم الأبيض. وكان هؤلاء الأكثر انحيازاً للرئيس سعيّد إبّان معاركه مع حكومة هشام المشيشي ومع البرلمان وقيادات الائتلاف الحاكم عموماً، و«حركة النهضة» بصفة خاصة.
هذا، وسبق لرئاسة الجمهورية أن نشرت صوراً وفيديوهات على صفحتها الرسمية حول مشاركة هذه الشخصيات في اجتماعات مصغّرة في قصر قرطاج مع الرئيس سعيّد أو مع أعضاء المجلس الأمن القومي والمجلس الأعلى للجيوش وبعض الوزراء. وبالتالي، أدى انتقال هؤلاء من «المساندة المطلقة لحركة التصحيح» إلى المعارضة، إلى دفع الرئيس سعيّد إلى التشكيك في «وطنيتهم» واتهامهم بتغيير مواقفهم وولاءاتهم؛ بسبب حصولهم على «تمويل أجنبي» مزعوم.
لكن قيادات «الكتلة الديمقراطية» تابعت تحركاتها المعارضة عبر سلسلة من التصريحات النارية التي صدرت عن زعمائها، بينها دعوات من زعيمها ومؤسسها الوزير السابق محمد عبو، دعا فيها قيادات الأمن والجيش إلى الامتناع عن تنفيذ أوامر الرئيس، وهو ما اعتبره خصومه «دعوة إلى التمرد». وأيضاً، صعّدت «الكتلة الديمقراطية» احتجاجاتها وتحركاتها، ونظّمت مؤتمراً صحافياً للإعلان عن معارضتها «بقوة وحزم لمشروع خريطة الطريق التي أعلن عنها قيس سعيّد». وأعلن في المناسبة عن تأسيس «تنسيقية للأحزاب الديمقراطية» تضم «التيار الديمقراطي» بزعامة غازي الشواشي، والحزب الجمهوري بزعامة الحقوقي عصام الشابي، و«التكتل من أجل الديمقراطية» بزعامة النقابي والوزير الأسبق للشؤون الاجتماعية خليل الزاوية.

استطلاعات الرأي

في المقابل،، نشرت مؤسسات استطلاعات الرأي التونسية تقارير جديدة تحدثت عن تصدّر الرئيس قيس سعيّد قائمة السياسيين التونسيين من حيث الشعبية، ورجّحت فوزه بأكثر من 50 في المائة من الأصوات في حال نظّمت انتخابات رئاسية اليوم. كذلك كشفت استطلاعات الرأي نفسها، عن أن أكثر من ثلث الناخبين قد يختارون قوائم برلمانية يدعمها سعيّد إذا ما جرى تأسيس حزب يدعمه. لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن القانون التونسي يمنع رئيس الدولة من أن يرأس أي حزب سياسي.
ثم، أن مواقف الرئيس سعيّد تشير إلى أنه لا يكنّ تقديراً كبيراً لدور معظم الأحزاب والجمعيات، ويتهم جلّها بالحصول على تمويلات من جهات خارجية ومن رجال الأعمال «الفاسدين». وسبق له أن نشر حواراً صحافياً في يونيو (حزيران) 2019، قبل الانتخابات، أعلن فيه أنه ضد «كامل منظومة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المدعومة من الخارج». وتابع، أنه سيقوم بحل البرلمان في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية.
لم تلق الإجراءات الرئاسية الجديدة ترحيباً إلا من قِبل «تنسيقيات قيس سعيّد» التي ليس لها حزب يجمع بينها، وهي إنما تتحرك أساساً معتمدة على مواقع التواصل الاجتماعي وتعقد اجتماعات افتراضية باسم «حراك 25 يوليو»، مع الإشارة إلى أن هذا الحراك ليس له قيادة قانونية ورسمية.
وفي هذه الأثناء، ساندت قيادات 8 أحزاب محسوبة على «التيارات القومية والاشتراكية والماركسية» قرارات الرئيس سعيّد وأعلنت اعتزامها الوقوف في صفه. ويتزعم هذه الأحزاب النقابي والقيادي السابق في «حزب الوطنيين الديمقراطيين» عبيد البريكي، ورئيس حزب «التيار الشعبي القومي العربي» زهير حمدي، وزهير المغزاوي عن «حزب الشعب القومي الناصري». ولقد رحّبت قيادة حزب «التحالف من أجل تونس» بما جاء في خطاب رئيس الدولة واعتبرت أنّ الإجراءات الرئاسية المعلن عنها «توضّح معالم الطريق لسنة قادمة ستتوّج بانتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية إلى دورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها، وفق ما سيفرزه الاستفتاء الشعبي من تعديلات على الدستور وعلى النظام الانتخابي».
وبذا يقع تكريس الانقسام والتصدع داخل «المنظومة السياسية والحزبية والنقابية القديمة» التي شكك سعيّد منذ سنوات في مصداقيتها، وأدلى منذ وصوله قصر قرطاج بتصريحات عديدة اعتبر فيها أنها «منظومة انتهى دورها وتجاوزها الزمن».

