بسبب تدهور الوضع الإنساني... الهجرة الدولية تدق ناقوس الخطر في مأرب

TT

بسبب تدهور الوضع الإنساني... الهجرة الدولية تدق ناقوس الخطر في مأرب

دقت المنظمة الدولية للهجرة ناقوس الخطر بسبب تدهور الوضع الإنساني في محافظة مأرب، حيث يتسبب النزاع المسلح في خسائر فادحة في صفوف النازحين والمهاجرين والمجتمعات التي تستضيفهم. ودعت بشكل عاجل إلى إنهاء الأعمال العدائية الجارية دون الإشارة إلى أن ميليشيات الحوثي التي تهاجم المحافظة من أكثر من اتجاه وتستهدف التجمعات المدنية والمخيمات بالقذائف والصواريخ الباليستية وناشدت للحصول على تمويل عاجل لدعم المتضررين.
وقال بيان وزعه مكتب المنظمة في اليمن وتسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن الخطوط الأمامية النشطة تغيرت في الشهرين الماضيين أكثر من أي وقت مضى في هذا العام. وتزايد عدد الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار من منازلهم في مأرب – حيث ارتفع عدد الفارين منهم للمرة الرابعة أو الخامسة - إلى أكثر من 45.000 نازح منذ سبتمبر (أيلول).
وقالت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن كريستا روتنشتاينر «المنظمة الدولية للهجرة قلقة للغاية بشأن احتمالية إجبار مئات الآلاف من الأشخاص على الانتقال مرة أخرى إذا وصلت أحداث العنف إلى المدينة، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية». وأضافت «نحن ننضم إلى المجتمع الإنساني في الدعوة إلى إنهاء الأعمال العدائية واحترام القانون الإنساني الدولي وكذلك توفير موارد عاجلة لتوسيع نطاق الاستجابة».
وحسب المنظمة التي تقدم فرقها للهجرة الإغاثة الأساسية - بما في ذلك المياه والصرف الصحي، والمأوى، والمستلزمات المنزلية والمساعدات النقدية لتغطية الاحتياجات العاجلة - في 61 موقعاً. منذ بداية العام، شهدت مواقع النزوح البالغ عددها 137 موقعاً في المحافظة زيادة بنحو عشرة أضعاف في أعداد الوافدين الجدد منذ سبتمبر. لتصل مساعدات المنظمة إلى أكثر من 200.000 شخص في مأرب.
وقالت روتنشتاينر «لم نشهد هذا القدر من اليأس في مأرب العامين الماضيين كما شهدناه خلال آخر شهرين»، «المجتمعات ُتجبر على النزوح بشكل متكرر وتصل إلى مواقعنا وهي في حاجة ماسة إلى معظم الأساسيات». ورأت أن التدفقات الجديدة للنازحين تزيد العبء على المواقع المكتظة بالفعل. قائلة «نرى في بعض الأحيان، أن ما يصل إلى 40 شخصاً ليس لديهم خيار سوى مشاركة خيمة واحدة صغيرة».
وفي حين يخطط الفاعلون في المجال الإنساني للتعامل مع النزوح المتزايد، ويطلبون المزيد من التمويل بشكل عاجل لتلبية الاحتياجات، ناشدت المنظمة الدولية للهجرة تقديم 170 مليون دولار أميركي في عام 2021 لتلبية الاحتياجات المتزايدة للنازحين والمتضررين من النزاع والمهاجرين في اليمن. تم تسلم نحو نصف هذا التمويل فقط. بينما تم توفير تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن البالغة 3.85 مليار دولار أميركي بنسبة 57 في المائة فقط.
وتقدر مصفوفة تتبع النزوح أن 10.000 شخص فروا من منازلهم في سبتمبر عندما بدأ الصراع في التصاعد. واستمر هذا الاتجاه بمعدلات مثيرة للقلق، حيث تضاعف في أكتوبر (تشرين الأول) بعدما نزح ما يقرب من 20.000 شخص. في حين فر أكثر من 15.000 شخص من المناطق المتضررة من النزاع إلى أماكن أكثر أماناً في مأرب في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. ومع اقتراب خطوط المواجهة من المدينة، يفر المزيد من الناس إلى مأرب الوادي، الجزء الشرقي البعيد من المحافظة، حيث شُح الخدمات، أكثر من توجههم إلى المركز الحضري.
ومن بين المتضررين، هناك نحو 3.500 مهاجر تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء المحافظة بحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة. وتستمر التحولات في خطوط المواجهة في إعاقة الرحلات التي يقوم بها المهاجرون للوصول إلى مأرب، حيث كان المهاجرون في المناطق القريبة من القتال أكثر عرضة للاحتجاز والعمل القسري والعنف الجنسي منذ التصعيد الأخير للنزاع. وتستجيب المنظمة الدولية للهجرة لاحتياجاتهم الصحية واحتياجات الحماية في نقطة الاستجابة للمهاجرين التابعة للمنظمة وفي المواقع التي استقر فيها الكثيرون.
ويتم دعم العمليات الإنسانية للمنظمة الدولية للهجرة في مأرب من قبل حكومات ألمانيا واليابان والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية من الاتحاد الأوروبي وصندوق الأمم المتحدة المركزي للإغاثة في حالات الطوارئ وصندوق التمويل الإنساني في اليمن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.