إيران تُغضب عائلات المحتجزين ذوي الجنسية المزدوجة

زوج الإيرانية البريطانية نازنين زاغري - راتكليف يحمل صورتها وإلى جواره ابنتهما غابرييلا (أرشيف - أ.ف.ب)
زوج الإيرانية البريطانية نازنين زاغري - راتكليف يحمل صورتها وإلى جواره ابنتهما غابرييلا (أرشيف - أ.ف.ب)
TT

إيران تُغضب عائلات المحتجزين ذوي الجنسية المزدوجة

زوج الإيرانية البريطانية نازنين زاغري - راتكليف يحمل صورتها وإلى جواره ابنتهما غابرييلا (أرشيف - أ.ف.ب)
زوج الإيرانية البريطانية نازنين زاغري - راتكليف يحمل صورتها وإلى جواره ابنتهما غابرييلا (أرشيف - أ.ف.ب)

أعربت عائلات أشخاص مزدوجي الجنسية محتجزين في إيران، اليوم (الاثنين)، عن غضبها بعدما قال وزير الخارجية الإيراني إن خطة جديدة ستقدم لطمأنة الوافدين الأجانب بأنهم لن يحتجزوا أثناء بقائهم على أراضيها، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وهناك أكثر من عشرة أشخاص يحملون جوازات سفر أجنبية، ومعظمهم مزدوجو الجنسية، محتجزين في إيران بناء على اتهامات يقول ناشطون إن لا أساس لها تهدف إلى الحصول على تنازلات من الغرب.
وتحذر العديد من الدول الأوروبية في الوقت الحالي الأشخاص المزدوجي الجنسية من السفر إلى إيران لزيارة العائلة أو العمل، قائلة إنه لا يمكن ضمان تقديم مساعدة قنصلية كاملة، لأن إيران لا تعترف بالجنسية المزدوجة.
لكن مزدوجي الجنسية يؤدون منذ فترة طويلة دوراً مهماً في الأعمال التجارية والاستثمار في إيران. وتخشى حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي، أن يؤدي غيابهم إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في بلد يعاني أصلاً بسبب العقوبات الأميركية.
https://twitter.com/aaa_iran/status/1457267083599880194?s=20
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إنه أبلغ لجنة تمثل الإيرانيين في الخارج بأن قضية «الإيرانيين مزدوجي الجنسية» يجب حلها في البرلمان، وأنه سيتم إنشاء موقع إلكتروني لطمأنتهم بأنه لن تكون هناك مشكلة في السفر.
وكتب على «إنستغرام» في اعتراف رسمي نادر بهذه المسألة، «قد يخشى بعض الإيرانيين في الخارج من أنهم سيجدون صعوبة في دخول البلاد عبر المطارات». وأضاف: «يجري إدخال نظام على الموقع الإلكتروني للوزارة لإبلاغ هؤلاء الأشخاص بأنهم لن يواجهوا مشكلة في دخول البلاد والخروج منها، وإذا ظهرت مشكلة فإن الوزارة ستكون مسؤولة» عن ضمان حلها.
وانتقدت إليكا عاشوري، التي احتجز والدها أنوج عاشوري، وهو مواطن بريطاني من أصل إيراني، أثناء زيارة لإيران في عام 2017 ويمضي الآن عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات بتهم تجسس تقول عائلته إن لا أساس لها، اقتراح الوزير.
وكتبت على «تويتر» متوجهة إلى الوزير: «هل أنت جاد؟ قل ذلك لوالدي الذي دمرت حياته (حكومتك) بوضع كيس على رأسه في الشارع ودفعه في شاحنة، بدون أي دليل، أثناء وجوده هناك». وأضافت: «ماذا فعلت عائلتنا لتستحق هذا الأمر؟».
وتساءلت مجموعة «حرروا نازنين» التي أسست بهدف الضغط لإطلاق سراح المواطنة البريطانية الإيرانية نازنين زاغري راتكليف التي أوقفت خلال قيامها بزيارة لعائلتها في طهران عام 2016 «بدلاً من إنشاء موقع إلكتروني، ألن يكون من الأسهل بالنسبة إلى السلطات الإيرانية التوقف عن أخذ رهائن؟».
وفي مارس (آذار) 2020، سمح لزاغري راتكليف بمغادرة السجن وفرضت عليها الإقامة الجبرية. وقد أنهت الآن عقوبتها البالغة خمس سنوات لكنها ما زالت غير قادرة على مغادرة إيران، وتخشى عائلتها أنها قد تعود إلى السجن بعد إدانتها في قضية أخرى.
من جانبه، أشار المواطن اللبناني نزار زكا، المقيم في الولايات المتحدة والذي أوقف عام 2015 بتهمة التجسس لمصلحة الولايات المتحدة ولم يفرج عنه إلا في يونيو (حزيران) 2019، إلى أنه تلقى دعوة إلى إيران من الحكومة ثم قبض عليه.
وقال إن «الحرس الثوري» الذي يتهمه مراقبون بالوقوف وراء موجة التوقيفات، يسعى إلى «خداع» الرعايا الأجانب للعودة إلى إيران. وأضاف: «يبدو هذا الأمر تحذيراً أكثر (مما هو دعوة) لمزدوجي الجنسية بعدم العودة إلى بلادهم».



عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
TT

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات

أثار اعتقال إسرائيل لما يقارب 30 مواطناً، معظمهم يهود، للاشتباه بأنهم تجسسوا لصالح إيران ضمن تسع خلايا سرية، قلقاً داخل الدولة، ويعد أحد أكبر الجهود التي بذلتها طهران منذ عقود لاختراق خصمها الرئيس اللدود، وفقاً لأربعة مصادر أمنية إسرائيلية.

ومن بين الأهداف التي لم تتحقق للخلايا المزعومة كانت اغتيال عالم نووي إسرائيلي ومسؤولين عسكريين سابقين، وجمع معلومات عن قواعد عسكرية ودفاعات جوية، وفقاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).

وذكر جهاز الأمن الداخلي، الذي يعرف أيضاً باسم الشاباك، والشرطة الأسبوع الماضي أن فريقاً مكوناً من أب وابنه نقل تفاصيل عن تحركات لقوات إسرائيلية، بما في ذلك في هضبة الجولان حيث يعيشان.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المصادر الأربعة، التي تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين حاليين وسابقين، أن الاعتقالات جاءت بعد جهود متكررة من عملاء استخبارات إيرانيين على مدى عامين لتجنيد إسرائيليين من المواطنين العاديين لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات مقابل المال.

وطلبت المصادر عدم الكشف عن أسمائها نظراً لحساسية الأمر.

وقال شالوم بن حنان وهو مسؤول كبير سابق في الشاباك «هناك ظاهرة كبيرة هنا»، في إشارة إلى ما أسماه العدد المفاجئ من المواطنين اليهود الذين وافقوا عن علم على العمل لصالح إيران ضد الدولة من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات.

ولم يرد الشاباك ولا الشرطة الإسرائيلية على طلبات للتعليق. كما لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلام بعد موجة الاعتقالات، لم تقدم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأكيداً أو نفياً لسعي طهران إلى تجنيد إسرائيليين، وقالت إنه «من وجهة نظر منطقية» فإن أي جهود من هذا القبيل من جانب أجهزة الاستخبارات الإيرانية ستركز على أفراد غير إيرانيين وغير مسلمين لتقليل الشكوك.

وقالت الشرطة والشاباك إن اثنين على الأقل من المشتبه بهم ينتمون إلى مجتمع اليهود المتزمتين دينياً في إسرائيل.

موتي مامان المتهم بتجنيده من قبل إيران لتنفيذ مخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الدفاع أو رئيس جهاز الأمن العام (رويترز)

الفئات المستهدفة

وعلى النقيض من عمليات تجسس إيرانية في العقود السابقة تمت من خلال تجنيد رجل أعمال بارز ووزير سابق في الحكومة فإن معظم الجواسيس المشتبه بهم الجدد أشخاص مهمشون في المجتمع الإسرائيلي، ومن بينهم مهاجرون وصلوا حديثاً وهارب من الجيش ومدان بجرائم جنسية، وفقاً للمصادر ولسجلات قضائية وتصريحات رسمية.

وقال جهاز الشاباك إن الكثير من نشاط هؤلاء المشتبه بهم كان يقتصر على نثر شعارات معادية لنتنياهو أو للحكومة على الجدران وإلحاق الضرر بسيارات.

القلق من التوقيت

ومع ذلك فإن حجم الاعتقالات وتورط مثل هذا العدد من اليهود الإسرائيليين بالإضافة إلى المواطنين العرب تسبب في حالة من القلق في إسرائيل وسط استمرار الحرب مع حركة «حماس» المدعومة من إيران في قطاع غزة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» في لبنان.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) قال الشاباك إن أنشطة التجسس الإيرانية تعد «من أخطر الأنشطة التي شهدتها دولة إسرائيل».