أي دور ينتظر نقابات العمال وسط التشرذم والتنافس؟
> في خضم التشرذم والتنافس الحاصلين في تونس راهناً بين قصر قرطاج وقيادات الأحزاب السياسية، يطرح كثرة من المراقبين السؤال الكبير: مَن سيكسب على المدى البعيد ورقة التحكّم في التحركات الاجتماعية في مرحلة تشهد فيها البلاد أزمة اقتصادية مالية اجتماعية أمنية خانقة؟
في الواقع، تعدّ القيادات النقابية أهم الأطراف تأثيراً على آليات صنع القرار السياسي في تونس منذ عشرات السنين، وبصفة أخص منذ انهيار حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قبل 11 سنة. وللعلم، سبق أن شارك في كل الحكومات المتعاقبة خلال العقد الماضي نقابيون وسياسيون رشّحهم الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يعد أقوى وأعرق كيان نقابي في البلاد. ثم إنه تسبب «الفيتو» الذي استخدمته قيادات نقابية غير مرة في إسقاط عدد من المرشحين البارزين لرئاسة الحكومة أو لتولّي مسؤوليات عليا في الدولة.
أضف إلى ما تقدّم أنه أدت الإضرابات العديدة التي نظمتها النقابات منذ مطلع 2011 إلى إسقاط عدة حكومات، بينما أنتج التوافق بين النقابات وبين الرئيس السابق الباجي قائد السبسي في «تهدئة الأوضاع» حيناً، ثم في توظيف الاضطرابات الاجتماعية والنقابات لصالحه عند انفجار خلافات بينه وبين رئيسي الحكومة السابقين الحبيب الصيد ويوسف الشاهد.
أما إزاء ما يحدث راهناً، فإن ثمة قيادات نقابية تخشى جدياً من أن يتمادى الرئيس قيس سعيّد في تهميشها، أو أن تأمر النيابة بملاحقة بعض النقابيين بتهم «فساد» وقضايا «حق عام»؛ وذلك بسبب معارضة المركزية النقابية لعدد من قرارات الرئيس خلال الأشهر الماضية، بعدما كانت قد رحّبت بإجراءات 25 يوليو و«التصحيح».
ثم أنه، في الوقت الذي تتأهب القيادة النقابية لعقد مؤتمرها الوطني خلال شهر فبراير (شباط) المقبل، تتخوّف نقابات رجال الأعمال وأوساط سياسية رسمية ومعارضة من تصعيد للتحركات الاجتماعية والإضرابات. وأيضاً تتخوّف من احتمال توظيف سوء الأوضاع الاقتصادية وانهيار القدرة الشرائية للطبقات الشعبية والوسطى في معركتها مع قصر قرطاج ومع الحكومة، التي كشفت عن أن صندوق النقد الدولي يضغط عليه من أجل خفض أجور ملايين الموظفين والمتقاعدين، وتجميد الرواتب والتفويت في المؤسسات العمومية المفلسة رغم معارضة النقابات.

تونس من دون موازنة للعام الجديد لأول مرة منذ 65 سنة
> بينما يتابع السياسيون التونسيون منذ 11 سنة معاركهم على الكراسي، ويثيرون قضايا سياسية ودستورية وقانونية وآيديولوجية، تدهورت الأوضاع المالية في البلاد بشكل غير مسبوق. وللمرة الأولى منذ استقلال تونس عن فرنسا قبل 65 سنة تدخل البلاد عاماً جديداً من دون إعداد موازنة أو قانون مالية، وكذلك من دون توضيح «الموارد المالية للدولة» و«نفقاتها»، مع العلم أن البرلمان التونسي اعتاد على المصادقة على موازنة العام الجديد قبل أسابيع من شهر يناير (كانون الثاني).
أحمد كرم، رئيس هيئة البنوك التونسية السابق، قدّر النقص في موازنة الدولة للسنة المقبلة بنحو 40 في المائة، مهما كانت الزيادات المتوقعة في الضرائب والرسوم والإتاوات. وفي الوقت نفسه، قدّر كرم قيمة السيولة المالية خارج البنوك، أي في «السوق الموازية» بنحو 17 مليار دينار تونسي (أي 6 مليارات دولار أميركي). ومن ثم، طالب بإصلاحات تشجع أصحاب تلك الأموال على الإقدام على ضخها في البنوك والمصارف التونسية.
ومن جهة ثانية، طالب سمير ماجول، رئيس نقابة التجار والصناعيين وأرباب المؤسسات الخاصة، بتعليق الإضرابات ومراعاة الظروف الصعبة التي تمر بها الشركات الخاصة، لأسباب عديدة... من بينها، المضاعفات السلبية والخطيرة لجائحة «كوفيد - 19». في حين توقع الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي – وكذلك عدد من كبار الخبراء الماليين، أن البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والصناديق العربية والأفريقية – ألا تقدّم هذه البنوك والصناديق المالية لتونس ما تحتاج إليه من قروض قبل أن تعلن القيادة التونسية بوضوح عن استئناف المسارين الديمقراطي والبرلماني، وتنخرط في إصلاحات عميقة لمشروع الموازنة، بما في ذلك عبر تخفيض «كتلة الأجور» إلى أقل من 15 في المائة.
وهنا نشير إلى أن نحو مليون تونسي وتونسية، أي عُشر المواطنين، فقدوا كلياً أو جزئياً وظيفتهم أو مورد رزقهم، وتضرّروا مالياً بسبب مضاعفات جائحة «كوفيد - 19» وإغلاق الحدود وتعثر الموسم السياحي لسنتين متتاليتين.



هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.