عشرات القتلى وآلاف النازحين من حروب «تنقيب الذهب» في دارفور

TT

عشرات القتلى وآلاف النازحين من حروب «تنقيب الذهب» في دارفور

تواصل ارتفاع عدد ضحايا الأحداث الدامية في إقليم دارفور بالسودان، والمستمرة منذ الأسبوع الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ووصل العدد حتى الآن إلى ما بين 150 و160 شخصاً، مع أكثر من 200 جريح، وإحراق أكثر من 50 قرية، ونزوح ما بين 10 آلاف و15 ألفاً، ولجوء نحو 8 آلاف شخص إلى دولة تشاد المجاورة، مع اتهامات مباشرة لقوات الدعم السريع بالضلوع في عمليات القتل الممنهج، فيما أكدت لجنة طبية ومنظمات حقوقية أن عدد القتلى تجاوز 88 قتيلاً، أغلبها بالرصاص.
وقال المتحدث باسم منسقية النازحين، آدم رجال، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن إقليم دارفور أصبح «خارج سيطرة الدولة»، وإن السكان المحليين يتوقعون الأسوأ، وتابع: «الأوضاع الآن أسوأ مما كانت عليه في الأعوام (2003 - 2004) التي اندلع خلالها النزاع في الإقليم»، وأضاف: «من يرتكبون الجرائم في دارفور هم جزء من الدولة، وهي جرائم مرتبة وممنهجة بعلم المسؤولين في الدولة».
وأرجع رجال تجدد الصراع في الإقليم إلى تجدد صراع الموارد، موضحاً أنه لم يعد مجرد مشكلات قبلية بين المزارعين والرعاة، بل دخل «الذهب والمعادن النفيسة» جزءاً من الصراع، وقال: «الصراع في منطقة (جبل مون) قديم، لأن المنطقة غنية بالذهب والموارد المعدنية الأخرى»، وتابع: «الحكومة تريد استخراج هذه المعادن، وتجد معارضة من السكان المحليين، لذلك تسعى إلى تهجيرهم».
وأوضح رجال أن الصراعات التي يشهدها الإقليم في شمال دارفور، وفي غربها وجنوبها، هي صراعات على الموارد الطبيعية، تدعمها قوات حكومية، «قوات الدعم السريع» على وجه الخصوص، وقوات تابعة لحركات مسلحة موقعة على اتفاقيات سلام. وأضاف مؤكداً: «قوات الدعم السريع الموجودة في دارفور كانت جزءاً من الصراع في جبل مون، تدخلت بـ4 سيارات مسلحة رباعية الدفع في معارك جبل مون، وعشرات العربات في منطقة كرينك، بخلاف الدراجات النارية والجمال والخيول».
ووجّه رجال اتهامات لأحد قادة الميليشيات بقتل عدد من المواطنين في منطقة «منواشي»، حيث أبلغ مواطنون الشرطة باعتداء مواشيه على مزارعهم، فاستردها من الشرطة بالقوة. وقال رجال: «أصحاب المواشي جزء منهم تابع للدعم السريع، وأحد قادته هدد الشرطة وأخذ مواشيه المضبوطة، قبل أن يطلق النار على المواطنين الذين أبلغوا الشرطة، وهو موجود الآن في منواشي».
وأرجع العنف في دارفور إلى رغبة جهات حكومية وقّعت اتفاقيات مع شركات أجنبية للتنقيب عن الذهب في جبل مون، في تهجير المواطنين لتخلو لهم الأرض، وقال: «إن الدعم السريع وحركة تحرير السودان الموقعة على اتفاقية سلام مارسوا عمليات تهجير ممنهج ضد السكان المحليين». واستنكر المتحدث باسم النازحين ضلوع قيادات في الدولة، وعلى رأسهم والي ولاية غرب دارفور في القتال الجاري هناك، وقال: «حتى من وقعوا السلام أصبحوا جزءاً من المشكلات في دارفور»، وتابع: «كل هذه القوات لا تهتم بالشعب ولا توفر له الحماية، بل تعمل على حماية مصالحها، لأنها تتبع لأشخاص وقبائل وليست على أساس وطني، وهو سيناريو يجري تسويقه في شرق السودان وجبال النوبة».
وشدد رجال على أهمية تكوين حكومة مدنية تحتكم لدستور قومي، حكومة تقوم على المواطنة وتحمي المواطنين وتصون أمن ووحدة البلاد، وقال: «منذ خروج المستعمر لم يُحكم السودان بدستور قومي يحدد كيف يُحكم السودان وليس من يحكمه»، وتابع: «نحن بحاجة لحكومة مدنية تحفظ أرواح المواطنين الذين يموتون يومياً برصاص القوات التي يفترض أنها تحميهم».
ونقلت «سودان تربيون» المستقلة، بدورها عن هيئة محامي دارفور، الأربعاء، مقتل 54 في «كرينك» و30 قتيلاً في «حفير روسي» بين كرينك ومدينة الجنينة، وجثث غير محصاة من الطرف الآخر في النزاع، وقالت ناسبةً إلى السكان المحليين إن عدد قتلى كرينك وحدها بلغ 54 قتيلاً، إضافة إلى 28 قتيلاً في منطقة حفير روسي، وإن 25 من القتلى تابعون لقوات التحالف السوداني، وهي قوات يقودها حاكم دارفور خميس عبد الله، و5 قتلى بينهم 3 نساء في منطقة «مستري».
وبدأت أحداث كرينك في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتفاقمت تباعاً حتى أول من أمس (الأربعاء)، فيما شهدت منطقة جبل مون عمليات واسعة الشهر الماضي، أودت بحياة كثيرين، وأدت لنزوح ولجوء آلاف السكان المحليين، إلى معسكرات اللجوء والمنشآت الحكومية ومعارفهم في المدن، فضلاً عن عبور آلاف للحدود مع تشاد لاجئين.
والثلاثاء الماضي، قرر مجلس السيادة تكوين قوة مشتركة من الجيش والدعم السريع والمخابرات العامة والشرطة، ومقاتلين من الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا بصلاحيات واسعة، لحفظ الأمن والاستقرار في الإقليم المضطرب. ونقلت «تربيون» عن رجال قوله: «لن تحل هذه القوة الأمن، فهي كلمة حق أريد بها باطل، فالقوات الموجودة الآن في دارفور كافية لحفظ الأمن في الإقليم».


مقالات ذات صلة

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

ظلت أسعار الذهب قُرب ذروة أسبوعين، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتوقعات إقدام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض آخر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مصنع «أويغوسا» لفصل الذهب والفضة في فيينا (رويترز)

ارتفاع طفيف لأسعار الذهب مع ترقب بيانات تضخم أميركية

ارتفعت أسعار الذهب يوم الاثنين مع ترقب المستثمرين بيانات تضخم أميركية هذا الأسبوع، تلمساً لمؤشرات على السياسة النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر بنك الشعب الصيني في بكين (رويترز)

بعد توقف لـ6 أشهر... الصين تستأنف شراء الذهب في نوفمبر

استأنف البنك المركزي الصيني شراء الذهب للاحتياطيات النقدية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد توقف استمر 6 أشهر.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سبائك ذهبية في أحد البنوك بزيوريخ في سويسرا (رويترز)

الذهب يتجه نحو الانخفاض بانتظار تقرير الوظائف الأميركي

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً، يوم الجمعة، لكنها تواصل التوجه نحو ثاني انخفاض أسبوعي على التوالي، في وقت يترقب فيه المستثمرون بيانات الوظائف الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

تأكيد عربي على دعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.