كما جاءت الاعتقالات في أعقاب موجة من محاولات القتل والاختطاف التي تم الربط بينها وبين طهران في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال بن حنان إن القرار غير المعتاد بتقديم تقارير علنية مفصلة عن المؤامرات المزعومة يشكل خطوة من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحذير إيران وكذلك تحذير المخربين المحتملين داخل إسرائيل بأنه سيتم الوصول إليهم.

وقال «ينبغي تنبيه الجمهور. وينبغي أيضاً تقديم العبرة لمن قد يكون لديهم أيضاً نيات أو خطط للتعاون مع العدو».

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لحرق سيارات من قِبل عملاء جندتهم إيران

نجاحات إسرائيل الاستخباراتية

وحققت إسرائيل نجاحات استخباراتية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية في حرب ظل مع خصمتها الإقليمية، بما في ذلك قتل عالم نووي كبير. وقال مسؤول عسكري إنه مع الاعتقالات الأخيرة أحبطت إسرائيل «حتى الآن» جهود طهران للرد.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وكيل إيران في لبنان، والإطاحة ذات الصلة بحليف طهران الرئيس السوري السابق بشار الأسد في إضعاف إيران.

أساليب التجنيد

قالت الشرطة الإسرائيلية في مقطع فيديو نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن وكالات الاستخبارات الإيرانية غالباً ما تجد مجندين محتملين على منصات التواصل الاجتماعي، محذرة من محاولات تسلل مستمرة.

وتكون جهود التجنيد مباشرة في بعض الأحيان. وتعد إحدى الرسائل المرسلة إلى مدني إسرائيلي والتي اطلعت عليها «رويترز» بتقديم مبلغ 15 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات مع بريد إلكتروني ورقم هاتف للاتصال.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير سابق عمل في جهود إسرائيل لمكافحة التجسس حتى عام 2007، إن إيران تتصل أيضاً بشبكات المغتربين من اليهود من دول القوقاز الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة.

وقالت السلطات الإسرائيلية علناً إن بعض المشتبه بهم اليهود هم في الأصل من دول القوقاز.

وقال المسؤول السابق إن الأفراد المجندين يتم تكليفهم أولاً بمهام تبدو غير ضارة مقابل المال، قبل مطالبتهم تدريجياً بمعلومات استخبارية محددة عن أهداف، بما في ذلك عن أفراد وبنية تحتية عسكرية حساسة، مدعومين في ذلك بتهديد بالابتزاز.

صورة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لفلاديسلاف فيكتورسون وصديقته آنا بيرنشتاين بعد توقيفهما

قضية فيكتورسون

وأُلقي القبض على أحد المشتبه بهم الإسرائيليين، فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، في 14 أكتوبر مع صديقته البالغة من العمر 18 عاماً في مدينة رامات جان الإسرائيلية قرب تل أبيب. وكان قد سُجن في عام 2015 بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً وفقاً للائحة اتهام للمحكمة منذ ذلك الوقت.

وقالت إحدى معارف فيكتورسون لـ«رويترز» إنه أخبرها أنه تحدث إلى إيرانيين باستخدام تطبيق «تلغرام» للتراسل. وقالت إن فيكتورسون كذب على المتعاملين معه بشأن تجربته العسكرية. ورفض أحد معارفه الكشف عن اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال إيجال دوتان محامي فيكتورسون لـ«رويترز» إنه يمثل المشتبه به مضيفاً أن الإجراءات القانونية ستستغرق وقتاً وأن موكله محتجز في ظروف صعبة. وأوضح دوتان أنه لا يمكنه الرد إلا على القضية الحالية، ولم يدافع عن فيكتورسون في محاكمات سابقة.

أنشطة التخريب

وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) والشرطة إن فيكتورسون كان يعلم أنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية، ويقوم بمهام تشمل الكتابة على الجدران وإخفاء أموال وتوزيع منشورات وحرق سيارات في هياركون بارك بتل أبيب والتي تلقى مقابلها أكثر من 5000 دولار. وأظهرت التحقيقات أنه وافق لاحقاً على تنفيذ اغتيال لشخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، والسعي للحصول على بنادق قنص ومسدسات وقنابل يدوية.

وقالت الأجهزة الأمنية إنه جنّد صديقته التي كُلفت بتجنيد المشردين لتصوير المظاهرات.