في موقف نادر الحدوث، ظهر جمال وعلاء نجلا الرئيس الأسبق حسني مبارك، في عزاء والدة صحافي مساء أول من أمس، داخل مسجد عمر مكرم بميدان التحرير (أيقونة الثورة المصرية) في قلب القاهرة. وأثار الظهور الذي يعد الأول من نوعه، منذ إخلاء سبيلهما، ضجة وانتقادات في الأوساط العامة عكستها وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، لأنه اقترن بعبورهما للميدان الذي تسبب احتشاد المواطنين فيه خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 في الزج بهما بالسجن وأطاح بحكم والدهما.
لكن الكاتب الصحافي مصطفى بكري قال إن حضور نجلي الرئيس الأسبق عزاء والدته «كان مفاجأة»، مشيرًا إلى أن أمر العزاء مسألة اجتماعية لا علاقة لها بالمواقف السياسية، مؤكدًا أن «العزاء جمع جميع الأطياف السياسية، وليست له علاقة بمواقفي السابقة من عائلة مبارك».
وبكري، نائب برلماني سابق، كان دائما ما يظهر في موقف المعارض لمبارك وعائلته؛ بل كان الشخص الوحيد الذي تقدم ببلاغ ضد سوزان مبارك والدة علاء وجمال. وأدى ظهور علاء وجمال اللذين أطلقت السلطات المصرية سراحهما من محبسهما في سجن طرة (جنوب شرقي القاهرة)، في يناير الماضي، إلى حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة «فيس بوك» و«تويتر»، حيث تداول الجميع صورهما في العزاء متعجبين، ما بين رافض اعتبر أن هذا الظهور إهانة للمصريين والثورة، ومؤيد يعتبر الزيارة شجاعة منهما.
وكتب «أشرف ع» على «فيسبوك»: «بكل بجاحة يضحكان ويبتسمان في وجه الكاميرات وكأنهما كانا في مصيف ورجعا». وقال «أيمن ف»، أحد المغردين على «فيسبوك»: «جمال وعلاء يتحديان الثوار وينزلان ميدان التحرير وعمر مكرم للعزاء.. فين الثورة؟!.. يا نهار اسود». وكتب «حمدي م»، أحد المغردين على «تويتر»: «ولا كأننا قمنا بثورة.. الأمن حرسهما حتى خرجا.. وكأنهما من المسؤولين».
في المقابل، علق الفنان تامر عبد المنعم على «تويتر» قائلا: «قوة وشموخ وصلابة وأصل وشجاعة وكرم أخلاق أولاد الناس وقدرة على المواجهة».
وحصل علاء وجمال على البراءة من جميع تهم قتل المتظاهرين والفساد المالي منذ قيام ثورة 25 يناير عام 2011، وجاء قرار الإفراج بالتزامن مع إحياء مصر الذكرى الرابعة للثورة؛ لكن النيابة العامة طعنت على البراءة في القضية المعروفة إعلاميا بـ«محاكمة القرن»، وحددت المحكمة جلسة 7 مايو (أيار) المقبل لعرض الأسطوانة الخاصة بجلسة النطق بالحكم.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد أصدرت حكما في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يقضي ببراءة مبارك ونجليه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعديه الستة، من الاتهامات المنسوبة إليهم، والمتعلقة بوقائع قتل متظاهري ثورة يناير، والعدوان على المال العام والإضرار العمد به. بينما تعاد محاكمة علاء وجمال الآن، بالإضافة لمبارك، في القضية المعروفة القضية المعروفة إعلاميا بـ«قصور الرئاسة».
وعلاء كان يفضل الابتعاد دائما عن الحياة السياسية فترة حكم والده، بينما كان جمال أمينا مساعدا للحزب الحاكم الذي أطاحت به ثورة 25 يناير. وتتحفظ السلطات المصرية على ذكر مقر إقامتهما، خوفا من الترصد لهما واستهدافهما؛ لكن مصادر مصرية رجحت إقامتهما بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، ليكونا بجانب والدتهما، حيث تسكن سوزان في فيلتها بنفس الحي. وأكدت المصادر أنهما يرفضان الخروج في المناسبات أو الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام في الفترة الحالية لحين انتهاء كل القضايا التي يحاكمان فيها.
وأغلقت قوات الأمن الليلة قبل الماضية محيط مسجد عمر مكرم بالميدان الذي شهد المظاهرات الأكبر في 25 يناير والتي استمرت على مدار 18 يوما، حتى أُجبر مبارك على التنحي، مستخدمة عشرات من جنود الأمن المركزي وضباط الشرطة الذين انتشروا في محيط ميدان التحرير، ليس لتأمين المظاهرات التي كانت دائما ما تنطلق من هذا الميدان؛ لكن لتأمين نجلي مبارك، بعد أن تدافع البعض باتجاههما عند مغادرة العزاء للتحدث إليهما - حسب شهود عيان.
من جانبه، قال محمود كمال، وهو صحافي مصري: «إن لحظة ظهور جمال وعلاء كانت مفاجأة لجميع المعزين، وفي مقدمتهم مصطفى بكري وشقيقه محمود اللذان سارعا لاستقبال جمال وعلاء، قبل أن يتزاحم الحضور حولهما لمصافحتهما والاطمئنان عليهما»، لافتًا إلى أن أبرز من توجهوا لمصافحة نجلي مبارك بعض المرشحين الحاليين لمجلس النواب وبرلمانيون سابقون، الأمر الذي أربك الحركة داخل سرادق العزاء.
وأضاف كمال، الذي كان من حضور العزاء: «حضر جمال وعلاء في سيارة سوداء، وكانت هناك حراسة مشددة حول مسجد عمر مكرم.. ولا أحد يعرف، هل بسبب مشاهير السياسة والإعلام والفن الذين حضروا لتأدية واجب العزاء، أم لأن جمال وعلاء مبارك قررا تقديم واجب العزاء». وتابع كمال أن: «الإعلامي أحمد موسى ظل برفقتهما منذ اللحظة الأولى حتى غادرا العزاء، وسط تدافع شديد من المصورين وحالة استنفار وسط رجال الشرطة المكلفين بتأمين المكان، واصطف 4 من رجال الحراسة الخاصة بهما حول مقعديهما من كل النواحي تاركين لهما مساحة للتحرك واستقبال من يريد مصافحتهما من المعزين، كما منعا أي شخص غير معروف من الاقتراب من المكان الذي وقف فيه علاء وجمال»، لافتًا إلى أنهما مكثا 10 دقائق، وكان احتشاد المعزين حولهما لافتًا للحضور، كما تجمع عدد من المواطنين خارج سرادق العزاء لمشاهدة نجلي مبارك.
وعند المدخل الشرقي لميدان التحرير تقبع أطلال المبنى الرئيسي للحزب الوطني المنحل المكون من 15 طابقا، الذي كان جمال يشغل منصب أمين لجنة السياسات به، واحترق المقر مساء يوم 28 يناير عام 2011، وكان المبنى يعج في سنوات حكم مبارك برجال الدولة اللامعين، وكان جمال الرجل الأقوى فيه، ووقف جمال قبل أن يركب سيارته لينظر للمبنى نظره سريعة - بحسب شهود عيان.
ضجة في مصر مع أول ظهور «اجتماعي» لنجلي مبارك عقب إخلاء سبيلهما
عبرا ميدان التحرير «أيقونة الثورة».. وخرجا في حراسة مشددة عقب تدافع المواطنين عليهما
ضجة في مصر مع أول ظهور «اجتماعي» لنجلي مبارك عقب إخلاء سبيلهما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة