رئيس الوزراء الفرنسي: العلاقة مع الرباط استعادت مسارها الطبيعي

العاهل المغربي تباحث مع فالس حول تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاون الأمني

الملك محمد السادس خلال استقباله رئيس الوزراء الفرنسي أول من أمس (أ.ف.ب)
الملك محمد السادس خلال استقباله رئيس الوزراء الفرنسي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الوزراء الفرنسي: العلاقة مع الرباط استعادت مسارها الطبيعي

الملك محمد السادس خلال استقباله رئيس الوزراء الفرنسي أول من أمس (أ.ف.ب)
الملك محمد السادس خلال استقباله رئيس الوزراء الفرنسي أول من أمس (أ.ف.ب)

أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء أول من أمس، في القصر الملكي بالرباط، مباحثات مع مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي، تناولت تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، وتعزيز التعاون الأمني بينهما.
وتعد زيارة فالس مؤشرا مهما بعد الإعلان عن انتهاء الأزمة الدبلوماسية بين الرباط وباريس، التي استمرت نحو عام.
وتندرج زيارة فالس للمغرب في إطار الدينامية الجديدة التي تشهدها العلاقات بين البلدين، وذلك قبيل انعقاد الدورة 12 للاجتماع الفرنسي - المغربي من مستوى عالٍ، الذي من المرتقب أن تستضيفه باريس 28 مايو (أيار) المقبل.
وذكر بيان صدر عن الديوان الملكي المغربي أن اللقاء «كرس التطابق التام في وجهات النظر بين المغرب وفرنسا حول مجموع القضايا الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك»، مشيرا إلى أن زيارة فالس للمغرب تأتي، بعد الزيارتين المتتاليتين للمملكة لوزيري الداخلية والخارجية الفرنسيين، لتعزيز الآفاق المهمة لمستقبل الشراكة الثنائية.
وأشاد الملك محمد السادس ورئيس الوزراء الفرنسي بالعلاقة المتميزة التي تربط بين البلدين، وعبرا عن عزمهما الراسخ على تمتينها بشكل أكبر على أساس الثقة والطموح والتقدير المتبادل.
وتناولت المباحثات أيضا «تعزيز الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات، لا سيما القضائية والاقتصادية والتكنولوجيات الحديثة والتعليم، وكذا القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وخصوصا الوضع الإقليمي في غرب أفريقيا والشرق الأوسط، وبالتحديد في ليبيا ومالي وسوريا، فضلا عن التعاون في المجال الأمني ومحاربة التطرف»، بحسب البيان.
كما أضاف البيان أنه «خلال هذا الاستقبال، عبّر فالس عن اهتمامه بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، وأبدى رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع المملكة المغربية في هذا المجال. ومكّن هذا الاستقبال كذلك من بحث التحضير للاجتماع المقبل رفيع المستوى، وكذا التزام الحكومتين الفرنسية والمغربية بتنسيق العمل لضمان نجاح هذا اللقاء المهم».
وكان فالس قد تباحث أيضا مع عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، وقال في تصريحات صحافية عقب اللقاء إن العلاقات بين فرنسا والمغرب «استعادت مسارها الطبيعي»، مؤكدا أن باريس «فخورة بأنها صديقة للمغرب، وأن هذه الصداقة أمامها مستقبل مشرق، نحن مصممون أكثر من أي وقت مضى على أن تزدهر».
وأكد رئيس الوزراء الفرنسي أن بلاده عازمة على الحفاظ على موقعها كشريك مرجعي للمغرب، واصفا علاقات الشراكة التي تربط البلدين في جميع المجالات، ولا سيما السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم بـ«المتميزة». وقال فالس: «ستكون أمامنا الفرصة للانطلاق معا مجددا، وفتح صفحة جديدة لهذه الشراكة، يوم 28 مايو (أيار) المقبل، باعتبار أن زيارتي تؤشر على انطلاق التحضيرات للقاء الرفيع المستوى. هذا اللقاء الحكومي المغربي - الفرنسي سيجمع عددا مهما من الوزراء».
وأوضح فالس أن بلاده عازمة «أكثر من أي وقت مضى»، على تعزيز العلاقات مع المغرب في جميع المجالات، لا سيما الاقتصاد والتربية والتعليم العالي والثقافة ومكافحة الإرهاب.
وأضاف أن فرنسا تعتزم مواكبة المغرب، البلد الذي يتطور ويفرض نفسه ويتموقع ضمن كبرى دول الفضاء المتوسطي والقارة الأفريقية في جميع المجالات. وذكر في هذا الإطار أن التعاون الاقتصادي بين البلدين «لم يشهد تراجعا قط، لكن من المهم إحياء الأمور وإنعاشها على المستوى الاقتصادي».
وأشار إلى أن الزيارة المقبلة لوزير المالية الفرنسي، ميشال سابين، تندرج في هذا الإطار، مشيرا إلى أنه «ليس من قبيل الصدفة أن تكون فرنسا اليوم شريكا للمغرب من الدرجة الأولى».
وعلى صعيد آخر، أشار فالس إلى أنه تطرق مع رئيس الحكومة المغربية لمكانة الإسلام في فرنسا وأوروبا، مشددا على التعبئة «الكاملة والتامة» للسلطات الفرنسية لمواجهة كل الممارسات التي يمكن أن تحدث شرخا في المجتمع الفرنسي، لا سيما الممارسات التي تمس بالإسلام. وقال إن «الشعبوية تتغذى على خطاب معادٍ للإسلام بفرنسا وأوروبا، ونحن عازمون على مكافحة هذه الممارسات، وكذا هذه الخطابات. لا يمكن أن نسمح لأي خطاب يجرح مسلمي فرنسا والعالم بصفة عامة».
ومن جهته، قال ابن كيران إن «المغرب يتطلع إلى تعاون أكثر قوة مع باريس»، مشيرا إلى أن التعاون الأمني بين البلدين يجري في مناخ يتسم بالثقة والدعم المتبادل، مبرزا أن تحقيق الأمن يتطلب دعم جميع القضايا العادلة بالمنطقة، لا سيما منها القضية الفلسطينية، من أجل تجنب اندلاع «ردود فعل عنيفة وغير مفهومة حتى بالنسبة للمسلمين»، مثل ظاهرة التطرف.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.