عدن تحت قصف قوات صالح والحوثيين.. ومصادر تصف ما يجري بـ«المجازر»

المقاومة اليمنية الجنوبية تتحد لمواجهة المتمردين

مقاتلون يمنيون يطلقون هتافات ضد جماعة الحوثي في مظاهرة بمحافظة عدن أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون يمنيون يطلقون هتافات ضد جماعة الحوثي في مظاهرة بمحافظة عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

عدن تحت قصف قوات صالح والحوثيين.. ومصادر تصف ما يجري بـ«المجازر»

مقاتلون يمنيون يطلقون هتافات ضد جماعة الحوثي في مظاهرة بمحافظة عدن أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون يمنيون يطلقون هتافات ضد جماعة الحوثي في مظاهرة بمحافظة عدن أمس (أ.ف.ب)

عاودت ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أمس، هجماتها على الأحياء السكنية في مدينة عدن، كبرى مدن جنوب اليمن، ووصفت مصادر في عدن الهجوم على أحياء سكنية بـ«المجازر» التي ترتكب من قبل تلك الميليشيات الحوثية والكتائب العسكرية التابعة لصالح. وقالت مصادر محلية في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين قاموا أمس بعمليات قصف عشوائية لمساكن المواطنين، وإن العشرات سقطوا بين قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، في الوقت الذي تعاني فيه المدينة من نقص حاد في الطواقم الطبية والأدوية والمواد الغذائية. كما يعاني سكان المدينة من انعدام المياه التي قصف الحوثيون محطتها في المدينة، بالإضافة إلى استهداف الحوثيين دور العبادة، حيث تعرض كثير من المساجد للقصف ولأضرار مادية بالغة.
وشهدت عدن أمس مزيدا من المواجهات بين المقاومة الشعبية من جهة، والميليشيات الحوثية وقوات صالح من جهة أخرى. وقالت مصادر ميدانية إن نحو 11 مسلحا حوثيا لقوا مصرعهم في المواجهات التي كان حي دار سعد في أطراف عدن باتجاه محافظة لحج، مسرحا لها. وأشارت المصادر إلى استسلام بعض المسلحين الحوثيين الذي أصبحوا معزولين ولم تصل إليهم الإمدادات الغذائية والأسلحة والذخائر. وفسرت المصادر المحلية القصف العشوائي الذي تتعرض له الأحياء السكنية في عدن بأنه ناتج عن حالة يأس وإحباط من قبل القوات المهاجمة، بعد أن دحرت في معظم الأحياء والمديريات التي حاولت السيطرة عليها، خلال الأسبوعين الماضيين. غير أن المصادر ذاتها تشدد على أهمية استمرار قوات التحالف في مد المقاومة الشعبية بالسلاح والغذاء والأدوية، إضافة إلى مطالبة البعض بسرعة القيام بتدخل بري عبر إنزال من السفن التي ترسوا في خليج عدن، وذلك لمساندة المقاومين للتصدي لتلك الميليشيات والقوات المهاجمة.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر في المقاومة الشعبية بمحافظة الضالع الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» أن 12 مسلحا حوثيا لقوا مصرعهم في مواجهات، فيما قصفت طائرات قوات التحالف معسكرا في منطقة «مريس» التابعة لمحافظة الضالع، تتمركز فيه قوات موالية للرئيس المخلوع صالح. وفي منطقة «كرش»، بمحافظة لحج، قتل 8 مسلحين حوثيين في كمين نصبه لهم مسلحون أثناء محاولتهم التسلل نحو مدينة عدن.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بمقتل 22 يمنيا وإصابة 70 آخرين غالبيتهم من المدنيين، أمس، في قصف للمتمردين على أحياء في مدينة عدن استخدمت فيه الدبابات وقذائف الهاون. ونقلت الوكالة عن مصادر طبية ومحلية قولها: «القصف العشوائي الذي شنته القوات التابعة للحوثيين وللرئيس السابق صالح، استهدف منازل المدنيين في منطقتي المعلا وكريتر، مما أدى إلى سقوط 22 قتيلا وأكثر من 70 جريحا نقلوا إلى عدة مشاف في عدن». وأكدت تلك المصادر أن قتلى وجرحى سقطوا عندما تصدت «المقاومة الشعبية» للحوثيين أثناء محاولتهم التقدم نحو أحياء كريتر والمعلا وكابوتا والشيخ عثمان والمنصورة.
وأوضحت أن «المقاومة الشعبية تمكنت من استعادة دوار السفينة الواقع بين دار سعد والشيخ عثمان، الذي كان يتمركز فيه الحوثيون منذ أواخر مارس (آذار) الماضي».
وذكر مصدر عسكري أن 11 شخصا قتلوا في عدن خلال الليلة الماضية في اشتباكات بين المتمردين والقوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
إلى ذلك، أعلنت المقاومة اليمنية الجنوبية عن توحيد صفوفها وأنها انتقلت من مرحلة العمل العفوي إلى العمل المنظم. وقال بيان للمقاومة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «الجهود تكاتفت والأيادي امتدت وتصافحت والصفوف ارتصت وتلاحمت، فنعلن رسميًا عن انتقال المقاومة الشعبية الجنوبية من العمل العفوي إلى العمل المنظم وفاءً لدماء الشهداء والجرحى الذين سالت دماؤهم على أرض الجنوب الطاهرة في سبيل التحرير والاستقلال»، في إشارة إلى مطالب اليمنيين الجنوبيين. وأضاف البيان: «أما أنتم أيها الحوثيون الروافض، فإن الأمر أخطر مما تظنون وأعظم مما تتصورون، فإنكم باحتلالكم للجنوب قد فتحتم على أنفسكم بابا لن تستطيعوا إغلاقه أبدا، وإن ما شهدتم خلال الأيام الماضية في جبهات سناح والوبح والجليلة ومدينة الضالع، وكذا ملاحم الأبطال في عاصمة الجنوب عدن، ما هو إلا قطرةٌ من مطرة». وأردف بيان المقاومة اليمنية الجنوبية أنهم يتوجهون بـ«الشكر والتقدير للأشقاء قيادات قوات التحالف العربي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية لوقوفهم ومساندتهم للمقاومة الشعبية الجنوبية في التصدي لميليشيات الحوثي وصالح التي اجتاحت الجنوب، ولذلك فإننا في المقاومة الشعبية الجنوبية نبارك عملية (عاصفة الحزم) ونناشد قيادة (عاصفة الحزم) تكثيف الضربات الجوية على المواقع العسكرية التابعة للحوثي وصالح، وبالأخص مقرات ومعسكرات اللواء (33 مدرع) بمدينة الضالع والأمن المركزي التي لا تزال تدك قرى ومدن الضالع بقذائف الدبابات وراجمات الصواريخ رغم الضربات التي تعرضت لها».
وتشير مصادر عسكرية جنوبية إلى ترسانة عسكرية كبيرة للمتمردين في الضالع بوابة الجنوب التي تمثل موقعا استراتيجيا هاما في المعارك الحالية. وأضافت أن ميليشيات الحوثي وصالح دفعت خلال الفترة الماضية قوات وتعزيزات كبيرة للسيطرة عليها لما تمثله الضالع من أهمية لشعب الجنوب. وشرح البيان أن «المحافظات الجنوبية تستمد قوتها من صمود الضالع، والمقاومة الشعبية الجنوبية بالضالع سطرت وتسطر ملاحم بطولية في مختلف جبهات القتال بالضالع، ولا تزال جثث وأشلاء ميليشيات الحوثي وصالح تملأ شوارع وسهول ووديان الضالع».



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.