المغرب: «العدالة والتنمية» قلق من الاحتقان الاجتماعي بعد قرارات حكومية متسرعة

عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية (ماب)
عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية (ماب)
TT

المغرب: «العدالة والتنمية» قلق من الاحتقان الاجتماعي بعد قرارات حكومية متسرعة

عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية (ماب)
عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية (ماب)

أعرب «حزب العدالة والتنمية» المغربي المعارض عن قلقه من جو الاحتقان الاجتماعي الذي خلفته مجموعة من القرارات والمواقف الحكومية المتسرعة، التي اتُخذت من دون أخذ الاحتياط والوقت اللازم لتحضيرها وشرحها وتوفير الظروف المناسبة لها، في وقت تلتزم الحكومة ورئاستها سياسة الصمت وصم الآذان تجاه عدد من المطالب الاجتماعية.
جاء هذا الموقف في بيان صدر أمس، عقب اجتماع الأمانة العامة للحزب السبت الماضي برئاسة الأمين العام عبد الإله ابن كيران، تناول النقاش خلاله مجموعة من القضايا السياسية والتنظيمية، وانتهى بإصدار القرارات اللازمة.
ونبّهت الأمانة العامة للحزب، ذي المرجعية الإسلامية، من التداعيات السلبية لقرار الحكومة مواصلة تمديد الإغلاق الشامل للحدود، ودعتها إلى التدخل بشكل مستعجل لفسح المجال أمام الحالات الإنسانية ومعالجة وضعية كل المغاربة العالقين في الخارج في مختلف البلدان.
وأعلنت الأمانة العامة، أن الحزب غير معني بأي موقف أو تصريح يصدر في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) يحمل اسمه أو اسماً قريباً من اسمه، وذلك على إثر صدور قرار هيئة التحكيم الوطنية بالإقالة من الحزب في حق العضوين في المجلس، هما مصطفى الدحماني ومحمد بنفقيه، بناءً على تحريك الأمانة العامة للمتابعة الانضباطية ضدهما لمخالفتهما أنظمة الحزب وقراراته. وأشار إلى أن عضو مجلس المستشارين الثالث سعيد شكير «ليس عضواً بالحزب أصلاً».
وكان سبق للأمانة العامة للحزب أن دعت الأعضاء الثلاثة، الذين ترشحوا باسم الحزب لعضوية مجلس المستشارين في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وجرى إعلانهم فائزين، إلى الاستقالة من المجلس.
وجاء في البيان، أن الحزب قدم ثلاث لوائح لهذه الانتخابات، وأن الأصوات التي حصل عليها مرشحوه «تتجاوز بشكل كبير وغريب وغير مقبول» الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات المحلية (البلديات).
وأشار الحزب إلى أنه «لم يبرم أي اتفاق مع أي من المكونات السياسية» بخصوص الانتخابات، باستثناء التنسيق الوحيد الذي جرى مع «حزب التقدم والاشتراكية» (يسار) محلياً، على أساس الدعم المتبادل.
وبذلك عدّ الحزب أن ما حصل عليه «لا يتناسب مع النتائج المعلن عنها في اقتراع 8 سبتمبر (أيلول)، التي سبق للحزب أن انتقدها».
وكان الأعضاء الثلاثة رفضوا الاستقالة من المجلس وشكّلوا مجموعة برلمانية، سمّوها «العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة»، وهو اسم قريب من اسم الحزب، كما أنهم صوتوا لصالح قانون المالية لسنة 2022.
وكان ابن كيران قد جدد، في كلمة ألقاها بالمناسبة، التذكير بالمسؤولية والأمانة الملقاة على عاتق قيادة الحزب وعموم مناضليه في هذه المرحلة الدقيقة وطنياً وإقليمياً ودولياً، وما تستلزمه من التمسك بمبادئ الحزب، وتمثل قيم الصدق والنصيحة والصبر والثقة التي تربط عموم الأعضاء، والالتزام بمبادئ العمل الجماعي المشترك وأجواء الحرية والمسؤولية واحترام الهيئات والمسؤولين؛ وذلك «من أجل القيام بواجبنا الإصلاحي الذي لا يرتبط بالتمثيلية في المجالس المنتخبة ولا بتحمل مسؤوليات عمومية، بل هو مبني على تمثل هذه المبادئ والقيام بواجب الدفاع عن الوطن وعن المواطنين»، مؤكداً أن الحزب مطالب بتقييم مساره ومراجعة أخطائه وتجديد وتأهيل مؤسساته وهياكله، بما يمكّن من إعطاء انطلاقة جديدة له وإعادة إحياء العلاقة بينه وبين المتعاطفين معه وعموم المواطنين.
وتطرق ابن كيران للظروف الإقليمية والدولية وحجم التحولات، التي يعرفها العالم، والتي تتسارع وتتطور بشكل متزايد، وهو ما يستدعي فهمها واستيعابها بشكل دقيق وبلورة التصورات الواضحة بصددها، مشدداً على أن «العدالة والتنمية» سيظل ملتزماً دعم الدولة ككيان سيادي منيع، يوحّد جميع المغاربة ويحفظ لهم حقوقهم وحرياتهم وللمغرب مكانته بين الأمم، وهو الدعم الذي لا يتعارض مع مواصلة النضال الديمقراطي من أجل تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالبلاد.
واستمعت الأمانة العامة إلى تقرير حول سير العمل البرلماني قدمه الدكتور عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للحزب، وتقرير حول اجتماعات الإدارة العامة واللجنة الوطنية تقدم بهما عبد الحق العربي، المدير العام للحزب.
وبعد المناقشة العامة صادقت الأمانة العامة على أولويات مشروع برنامج الحزب لسنة 2022، وعلى التاريخ المقترح لاجتماع الدورة العادية للمجلس الوطني في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.