عباس: لمست من الإدارة الأميركية خطاباً جديداً

«حماس» رحبت بدعوة الجزائر إلى اجتماع للفصائل الفلسطينية

الرئيس التونسي قيس سعيد خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في تونس أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس: لمست من الإدارة الأميركية خطاباً جديداً

الرئيس التونسي قيس سعيد خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في تونس أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في تونس أمس (أ.ف.ب)

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه «لمس لدى الإدارة الأميركية الحالية خطاباً جديداً»، متوقعاً أن يُترجم إلى واقع من خلال الاعتراف بالشرعية الدولية، والضغط على الجانب الإسرائيلي من أجل وقف كل نشاطاته الاستعمارية. فيما رحبت «حماس» بدعوة الجزائر إلى اجتماع للفصائل الفلسطينية.
وقال عباس، مساء أول من أمس، في مؤتمر صحافي بمقر الرئاسة الجزائرية، بمناسبة انتهاء محادثاته مع الرئيس عبد المجيد تبون: «إذا لم يحصل تغيير في الموقف الأميركي من القضية الفلسطينية، سنواصل النضال والكفاح من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضينا». وأشار إلى أن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية «كلها معاناة بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وقد تأزمت في ظل الإدارة الأميركية القديمة».
وأوضح عباس أنه بحث مع تبون «كثيراً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وقد أطلعته على آخر المستجدات بشأن القضية الفلسطينية، إلى جانب بحث تعزيز علاقات التعاون بين البلدين، حيث تم التأكيد على أهمية تنسيق المواقف في ظل القمة العربية المقبلة»، المقررة بالجزائر نهاية مارس (آذار) المقبل.
وعبّر عباس عن «أمله في أن تكون القمة التي ستحتضنها الجزائر مناسبة لتوحيد جهود الأمة العربية ولم شمل جميع العرب»، مؤكداً أنّ الجزائر «عرفت بمساعيها للم شمل العرب والفلسطينيين». كما أبدى الرئيس الفلسطيني «ثقته بحسن تنظيم هذا الموعد العربي وإدارته في ظل القيادة الحكيمة للرئيس تبون». وأشاد بالشعب الجزائري وبـ«تمسكه بقضايا أمته العربية منها قضية فلسطين التي يضعها في قلبه»، مبرزاً أن «بلد المليون ونصف المليون شهيد، ظل على الدوام فعلاً وقولاً مع فلسطين وشعبها. فالجزائر قدمت نموذجاً تحررياً وإنسانياً مشرفاً، وظلت على الدوام تدافع عن أمتها وقضاياها الوطنية العادلة وحقوقها القومية، وفي طليعتها قضية فلسطين».
وأضاف عباس: «لقد أكدت للرئيس تبون أننا نمد أيدينا للسلام في إطار مؤتمر دولي يعقد وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ويهدف لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس. ولكن في الوقت نفسه، لن نقبل ببقاء الاحتلال والأبرتايد الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا إلى الأبد، ولن نقبل بالاعتداءات على هوية وطابع أهل القدس ولا على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيسة القيامة، ولن نقبل بمواصلة عمليات القتل وهدم المنازل والتنكيل بأسرانا واحتجاز جثامين شهدائنا، ولا بمواصلة حصار قطاع غزة».
وكانت الرئاسة الجزائرية أعلنت عن هبة للسلطة الفلسطينية بـ100 مليون دولار كمساعدة، خارج تعهدات الجزائر المالية السنوية تجاه فلسطين، والتي تبلغ 55 مليون دولار.
كما صرح تبون بأن بلاده اقترحت على عباس احتضان «مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية». وقال إنه «أخذ رخصة من الرئيس الفلسطيني أبو مازن، لجمع كل الفرقاء الفلسطينيين بالجزائر في أقرب وقت ممكن»، وإنه «يأمل في أن يكون الاجتماع مقدمة للوحدة العربية التي نطمح إليها، من خلال القمة العربية التي تعتزم الجزائر احتضانها».
وكالة الأنباء الجزائرية نقلت، أمس، عن «حماس» ترحيبها بالدعوة إلى تنظيم لقاء للفصائل الفلسطينية، معربة عن أنها «تقدر عالياً الموقف التاريخي للجزائر، حكومةً وشعباً، بخصوص دعم شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، وحقه في المقاومة والتحرير»، ومؤكدة «الالتزام بموقفها وسياستها الثابتة بالترحيب بكل جهد عربي وإسلامي ووطني، لتوحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام».
وعبرت «حماس» عن تقديرها عالياً للموقف التاريخي للجزائر حكومةً وشعباً، في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقه في المقاومة والتحرير.
وكانت آخر محاولة لإنجاز اتفاق مصالحة في يونيو (حزيران) الماضي بالقاهرة، اصطدمت بخلافات حول كل شيء: منظمة التحرير والحكومة وإعادة إعمار قطاع غزة.
وظلت الخلافات على حالها فيما لا يوجد أي تقدم في أي ملف بالقطاع، بما فيه إعادة إعمار القطاع الذي تربطه إسرائيل بإنجاز صفقة تبادل أسرى.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.