ليبيون يخشون دعماً خارجياً لمتنافسين في الانتخابات الرئاسية

سياسيون يتحدثون عن تباين بين القوى الدولية

TT

ليبيون يخشون دعماً خارجياً لمتنافسين في الانتخابات الرئاسية

عبّر سياسيون ليبيون عن تخوفهم من تأثير «الدعم الخارجي» للمرشحين في السباق الرئاسي، على مسار العملية الانتخابية برمتها، في وقت تحدثوا عن وجود تباين واضح بين القوى الدولية في دعم متنافسين عدة بالشكل الذي يخدم توجهاتها ومصالحها، لكنهم أكدوا قدرة الشعب الليبي على الاختيار الصحيح بالشكل الذي يخدم مصالحه.
بداية، حذّر عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي، مما سماه «التدافع المحموم، الذي يشهده سباق الانتخابات الرئاسية من أنه قد يشغل كثيرين عما وضعته بعض الدول من خطط وسيناريوهات لدعم بعض الشخصيات المرشحة».
ورأى التكبالي أن «روسيا تدعم سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، بشكل واضح، بهدف استعادة علاقتها القديمة مع والده، ومحاولة الحد من النفوذ الأميركي في الساحة الليبية».
ورجح التكبالي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «وجود مرشح بديل يجري تجهيزه من قبل الروس بعيداً عن التركيز الإعلامي الواسع على عودة سيف، ورجال أبيه للساحة السياسية والجدل حول موقفه القانوني».
وتوقع النائب حصول المرشح خليفة حفتر، على «دعم ضمني من دول عربية عدة بعدم معارضة إذا ما فاز في الانتخابات، وربما أيضاً من قبل الولايات المتحدة، فيما لم تحسم فرنسا وإيطاليا وألمانيا قرارها بعد، وتفاضل بين مرشحين عدة»!
وقبلت محكمة استئناف طرابلس طعناً تقدم به عدد من الشخصيات السياسية ضد ترشح رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة، لكن لا تزال أمامه فرصة للاستئناف، في حين لم تبت محكمة سبها في الطعن المقدم ضد سيف القذافي.
ويختلف المحلل السياسي عبد الله الكبير، مع طرح التكبالي، متوقعاً أن «يدفع الاستبعاد المرتقب لسيف الإسلام، من السباق روسيا للمراهنة على حفتر، أو التحالف بشكل غير معلن مع من تصفهم الولايات المتحدة بالمعرقلين للعملية الانتخابية».
وذهب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «روسيا تعتبر أن الانتخابات الليبية هي خطة أميركية - أوروبية للتصدي لوجودها في ليبيا، وبالتالي ستعارضها إذا تقلصت فرص مرشحيها».
وبالحديث عن الدبيبة، قال الكبير: «الدبيبة قد يكون خياراً مفضلاً لتركيا إذا تمكن من العودة للسباق الانتخابي مرة ثانية، وربما تجد فيه بعض الدول الغربية أيضاً ضامناً للاستقرار مقارنة بشخصيات أخرى لا تحظى برضا أغلبية الليبيين».
ولا يستبعد الكبير أن يكون وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، أحد الوجوه التي تراهن عليها الولايات المتحدة، فيما قد تتجه فرنسا لدعم حلفائها التقليدين مثل حفتر، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، إلا أنه عاد مستدركاً: «الولايات المتحدة وبريطانيا أيضاً ورغم توتر علاقتهما بحفتر، بسبب ما يلاحقه من اتهامات بارتكاب جرائم بحق الليبيين، إلا أنهما قد تقبلان به، حال تأهل للجولة الثانية من السباق أمام أي شخصية غير معروفة لهما».
أما المحلل السياسي التركي إسلام أوزكان، فرأى أن بلاده لا تتدخل في الانتخابات الليبية بشكل كبير كما يتوقع البعض، وأرجع ذلك لتصاعد الأزمة الاقتصادية في الفترة الراهنة التي أدت بدورها لتراجع شعبية الرئيس رجب طيب إردوغان.
ورأى أوزكان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الدبيبة، إذا أُدرج اسمه بالقائمة النهائية للمرشحين، فسيكون الورقة الرابحة التي سيلقي عليها الأتراك بثقلهم ويقدمون له دعماً ضمنياً، أما الخيار الثاني فسيكون لأي شخصية قريبة أو موالية لحكومة «الوحدة الوطنية»، أو ما سبقها من حكومات طرابلس التي تعاملت وتحالفت مع تركيا في السنوات الماضية، متابعاً: «لا يوجد اسم محدد حتى الآن، ولكن في كل الأحوال سيكون هناك حرص على إفشال حفتر».
واعتبر أن الانتخابات الليبية ستكون مفصلية للدور التركي بليبيا، مشيراً إلى أن «فوز مرشح مدعوم من روسيا أو أي من الدول الغربية المناهضة للوجود التركي بليبيا كفرنسا تحديداً قد يعني احتمالية انسحاب تركيا من الساحة الليبية».
من جانبه، سلط مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق حسين هريدي، على تقاطع ملف التدخل الدولي وصراعات الأفرقاء الليبيين السياسية، وكيف يسعى البعض خاصة الرافضين منهم لإجراء الانتخابات لترويج ادعاءات عن منافسيهم بالحصول على دعم خارجي لإحراق شعبيتهم بالشارع الليبي.
ونفى هريدي لـ«الشرق الأوسط» ما يتردد عن وجود مرشح مفضل لمصر بالانتخابات الليبية، مؤكداً أن «القاهرة ستدعم خيار الشعب الليبي، ولن تراهن أو تصطف خلف أي مرشح أو معسكر بعينه».
ورأى وكيل وزارة الخارجية الأسبق حسن الصغير، أن إظهار الدعم الخارجي لمرشح ما يعني إحراقه سياسياً، وذلك لشدة حساسية الليبيين تجاه أي تدخل خارجي، خاصة فيما يتعلق واختيار أول رئيس للبلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».