قالت منظمة الصحة العالمية إن فرض إلزامية اللقاح ضد (كوفيد - 19) يجب أن يكون الملاذ الأخير في المعركة الدائرة للسيطرة على الجائحة، وحضت على بذل ما أمكن من جهود على الصعيدين الثقافي والسياسي لرفع معدلات التغطية اللقاحية في جميع البلدان.
وجاءت هذه التصريحات على لسان مدير المكتب الإقليمي للمنظمة في أوروبا هانز كلوغيه، فيما تدرس عدة حكومات أوروبية اللجوء إلى هذا التدبير الذي كانت النمسا أعلنت المباشرة في تطبيقه اعتباراً من مطلع فبراير (شباط) المقبل، وبعد أن كانت الحكومة الإيطالية فرضته منذ شهرين على جميع العاملين في القطاعين العمومي والخاص كشرط لمزاولة أنشطتهم المهنية.
وقال كلوغيه في مؤتمر صحافي عقده ظهر أمس (الثلاثاء) لاستعراض المشهد الوبائي الراهن في أوروبا: «قبل اللجوء إلى فرض إلزامية اللقاح من الواجب إقناع السكان بضرورة تناول اللقاح وفوائده، على أن يكون هذا التدبير الملاذ الأخير الذي نلجأ إليه بعد استنفاد جميع الخيارات الأخرى لتحسين مستوى التغطية اللقاحية». وشدد على «ضرورة مراعاة مفاعيل إلزامية اللقاحات على الثقة العامة، لأن ما هو مقبول في بعض المجتمعات قد لا يكون مقبولاً في غيرها».
ولاحظ المدير الإقليمي للمنظمة الدولية أن «التلقيح الإلزامي أظهر فاعليته في زيادة التغطية اللقاحية في بعض البلدان، لكن لا بد لهذا التدبير أن يراعي الظروف والاعتبارات السياسية في كل بلد، وأن تواكبه خطط واضحة لتنفيذ حملات التطعيم، وألا يؤدي إلى زيادة مستوى الإجحاف في الحصول على الأدوية العلاجية والخدمات الطبية». وقال إن «متحور دلتا لا يزال هو السائد في أوروبا وآسيا الوسطى»، مضيفاً أن «البيانات تؤكد فاعلية اللقاحات لخفض نسبة الإصابات الخطرة والوفيات الناجمة عن (كوفيد - 19)، لكن ما زال الوقت مبكراً لمعرفة ما إذا كان المتحور الجديد أوميكرون أسرع سرياناً أو أشد فتكاً». وشدد على أن ثمة خمسة تدابير أساسية تساهم في احتواء الجائحة والحد من الوفيات، وهي: زيادة نسبة التغطية اللقاحية من عدد السكان، استخدام الكمامات الواقية في الأماكن المغلقة، إعطاء الجرعة المعززة من اللقاح إلى الفئات الضعيفة الأكثر تعرضاً من باب الأولوية، تهوية المنازل والأماكن العامة المغلقة، واعتماد بروتوكولات علاجية فاعلة للحالات الخطرة. وأضاف أن «المبدأ الأساسي هو بذل كل الجهود الممكنة لإقناع الناس بضرورة التلقيح»، مشيراً إلى أن «السيطرة على الوباء لن تتم من غير تلقيح أفراد الطواقم الصحية الذين يتواصلون باستمرار مع الفئات الضعيفة والأكثر تعرضاً للإصابة بالوباء».
وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت أمس في بيان رسمي من مقرها الرئيسي في جنيف، أنها ضد استخدام بلازما المتعافين من الوباء لمعالجة المصابين بالمرض، أياً كانت حالاتهم، طفيفة أو معتدلة أو خطرة، لأن «البحوث أظهرت عدم فاعلية هذا العلاج في الحد من الوفيات أو خفض الحاجة لأجهزة التنفس الصناعي».
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العلاج يقضي بحقن المصابين بالمصل الدموي للمعافين من (كوفيد - 19) على اعتبار أنه يحمل مضادات تساعد على تقوية الحماية المناعية.
إلى جانب ذلك، صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين قبيل افتتاح أعمال المجلس الأوروبي لوزراء الصحة أمس، بأن الاتحاد الأوروبي هو إلى اليوم الجهة المانحة الأولى في العالم للقاحات ضد (كوفيد - 19)، وأنه ملتزم دعم أفريقيا التي تسجل أدنى معدلات التغطية اللقاحية. وأضافت: «سنكثف جهودنا لمساعدة القارة الأفريقية وتحقيق هدف تطعيم 70 في المائة من سكان العالم بحلول منتصف العام المقبل، لأننا لن نتمكن من السيطرة على الجائحة إلا إذا كافحناها في جميع أرجاء العالم».
وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها قد أصدر من جهته تعميماً يدعو السلطات الصحية إلى تطعيم الحوامل، بعد أن أظهرت البيانات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الولادات المبكرة للحوامل المصابين بالفيروس وازدياد معدل الحالات التي تقتضي معالجة المولودين الجدد في وحدات العناية الفائقة لإصابتهم بأعراض خطرة غالباً ما تؤدي إلى الوفاة. وكانت بيانات المركز قد أظهرت أن هذه الحالات تضاعفت في العام الفائت مقارنة بالعام السابق.
وأفادت دراسة حديثة أجرتها جامعة أكسفورد بأن الذين تناولوا الجرعة الأولى من لقاح فايزر أو أسترازينيكا، ثم تناولوا الجرعة الثانية من لقاح موديرنا بعد مرور تسعة أسابيع، يواجهون الوباء بحماية مناعية أفضل من الذين كرروا نفس اللقاح في الجرعة الثانية. وقال الباحث ماثيو ستاب الذي أشرف على هذه الدراسة التي شارك فيها 1070 متطوعا، إن «التجارب أظهرت وجود استجابة مناعية أقوى عند هؤلاء الأشخاص، وهذه النتائج مفيدة خاصة للبلدان الفقيرة التي ما زالت توزع الجرعتين الأوليين من اللقاحات».
وفي بيان صدر أمس، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن أسوأ التوقعات تحققت بالنسبة لتأثير جائحة (كوفيد - 19) على الجهود المبذولة لمكافحة الأوبئة الأخرى، إذ بلغ عدد الوفيات الناجمة عن الملاريا 627 ألفا في العام الماضي بعد أن كان دون 70 ألفا في العام 2019، وجاء في البيان أنها المرة الأولى منذ عشرين عاماً التي يرتفع فيها عدد الإصابات العالمية بهذا الوباء ليبلغ 241 مليون إصابة في العام الفائت بعد أن كان انخفض إلى 14 مليوناً في العام 2019.
«الصحة العالمية»: إلزامية التلقيح ضد «كورونا» الملاذ الأخير
رفضت معالجة المصابين ببلازما المتعافين
«الصحة العالمية»: إلزامية التلقيح ضد «كورونا» الملاذ الأخير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة