عمّقت «خريطة الطريق» التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد بمناسبة «الذكرى الـ11 لانفجار الثورة التونسية» الأزمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية، والخلافات بين قصر الرئاسة في قرطاج وقيادات سياسية ونقابية وحقوقية في البلاد، بما فيها تلك ساندت «قرارات 25 يوليو (تموز)» التي أدّت إلى حلّ البرلمان «مؤقتاً» وتعليق الدستور. وكشفت ردود الفعل على خطاب الرئيس سعيّد «مشهداً سياسياً جديداً» تقلّص فيه عدد الأحزاب والأطراف المساندة لـ«حركة التصحيح».
وفي المقابل، التحق معظم القيادات النقابية والحقوقية والسياسية بـ«الحراك الشعبي المعارض» الذي يعتبر زعماؤه ما يجري في تونس منذ 5 أشهر «انقلاباً على الدستور» وعلى إرادة ملايين الناخبين الذين شاركوا في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وهو ما يطرح تساؤلات عن اتجاه الأوضاع بعد دخول أنصار الرئيس ومعارضيه في سلسلة من التحركات داخل البلاد وخارجها، وإعلانهم أنها ستتواصل حتى 14 من يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو ذكرى سقوط حكم الرئيس زين العابدين بن علي؟ وهل تسفر الأمور عن «تعديل في المشهد السياسي»... أم تفاقم خطورة الأزمة وتتطوّر إلى اضطرابات اجتماعية أمنية قد تعجز كل الأطراف المعنية عن التحكم فيها؟
تسبب إعلان قصر قرطاج (مقر رئاسة الجمهورية في تونس) عن تمديد «الإجراءات الاستثنائية» حتى موفى العام 2022 المقبل في تشكيل جبهات معارضة داخلية قوية لـ«خريطة الطريق» التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد في أطول خطاب توجه به إلى الشعب منذ وصوله الحكم، وهذا، رغم ترحيب «مشروط» صدر عن الخارجية الأميركية بهذه الخطوة.
لقد تعهد سعيّد بتنظيم «انتخابات برلمانية لتعويض» البرلمان المجمد موعدها يوم 22 ديسمبر (كانون الأول) 2022، وهو ما يعني تشكيل الحكومة المقبلة في ربيع عام 2023. كذلك أعلن عن تنظيم استفتاء شعبي على دستور جديد يوم 25 يوليو المقبل تتويجاً «لاستشارة عبر المنصّات الإلكترونية وللحوار المباشر مع الشباب». بيد أن انقساماً برز بين ردود الفعل على هذه الخطوة؛ إذ رحبت بها مجموعات من «شباب حراك 25 يوليو» وعارضتها شخصيات سياسية، بينها زعيمة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي، التي لوّحت بمحاكمة أعضاء الحكومة بتهمة «استغلال مؤسسات الدولة ووزارة تكنولوجيا الاتصال خدمة لمشروع سياسي وانتخابي خاص».
جبهات معارضة جديدة
أيضاً، تسببت الخلافات السياسية التي ظهرت أخيراً بين قصر قرطاج والنقابات والأحزاب في تشكيل «تحالفات» و«جبهات معارضة» لرئيس الجمهورية رغم تناقضاتها الآيديولوجية وصراعاتها السابقة. ولقد حذّر زعيم نقابات العمال نور الدين الطبوبي وقياديون في منظمات حقوق الإنسان وزعماء 8 أحزاب معارضة، خلال مؤتمرات صحافية، الرئاسة وحكومة نجلاء بودن من «خطر تمديد مرحلة الفراغ السياسي والبرلماني والدستوري التي بدأت قبل 5 أشهر وتوشك أن تتواصل إلى مطلع عام 2023».
كذلك، تشكلت بالمناسبة ائتلافات مدنية و«جبهات معارضة»، أبرزها حركة «مواطنون ضد الانقلاب» بزعامة الحقوقي اليساري جوهر بن مبارك، والوزير الدبلوماسي عبد الرؤوف بالطبيب المستشار السابق للرئيس سعيّد، والوزير رضا بالحاج المستشار السابق للرئيس الباجي قائد السبسي، والمحامية اليسارية إسلام حمزة... ومعهم ثلة من الجامعيين البارزين، بينهم الخبير الدستوري شاكر الحوكي، والحبيب بوعجيلة، وزهير إسماعيل، والأمين البوعزيزي، والحقوقي الوزير السابق عبد الرحمان الأدغم نجل رئيس الحكومة الأسبق الباهي الأدغم. وتلقى هذه الحركة دعماً من نشطاء أحزاب عدة، بينها «حركة النهضة» بزعامة راشد الغنّوشي، و«قلب تونس» بزعامة نبيل القروي، و«حراك تونس الإرادة» بزعامة الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، و«ائتلاف الكرامة» بزعامة المحامي والبرلماني سيف الدين مخلوف. وبالفعل، نظمت هذه «الجبهة» سلسلة من المسيرات والوقفات الاحتجاجية «المعارضة للانقلاب» شارك فيها آلاف من أنصارها في تونس ومن المهاجرين التونسيين في عدد من الدول الأوروبية وكندا والولايات المتحدة. ونشر الأكاديمي والخبير الدستوري شاكر الحوكي عريضة تضم نحو 6 آلاف توقيع من شخصيات أكاديمية وحقوقية وسياسية تعلن معارضة موقّعيها ما وصفته بـ«تعطيل الدستور وحلّ البرلمان»، واعتبرت الخطوة «انقلاباً».
لكن، في المقابل، انتقد الرئيس سعيّد أولئك الذين يتكلّمون عن «انقلاب»، ونفى عن القرارات التي أعلن عنها صفة «الانقلاب»، واعتبر ما حصل «حركة تصحيح للمسار رداً على الخطر الداهم الذي كان يهدد البلاد في يوليو الماضي»، المتمثل بجملة عوامل بضمنها عجز حكومة هشام المشيشي والبرلمان المجمّد عن التصدي لجائحة «كوفيد - 19».
تحالفات وتحرّكات
من ناحية ثانية، لعل أهم مُعطى في المشهد السياسي الجديد، حسب سهام بادي، الناشطة السياسية في أوروبا والوزيرة السابقة للمرأة والأسرة، أن «قرارات الرئيس ساعدت على صنع مشهد سياسي جديد وعلى توحيد قوى المعارضة» التي كانت تشكو التشرذم والانقسام. وفسّرت بادي هذا التطور السريع بـ«اقتناع قيادات غالبية الأطراف السياسية بكون المكاسب الحقوقية والديمقراطية أصبحت في خطر منذ تعليق البرلمان المنتخب والدستور الذي شارك في صياغته آلاف السياسيين والحقوقيين والأكاديميين ومجلس وطني منتخب طوال ثلاث سنوات، ما بين 2011 و2014».
وحقاً، تعاقبت المؤتمرات الصحافية والبلاغات المشتركة بين عدد من رموز الأحزاب والأطراف التي شاركت في الحكم أو فازت في الانتخابات البرلمانية السابقة. وأعلنت قيادات الأحزاب بالمناسبة عن تحركات بالجملة للضغط على صنّاع القرار في الداخل والخارج بهدف «إنقاذ البلاد من أزمتها السياسية الاقتصادية الاجتماعية الأمنية» و«بناء تونس الجديدة» و«الربط بين الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي ومحاربة الفساد والعودة إلى المسارين الديمقراطي والبرلماني».
ومن جهة أخرى، أعلنت مجموعة من أبرز الشخصيات الوطنية عن تأسيس «اللقاء الوطني للإنقاذ» بزعامة قيادات من الأحزاب الليبرالية واليسارية المعتدلة مثل المحامي أحمد نجيب الشابي، ونائب رئيس البرلمان طارق الفتيتي، والوزير السابق فوزي عبد الرحمان، ورجل الأعمال والبرلماني العياشي الزمال، ورئيس الخبراء المحاسبين سابقا عياض اللومي، والناشط النقابي والسياسي المهدي عبد الجواد.
