الانقلابيون يعاودون استهداف صنعاء «القديمة» لتغيير هويتها

مناشدات لـ«يونيسكو» بالتحرك لإنقاذ المدينة التاريخية

منظر عام للحي القديم في صنعاء (رويترز)
منظر عام للحي القديم في صنعاء (رويترز)
TT

الانقلابيون يعاودون استهداف صنعاء «القديمة» لتغيير هويتها

منظر عام للحي القديم في صنعاء (رويترز)
منظر عام للحي القديم في صنعاء (رويترز)

لم تمض سوى أسابيع قليلة على مصادرة الميليشيات الحوثية عشرات المنازل التاريخية في مدينة صنعاء القديمة وتحويلها لصالح أتباعها القادمين من صعدة بمبرر أنها متهالكة، إلا وعادت الجماعة مجددا لاستهداف ذات المدينة المدرجة على قائمة التراث العالمي، لكن هذه المرة عبر بوابة تنفيذ مشاريع أغلبها تحمل الصبغة الحوثية الطائفية.
وكشفت مصادر عاملة في وزارة الثقافة الخاضعة للسيطرة الحوثية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن مواصلة الانقلابيين الحوثيين منذ نحو أسبوع إجراء استحداثات وتغيرات واسعة بحق ما تبقى من معالم ورمزية مدينة صنعاء القديمة.
وأوضحت أن بعض التغييرات الحوثية تلك شملت كتابة وطباعة عشرات الشعارات تحوي عبارات مؤسس الميليشيات وزعيمها الحالي ووضعها على بوابات المدينة وممراتها ومعظم جدران منازلها. وأشارت المصادر إلى أن آلية الاستهداف الحوثي الجديد لأكبر مدينة تاريخية في اليمن تأتي بناء على مخرجات اجتماع عقدته قبل نحو 10 أيام قيادات في الميليشيات ترأسه كل من القيادي الحوثي المدعو عبد الله الكبسي المنتحل لصفة وزير الثقافة بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها والمدعو حمود عباد المعين من قبل الجماعة أمينا للعاصمة، وتضمن مناقشة ما سمته الجماعة تنفيذ مشاريع جمالية للمدينة.
وقالت إن الاجتماع خرج بآلية تنص على إجراء تغيرات واسعة لمداخل باب اليمن ومخارجه وإقامة مجسمات بالقرب من باب شعوب التاريخي وأخرى بعدد من ساحات ومنازل المدينة لها ارتباط بالفكر والمشروع الحوثي الدخيل على المجتمع اليمني.
في غضون ذلك، حذر ناشطون ومثقفون وعاملون بمجال التراث من مساعي الجماعة الحالية والرامية لتجريف ما تبقى من معالم ورمزية مدينة صنعاء القديمة واستبدالها بوسطة أخرى مستوردة من الحوزات الإيرانية.
وذكر البعض منهم لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات تواصل منذ انقلابها على الشرعية واجتياحها صنعاء وبعض المدن شن حربها الخفية والعلنية ضد معالم اليمن التاريخية والحضارية بينها مدينة صنعاء القديمة التي لم تكتف الجماعة بتحويلها إلى منطقة أمنية مغلقة، بل عمدت إلى مصادرة عديد من منازلها ومنحها لقياداتها والبعض من مشرفيها القادمين من صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.
ولفتوا إلى أن الجماعة عادة ما تبتكر حججا وذرائع واهية لشرعنة الاستهداف الممنهج بحق صنعاء القديمة كان آخرها تحت ذريعة تنفيذ مشاريع تحت اسم «جمالية».
وحمل عدد من الناشطين والعاملين بمجال التراث الانقلابيين الحوثيين كامل المسؤولية حيال ما تتعرض له المدينة التاريخية حاليا من عبث واستهداف منظم. وناشدوا في ذات الوقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونيسكو»، بالتحرك لوقف مخطط الاستهداف بحق ما تبقى من معالم تلك المدينة تحت مزاعم تنفيذ مشاريع حوثية.
وتحدث العاملون بمجال التراث لـ«الشرق الأوسط»، عن أن صنعاء القديمة تضم أكثر من 6500 منزل تاريخي تعود إلى ما قبل القرن الـ11، فضلا عن 106 مساجد و21 حماماً تاريخياً، وتتميز مساكنها بطابع معماري فريد جعلها ضمن قائمة المدن التاريخية العالمية.
وسبق للميليشيات أن عمدت طيلة سبعة أعوام ماضية وفي سياق استهدافها لذات المدينة إلى إجراء تغيير شبه كامل لديموغرافيتها والعبث بجماليتها ومعالمها الحضارية، إضافة إلى مصادرة العشرات من منازلها التاريخية وشراء أخرى.
وكان المدير التنفيذي للمركز الأميركي للعدالة عبد الرحمن برمان كشف مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. عن سطو الجماعة على 47 منزلاً تاريخياً في صنعاء القديمة خلال ثلاثة أشهر ماضية.
وأشار إلى أن عملية السطو تلك تمت بناءً على توجيهات صادرة عن القيادي في الميليشيات المدعو عبد الله الكبسي المعين وزيراً للثقافة بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها في صنعاء، تقضي بمصادرة ونهب منازل تاريخية وأثرية بعضها سبق أن هدمتها سيول الأمطار بأوقات سابقة.
وقال برمان، إن من بين المنازل التاريخية التي تمت مصادرتها من قبل الجماعة بحجة أن بعضها مهجورة وأخرى تعاني من خلافات الورثة منزل شاعر اليمن وأديبها الكبير الراحل عبد الله البردوني.
وأبانت مصادر عاملة بوزارة الثقافة الخاضعة الانقلابيين بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» اعتزام الميليشيات خلال الفترة المقبلة التوجه إلى مناطق ومدن تاريخية جديدة لاستكمال حصر ومصادرة العشرات من المنازل المدرجة في نص القرار الحوثي ومنها مدينة زبيد التاريخية بمحافظة الحديدة ومدينة جبلة بمحافظة إب وغيرها من المدن تحت سيطرة الميليشيات.
ونتيجة لمضي الانقلابيين، حلفاء طهران في اليمن، طيلة سنوات ماضية وما زالوا في استهداف المنازل القديمة في صنعاء القديمة إما بالمصادرة وإما بالهدم ومن ثم تحويلها إلى محلات تجارية بغية التكسب من ورائها. كانت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم «يونيسكو» قد حذرت بوقت سابق من استبعاد المدينة من قائمة مدن التراث العالمي، بسبب ما قالت إنه تزايد أعمال الهدم والاستحداثات الحوثية وغيرها من التهديدات التي يتعرض لها طرازها المعماري، منها التشوهات والطلاء الأخضر للشعارات المحرضة على العنف والكراهية التي ملأت جميع جدرانها.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.