حركة التصدير اللبنانية إلى الخليج متوقفة.. والحكومة تبحث دعم النقل البحري

المعارضة السورية تستعد لإعادة تفعيل معبر نصيب

حركة التصدير اللبنانية إلى الخليج متوقفة.. والحكومة تبحث دعم النقل البحري
TT

حركة التصدير اللبنانية إلى الخليج متوقفة.. والحكومة تبحث دعم النقل البحري

حركة التصدير اللبنانية إلى الخليج متوقفة.. والحكومة تبحث دعم النقل البحري

طغت أزمة الشاحنات اللبنانية العالقة في الأردن ودول الخليج واختطاف عدد من سائقيها، كما توقفت حركة التصدير البرية منذ أكثر من أسبوع، على جلسة مجلس الوزراء، يوم أمس (الأربعاء)، مع قرار الوزارات المعنية البحث بدعم النقل البحري كي يحل بديلا مؤقتا عن النقل البري الذي تعطّل بعد سيطرة قوات المعارضة السورية على معبر نصيب الحدودي مع الأردن الأسبوع الماضي. وتستعد هذه القوات لإعادة تفعيل المعبر بعد ضبطه ونشر الحواجز العسكرية لحمايته، ليتم وضعه تحت إدارة مدنية يشرف عليها مجلس محافظة درعا.
وكلّفت الحكومة اللبنانية وزير الزراعة، أكرم شهيب، متابعة موضوع الشاحنات اللبنانية المحتجزة مع سائر الإدارات المعنية، وإجراء الاتصالات اللازمة مع السفارتين السعودية والأردنية من أجل متابعة قضية السائقين المختطفين والعالقين على حد سواء.
وأشار نقيب أصحاب الشاحنات اللبنانية، شفيق القسيس، إلى أن نحو 7 سائقين لبنانيين لا يزالون مختطفين منذ الأسبوع الماضي، متحدثا عن وجود حلحلة بإمكانية الإفراج عنهم قريبا. وقال القسيس لـ«الشرق الأوسط»، إن «عددا من السائقين، بينهم لبنانيون، قتلوا بعيد المعارك التي شهدتها المنطقة الحدودية السورية – الأردنية من دون الإعلان عن ذلك رسميا».
وأوضح أن «نحو 300 شاحنة كانت عالقة على معبر نصيب هي اليوم مشتتة ما بين الأردن والسعودية والكويت وغيرها من الدول، وأصحابها يعانون الأمرين وصعوبات كبيرة، خصوصا وأن السلطات الأردنية تمنع عبورهم إلى الأردن». وأضاف: «لذلك يتم البحث جديا اليوم بإرسال بواخر إلى المملكة العربية السعودية ليتم شحن الشاحنات لإعادتها عبر البحر، وهذا ما عرضه الوزراء المعنيون في الجلسة الحكومية الأخيرة».
وتحدث القسيس عن خسائر كبيرة مني بها الاقتصاد اللبناني بعد توقف حركة التصدير الصناعية والزراعية على حد سواء إلى الخليج منذ أكثر من أسبوع.
وقرر الوزراء المعنيون بالأزمة المستجدة: الزراعة (أكرم شهيب)، والصناعة (حسين الحاج حسن)، والاقتصاد والتجارة (آلان حكيم)، والأشغال العامة والنقل (غازي زعيتر)، في اجتماع عُقد قبيل جلسة مجلس الوزراء يوم أمس، «دعم النقل البحري لمدة 3 أشهر قابلة للتجديد من قبل الحكومة عبر (إيدال) التي تهتم بالموضوع، لناحية الشق الزراعي»، على أن يتم تحديد كيفية دعم المنتج الصناعي.
وأشار شهيب خلال المؤتمر إلى أن «ثلث صادرات لبنان هو إلى الخليج، وتبلغ تقريبا مليار دولار»، لافتا إلى أن «الخيار الوحيد اليوم المتاح هو النقل البحري، إما عبر قناة السويس أو عبر أحد الموانئ المصرية ومنها إلى الخليج، بأقل كلفة وبأسرع وقت حتى يستطيع الإنتاج اللبناني أن يستمر بالمنافسة مع إنتاج يغرق الأسواق في شمال أفريقيا أو في الخليج العربي من أوروبا في هذا الظرف السياسي أيضا، وموضوع اليورو وتأثيره».
وبإقفال معبر نصيب الذي يعتبر البوابة الاقتصادية البرية الأساسية من لبنان باتجاه دول الخليج وبعض الدول العربية، من المتوقع أن تتأثر المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية بشكل كبير، وتتراجع نسبة الصادرات التي تبلغ يوميا ألف طن وسنويا مائة ألف طن نحو 70 في المائة. ويبلغ عدد الشاحنات التي تعبر الحدود السورية - الأردنية من خلال نقطة «نصيب» وبشكل يومي، 50 شاحنة تتوزّع بين محمّلة بمنتجات صناعية ومنتجات زراعية.
وقد تحرك، يوم أمس، ملف سائقي الشاحنات المحتجزين لدى قوات المعارضة السورية، مع إعلان «الوكالة الوطنية للإعلام» عن الإفراج عن اثنين منهم، وحديث تلفزيون «المؤسسة اللبنانية للإرسال» عن وجود 6 من السائقين عند معبر نصيب ومطالبة محتجزيهم السلطات اللبنانية بتسلّمهم من الأردن وليس عبر الحدود اللبنانية.
في هذا الوقت، طالب أهالي 4 من السائقين المحتجزين في بيان السلطات اللبنانية تكثيف الجهود من أجل معرفة مصير أبنائهم، وحثّوا وسائل الإعلام اللبنانية كافة على تسليط الضوء على قضيتهم. وأشاروا إلى أن مصير السائقين المختطفين «غير معروف حتى الآن، علما أنهم اتصلوا، أمس، بنا ولم يحددوا مكان وجودهم».
وكانت «دار العدل في حوران»، وهي محكمة شرعية معارضة تحظى بإجماع الفصائل السورية المقاتلة في درعا، اتخذت قرارا، نهاية الأسبوع الماضي، بوضع حد لتداعيات السيطرة على معبر نصيب، المتمثلة في الاستحواذ على مواد كانت تحملها الشاحنات، واحتجاز سائقين. وقالت إنه «حرصا على إظهار الصورة المشرقة لثورتنا المباركة، وسعيا لإعادة تأهيل المعبر والمنطقة الحرة، فقد اجتمعت فعاليات حوران العسكرية والمدنية والإعلامية، تحت مظلة دار العدل في حوران، وتم الاتفاق على تسليم كل السائقين المحتجزين، و«إرجاع كل ما تم أخذه سواء من قبل المدنيين أو العسكريين خلال مدة أقصاها 48 ساعة.. وذلك تحت طائلة المسؤولية». كما قالت بـ«اعتبار معبر نصيب الحدودي منطقة مدنية محررة تخضع لإدارة مدنية مباشرة ممثلة بمجلس محافظة درعا».
وباشرت قوات المعارضة التحضير لإعادة تفعيل المعبر، واتفقت القوى الثورية والعسكرية بالمحافظة على إعادة تشغيله، بعد ضبطه ونشر الحواجز العسكرية لحمايته ليتم وضعه تحت إدارة مدنية يشرف عليها مجلس محافظة درعا الذي بدأ بتجهيز الكوادر القادرة على إدارة المعبر في حال بادرت المملكة الأردنية إلى فتح حدود جابر على الجهة المقابلة، والتعامل لأول مرة مع المعارضة المعتدلة كبديل عن النظام السوري.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.