تبدّل مواقف الحلفاء
ومن بين أبرز انعكاسات ما وُصف بـ«الزلزال السياسي» على المشهد الوطني تغيير مجموعة من الشخصيات والأطراف السياسية مواقفها وتحالفاتها بنسبة 180 درجة. إذ عدّلت مكوّنات هذه المجموعة مواقفها من الرئيس سعيّد ومن «حركة التصحيح»، وباتت بدورها تصفها بـ«الانقلاب» على الدستور وعلى البرلمان المنتخب وعلى «شرعية صناديق الاقتراع». وكان من بين مفاجآت الأيام الماضية أن تصدّر مشهد «المعارضين الجدد» لسياسات قصر قرطاج بعض زعماء «الكتلة الديمقراطية» مثل المحامية سامية عبو، والأمين العام لحزب «التيار الديمقراطي» المحامي غازي الشواشي (وهو برلماني ووزير سابق)، والوزير السابق محمد عبو والقيادي في حزب الشعب الوزير السابق سالم الأبيض. وكان هؤلاء الأكثر انحيازاً للرئيس سعيّد إبّان معاركه مع حكومة هشام المشيشي ومع البرلمان وقيادات الائتلاف الحاكم عموماً، و«حركة النهضة» بصفة خاصة.
هذا، وسبق لرئاسة الجمهورية أن نشرت صوراً وفيديوهات على صفحتها الرسمية حول مشاركة هذه الشخصيات في اجتماعات مصغّرة في قصر قرطاج مع الرئيس سعيّد أو مع أعضاء المجلس الأمن القومي والمجلس الأعلى للجيوش وبعض الوزراء. وبالتالي، أدى انتقال هؤلاء من «المساندة المطلقة لحركة التصحيح» إلى المعارضة، إلى دفع الرئيس سعيّد إلى التشكيك في «وطنيتهم» واتهامهم بتغيير مواقفهم وولاءاتهم؛ بسبب حصولهم على «تمويل أجنبي» مزعوم.
لكن قيادات «الكتلة الديمقراطية» تابعت تحركاتها المعارضة عبر سلسلة من التصريحات النارية التي صدرت عن زعمائها، بينها دعوات من زعيمها ومؤسسها الوزير السابق محمد عبو، دعا فيها قيادات الأمن والجيش إلى الامتناع عن تنفيذ أوامر الرئيس، وهو ما اعتبره خصومه «دعوة إلى التمرد». وأيضاً، صعّدت «الكتلة الديمقراطية» احتجاجاتها وتحركاتها، ونظّمت مؤتمراً صحافياً للإعلان عن معارضتها «بقوة وحزم لمشروع خريطة الطريق التي أعلن عنها قيس سعيّد». وأعلن في المناسبة عن تأسيس «تنسيقية للأحزاب الديمقراطية» تضم «التيار الديمقراطي» بزعامة غازي الشواشي، والحزب الجمهوري بزعامة الحقوقي عصام الشابي، و«التكتل من أجل الديمقراطية» بزعامة النقابي والوزير الأسبق للشؤون الاجتماعية خليل الزاوية.
استطلاعات الرأي
في المقابل،، نشرت مؤسسات استطلاعات الرأي التونسية تقارير جديدة تحدثت عن تصدّر الرئيس قيس سعيّد قائمة السياسيين التونسيين من حيث الشعبية، ورجّحت فوزه بأكثر من 50 في المائة من الأصوات في حال نظّمت انتخابات رئاسية اليوم. كذلك كشفت استطلاعات الرأي نفسها، عن أن أكثر من ثلث الناخبين قد يختارون قوائم برلمانية يدعمها سعيّد إذا ما جرى تأسيس حزب يدعمه. لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن القانون التونسي يمنع رئيس الدولة من أن يرأس أي حزب سياسي.
