روسيا تضرب غرب سوريا وتتوسع عسكرياً في شرقها

TT

روسيا تضرب غرب سوريا وتتوسع عسكرياً في شرقها

تمددت القوات الروسية باتجاه شمال شرقي سوريا واقامت قواعد وتدريبات شرق الفرات خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الذي يصادف الشهر الـ74 للتدخل العسكري في سوريا، في وقت رفعت من وتيرة قصفها على شمال غربي سوريا قياساً إلى أشهر سابقة منذ تفاهم الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين في مارس (آذار) 2020.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، إن القوات الروسية استكملت الشهر الـ74 من مشاركتها العسكرية في على الأراضي السورية، وشهد الشهر الثاني من العام السابع سلسلة من التدخلات الروسية أحداثاً عدة.
في شمال شرقي البلاد، سيّرت القوات الروسية ونظيرتها التركية 5 دوريات، 4 منها جرت بمحافظة حلب، وتحديداً بريف عين العرب (كوباني). وفي ريف الحسكة، خرجت دورية مشتركة بين القوات الروسية والقوات التركية بتاريخ 18 نوفمبر الماضي. وتأتي هذه الدورية بعد توقف الدوريات المشتركة لنحو ثلاثة أسابيع على خلفية الحديث عن هجوم تركي جديد على مناطق «قوات سيطرة سوريا الديمقراطية» شمال شرقي سوريا.
وشاركت 9 عربات من الطرفين بالدورية، وسط تحليق مروحيتين روسيتين فوق سماء المنطقة، وانطلقت الدورية من معبر شيريك غرب درباسية وتوجهت للريف الجنوبي، حيث جابت قرى «قرمانية وتل كديش وغنامية وكربطلي»، كما جابت قرى بريف درباسية الشرقي وعامودا الغربي وهي «جديدة وتل طيرة وتل كرمة وأبو جرادي وخاصكي وخانكي وبهيرة».
وفي شمال غربي سوريا، قال «المرصد»، إنه «واصلت المقاتلات الروسية تصعيدها على المنطقة بشكل أقل من الشهر الفائت، مستهدفة أرياف إدلب واللاذقية وحماة بأكثر من 40 غارة جوية على مدار 7 أيام». وتسبب «القصف بسقوط 8 قتلى مدنيين وأكثر من 20 جريحاً، حيث ارتكبت المقاتلات الروسية مجزرة بتاريخ 11 الشهر الماضي، حين قتلت 5 مدنيين «جراء استهداف منزلهم بإحدى الغارات الروسية التي أطراف بروما ومفرق الهباط بريف إدلب الشمالي».
وفي 22 الشهر، قُتل مدنيان اثنان جراء قصف جوي روسي بثلاثة غارات استهدف ورشة عمال مدنيين يعملون بقطاف الزيتون، على أطراف قرية تلتيتا التي يقطنها مواطنون من أتباع طائفة «الموحدين الدروز» في منطقة جبل السماق شمال غربي إدلب.
وفي تاريخ 25 الشهر، قُتلت سيدة جراء استهدافهم بغارة جوية روسية أثناء عملهم في قطاف الزيتون في محيط قرية شأن بجبل الزاوية جنوبي إدلب، حيث يتواجد في المنطقة نقاط وقواعد تركية.
على صعيد آخر، عمدت القوات الروسية مطلع الشهر الماضي إلى إنشاء قاعدة عسكرية على طريق حلب - الحسكة الدولية شرق مدينة منبج بريف حلب الشرقي، حيث تمركزت عربات روسية في قاعدة مدفعية كانت تتمركز فيها قوات النظام، وتبتعد القاعدة الجديدة نحو 20 كيلومترا عن تمركزات القوات التركية في الشمال.
وتأتي ذلك في إطار تعزيز التواجد الروسي من ريف حلب الشرقي وصولاً إلى عين عيسى شمال محافظة الرقة على الطريق الدولية حلب - الحسكة.
وفي السياق ذاته، قامت القوات الروسية بتاريخ 12 الشهر الماضي، بنشر منظومة دفاع جوي في مطار الطبقة الذي يعد قاعدة وموقعاً بارزاً في ريف الرقة، وذلك في إطار التحركات المكثفة للروس في منطقة شمال شرقي سوريا واستقدام تعزيزات عسكرية كبيرة على مدار الأيام الفائتة، وإجراء مناورات عسكرية برفقة قوات النظام، ومنها التعزيزات التي وصلت إلى مطار الطبقة قبل أيام واستقدام مروحيات إلى المطار أيضاً، فيما يبقى السؤال الأبرز «في وجه من نشر الروس هذه المنظومة!» في تلك المنطقة من الأراضي السورية.
أما في البادية السورية، وثق «المرصد» مقتل 15 عنصراً من تنظيم «داعش» وإصابة 23 آخرين، جراء أكثر من 600 ضربة جوية نفذتها طائرات حربية روسية، استهدفت نقاط انتشارهم في البادية السورية، غالبيتهم قتلوا ضمن بادية الرقة ودير الزور وحمص وبدرجة أقل مثلث حلب - حماة - الرقة.
وبعد الانتهاء من التسويات في جنوب غربي سوريا، اتجهت روسيا إلى إيصال المساعدات الإنسانية ونشر مراكزها الثقافية في هذه المنطقة على امل منافسة وجود إيران قرب حدود الأردن وخط الفصل مع إسرائيل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.