المطارنة الموارنة يبدون ارتياحهم للبيان السعودي ـ الفرنسي

TT

المطارنة الموارنة يبدون ارتياحهم للبيان السعودي ـ الفرنسي

أبدى المطارنة الموارنة ارتياحهم لما توصلت إليه المحادثات بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الأزمة اللبنانية، في وقت تجددت فيه التحذيرات من تأجيل الانتخابات النيابية في لبنان، وسط تلميحات إلى مساعي «جهات سياسية» لتأجيلها.
وقال المطارنة الموارنة، في بيان تلا اجتماعهم الشهري أمس، برئاسة البطريرك بشارة الراعي، إنهم أبدوا «ارتياحاً إلى بداية حلّ الأزمة مع المملكة العربية السعودية، بفضل التعاون القائم بين رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون وولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان»، آملين في الوقت نفسه «عودة العمل المؤسساتي الدستوري إلى مجلس الوزراء قريباً». ودعا المطارنة الموارنة «المسؤولين المُخلِصين للوطن إلى فرض تماسكهم الأخلاقي والسياسي، ومتابعة السعي إلى حل الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية التي تتخبط فيها البلاد، في وقتٍ هو الأدهى، ربما في تاريخ لبنان المعاصر». وقالوا إنه «هالهم بلوغ نحو 90 في المائة من اللبنانيين عتبة الفقر، وفق تقارير دولية مرجعية»، مشيرين إلى أنهم «يترقبون مع المجتمع الدولي صحوة ضمير لدى المسؤولين تُعيد إلى هذا الوطن حضوره، من خلال التقيُد خصوصاً بالإصلاحات الضرورية المطلوبة لتعافيه».
وتطرق المطارنة الموارنة إلى الأنباء التي تتحدث عن إمكانية تأجيل الانتخابات النيابية، وحذروا «مما يحكى عن مساعٍ من قبل بعض السياسيين لمنع حصول الاستحقاق الانتخابي، الذي يُمثل حقاً أساسياً للمواطنين في المساءلة والمحاسبة، وحاجة مُلِحة لتداول الحكم على قاعدة النزاهة والجدارة والخبرة النبيلة في شؤونه».
والتحذير من تأجيل الانتخابات النيابية ليس الأول، فقد تجدد أمس مع إعلان عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص عن تقديمه اقتراح قانون معجل مكرر باسم التكتل وبسؤاله عما يتعلق بالانتخابات النيابية، قال: «هناك جهات سياسية تضع نصب أعينها 3 أمور، إما تطيير الانتخابات بالكامل وعدم إجرائها بالكامل والدخول في مرحلة الفراغ، وبدأنا نسمع عن نية لإحداث فراغ دستوري كامل في لبنان على مستوى رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وشلّ البلد، وربما نذهب إلى صيغ للحكم يجري الإعداد لها».
كما تحدث عن هدف آخر يتمثل في «تأجيل الانتخابات لفترة تمكن الأكثرية الحالية من انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مشيراً إلى أن «السلطة تضع نصب أعينها منع المغتربين من المشاركة في الانتخابات، لأنها تدرك وعندها ما يكفي من الأدلة والبراهين أن مجمل الصوت الاغترابي سيصبّ في غير صالحها وفيما تشتهيه وترغب فيه هذه السلطة الحاكمة».
وأعلن في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب: «إننا تقدمنا كتكتل جمهورية قوية باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى تمكين المغتربين من الاقتراع في السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية اللبنانية، إما ببطاقة الهوية وأي نموذج لهذه البطاقة، وإما بجواز السفر أياً كان تاريخ إصداره أو انقضائه أو بإخراج القيد الفردي، أياً كان تاريخ إصداره وانقضائه»، مضيفاً: «إننا فعلاً نرى أن هناك خصومة أعلنتها هذه السلطة السياسية على هؤلاء المغتربين الذين هم لبنانيون أصيلون يتمتعون بما يتمتع به اللبناني المقيم داخل لبنان من حقوق وواجبات، وسوف يخلقون كل العراقيل الممكنة من أجل تحجيم هذا الصوت الاغترابي، ومنعهم من التصويت، لكي لا يؤثر بشكل كبير جداً على نتائج الانتخابات النيابية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.