ثم، أن مواقف الرئيس سعيّد تشير إلى أنه لا يكنّ تقديراً كبيراً لدور معظم الأحزاب والجمعيات، ويتهم جلّها بالحصول على تمويلات من جهات خارجية ومن رجال الأعمال «الفاسدين». وسبق له أن نشر حواراً صحافياً في يونيو (حزيران) 2019، قبل الانتخابات، أعلن فيه أنه ضد «كامل منظومة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المدعومة من الخارج». وتابع، أنه سيقوم بحل البرلمان في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية.
لم تلق الإجراءات الرئاسية الجديدة ترحيباً إلا من قِبل «تنسيقيات قيس سعيّد» التي ليس لها حزب يجمع بينها، وهي إنما تتحرك أساساً معتمدة على مواقع التواصل الاجتماعي وتعقد اجتماعات افتراضية باسم «حراك 25 يوليو»، مع الإشارة إلى أن هذا الحراك ليس له قيادة قانونية ورسمية.
وفي هذه الأثناء، ساندت قيادات 8 أحزاب محسوبة على «التيارات القومية والاشتراكية والماركسية» قرارات الرئيس سعيّد وأعلنت اعتزامها الوقوف في صفه. ويتزعم هذه الأحزاب النقابي والقيادي السابق في «حزب الوطنيين الديمقراطيين» عبيد البريكي، ورئيس حزب «التيار الشعبي القومي العربي» زهير حمدي، وزهير المغزاوي عن «حزب الشعب القومي الناصري». ولقد رحّبت قيادة حزب «التحالف من أجل تونس» بما جاء في خطاب رئيس الدولة واعتبرت أنّ الإجراءات الرئاسية المعلن عنها «توضّح معالم الطريق لسنة قادمة ستتوّج بانتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية إلى دورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها، وفق ما سيفرزه الاستفتاء الشعبي من تعديلات على الدستور وعلى النظام الانتخابي».
وبذا يقع تكريس الانقسام والتصدع داخل «المنظومة السياسية والحزبية والنقابية القديمة» التي شكك سعيّد منذ سنوات في مصداقيتها، وأدلى منذ وصوله قصر قرطاج بتصريحات عديدة اعتبر فيها أنها «منظومة انتهى دورها وتجاوزها الزمن».
أي دور ينتظر نقابات العمال وسط التشرذم والتنافس؟
> في خضم التشرذم والتنافس الحاصلين في تونس راهناً بين قصر قرطاج وقيادات الأحزاب السياسية، يطرح كثرة من المراقبين السؤال الكبير: مَن سيكسب على المدى البعيد ورقة التحكّم في التحركات الاجتماعية في مرحلة تشهد فيها البلاد أزمة اقتصادية مالية اجتماعية أمنية خانقة؟
في الواقع، تعدّ القيادات النقابية أهم الأطراف تأثيراً على آليات صنع القرار السياسي في تونس منذ عشرات السنين، وبصفة أخص منذ انهيار حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قبل 11 سنة. وللعلم، سبق أن شارك في كل الحكومات المتعاقبة خلال العقد الماضي نقابيون وسياسيون رشّحهم الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يعد أقوى وأعرق كيان نقابي في البلاد. ثم إنه تسبب «الفيتو» الذي استخدمته قيادات نقابية غير مرة في إسقاط عدد من المرشحين البارزين لرئاسة الحكومة أو لتولّي مسؤوليات عليا في الدولة.
أضف إلى ما تقدّم أنه أدت الإضرابات العديدة التي نظمتها النقابات منذ مطلع 2011 إلى إسقاط عدة حكومات، بينما أنتج التوافق بين النقابات وبين الرئيس السابق الباجي قائد السبسي في «تهدئة الأوضاع» حيناً، ثم في توظيف الاضطرابات الاجتماعية والنقابات لصالحه عند انفجار خلافات بينه وبين رئيسي الحكومة السابقين الحبيب الصيد ويوسف الشاهد.
أما إزاء ما يحدث راهناً، فإن ثمة قيادات نقابية تخشى جدياً من أن يتمادى الرئيس قيس سعيّد في تهميشها، أو أن تأمر النيابة بملاحقة بعض النقابيين بتهم «فساد» وقضايا «حق عام»؛ وذلك بسبب معارضة المركزية النقابية لعدد من قرارات الرئيس خلال الأشهر الماضية، بعدما كانت قد رحّبت بإجراءات 25 يوليو و«التصحيح».
ثم أنه، في الوقت الذي تتأهب القيادة النقابية لعقد مؤتمرها الوطني خلال شهر فبراير (شباط) المقبل، تتخوّف نقابات رجال الأعمال وأوساط سياسية رسمية ومعارضة من تصعيد للتحركات الاجتماعية والإضرابات. وأيضاً تتخوّف من احتمال توظيف سوء الأوضاع الاقتصادية وانهيار القدرة الشرائية للطبقات الشعبية والوسطى في معركتها مع قصر قرطاج ومع الحكومة، التي كشفت عن أن صندوق النقد الدولي يضغط عليه من أجل خفض أجور ملايين الموظفين والمتقاعدين، وتجميد الرواتب والتفويت في المؤسسات العمومية المفلسة رغم معارضة النقابات.
تونس من دون موازنة للعام الجديد لأول مرة منذ 65 سنة
> بينما يتابع السياسيون التونسيون منذ 11 سنة معاركهم على الكراسي، ويثيرون قضايا سياسية ودستورية وقانونية وآيديولوجية، تدهورت الأوضاع المالية في البلاد بشكل غير مسبوق. وللمرة الأولى منذ استقلال تونس عن فرنسا قبل 65 سنة تدخل البلاد عاماً جديداً من دون إعداد موازنة أو قانون مالية، وكذلك من دون توضيح «الموارد المالية للدولة» و«نفقاتها»، مع العلم أن البرلمان التونسي اعتاد على المصادقة على موازنة العام الجديد قبل أسابيع من شهر يناير (كانون الثاني).
أحمد كرم، رئيس هيئة البنوك التونسية السابق، قدّر النقص في موازنة الدولة للسنة المقبلة بنحو 40 في المائة، مهما كانت الزيادات المتوقعة في الضرائب والرسوم والإتاوات. وفي الوقت نفسه، قدّر كرم قيمة السيولة المالية خارج البنوك، أي في «السوق الموازية» بنحو 17 مليار دينار تونسي (أي 6 مليارات دولار أميركي). ومن ثم، طالب بإصلاحات تشجع أصحاب تلك الأموال على الإقدام على ضخها في البنوك والمصارف التونسية.
ومن جهة ثانية، طالب سمير ماجول، رئيس نقابة التجار والصناعيين وأرباب المؤسسات الخاصة، بتعليق الإضرابات ومراعاة الظروف الصعبة التي تمر بها الشركات الخاصة، لأسباب عديدة... من بينها، المضاعفات السلبية والخطيرة لجائحة «كوفيد - 19». في حين توقع الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي – وكذلك عدد من كبار الخبراء الماليين، أن البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والصناديق العربية والأفريقية – ألا تقدّم هذه البنوك والصناديق المالية لتونس ما تحتاج إليه من قروض قبل أن تعلن القيادة التونسية بوضوح عن استئناف المسارين الديمقراطي والبرلماني، وتنخرط في إصلاحات عميقة لمشروع الموازنة، بما في ذلك عبر تخفيض «كتلة الأجور» إلى أقل من 15 في المائة.
وهنا نشير إلى أن نحو مليون تونسي وتونسية، أي عُشر المواطنين، فقدوا كلياً أو جزئياً وظيفتهم أو مورد رزقهم، وتضرّروا مالياً بسبب مضاعفات جائحة «كوفيد - 19» وإغلاق الحدود وتعثر الموسم السياحي لسنتين متتاليتين.