دعوات لتفعيل عمل الحكومة اللبنانية بعد شهر على تعليق جلساتها

TT

دعوات لتفعيل عمل الحكومة اللبنانية بعد شهر على تعليق جلساتها

بعد أكثر من شهر على تعليق جلسات الحكومة اللبنانية على خلفية الخلاف حول التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت وضغوط «حزب الله» لإقالة المحقق العدلي طارق البيطار، ومن ثم تفاقم الخلاف السياسي بعد الأزمة مع الخليج، بسبب التصريحات المسيئة التي أطلقها وزير الإعلام اللبناني، ارتفعت الأصوات المطالبة بتفعيل عمل الحكومة التي يرى البعض أنها تحولت إلى تصريف الأعمال وباتت اجتماعاتها تقتصر على عمل اللجان.
وأمس، دعا رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، إلى «وجوب الخروج من حال المراوحة والتعطيل الحكومي الراهن، عبر معالجة المأزق الحاصل مع الأشقاء العرب، وإعادة صياغة العلاقة وتفعيلها مع الإخوة في الخليج على قاعدة تأكيد هوية لبنان وانتمائه العربي وحفظ المصالح المشتركة بيننا».
وطالب، خلال استقباله في قصر المختارة عدداً من الوفود الأهلية والاجتماعية والبلدية، بـ«فك أسر الحكومة وتحريرها من الضغوط السياسية، كي تنطلق إلى معالجة القضايا والهموم المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والتربوية وإدارة الأزمات المتصلة بها بالشكل المطلوب، تخفيفاً من قلق اللبنانيين وتبديد هواجسهم حيال استحقاقاتهم العديدة الداهمة».
كذلك توجه النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور، إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قائلاً «يا دولة الرئيس، نعرف ما تكابده من أزمات نتيجة التمسك بوزير برامج التسلية وتأزيم علاقات لبنان العربية ونعرف ما تقاسيه نتيجة تعطيل الحكومة، لكن بعض وزرائك لا يحفلون بمعاناة المواطنين ولا يقيمون اعتباراً لمعاناة المواطن اللبناني الاجتماعية، فلا البرامج الاجتماعية تحركت ولا الرقابة على الأسعار من قبل وزارة الاقتصاد شعرنا بها، وهذا قد يقود إلى انفجار اجتماعي لا يبقي ولا يذر».
وأكد أبو فاعور، في لقاء حواري في راشيا، أن «الحزب التقدمي الاشتراكي لن يتنازل عن حمل لواء القضية الاجتماعية اليوم، كما حملها على مر تاريخه، ومن هذا المنطلق فإن استمرار القهر الحالي الذي يعيشه المواطن اللبناني اليوم اجتماعياً، هو أمر لن نقبل به ولن نسكت عنه»، مضيفاً: «كنا ولا نزال أول من طالب بالإصلاح المالي والاقتصادي، لكن ليس على حساب المواطن كما يجري اليوم عبر وقف كل البرامج الاجتماعية من برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً إلى برنامج الحماية الاجتماعية إلى البطاقة التمويلية».
بدوره، أكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان أن «الحكومة مطالبة بالانعقاد فوراً للسعي لإنقاذ اللبنانيين واتخاذ القرارات الضرورية واللازمة لذلك، فغياب الحكومة هو أكبر دليل على أننا في حال انعدام وزن كامل وفقدان للقرار»، سائلاً: «هل يجوز عدم انعقاد مجلس الوزراء في ضوء المأساة والانهيارات وتحليق الدولار وفقدان الأدوية وعدم القدرة على تأمين المواد الغذائية والمستلزمات الطبية للمستشفيات وضرب العديد من القطاعات؟».
وأكد، في حديث إذاعي، ضرورة فصل السلطات في قضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وقال: «لا تحالفات بالنسبة إلينا فوق سقف الدستور والمصلحة العامة، ولا يجوز تعطيل الحكومة إذا كان لدى البعض أي اعتراض على أداء قاضٍ، فالناس تبحث عن الحلول لأزماتها المتراكمة ولبنان يصرخ لإنقاذه مالياً واقتصادياً واجتماعياً».
واعتبر أن «سياستنا الخارجية يجب أن تنطلق من المساحة والمصالح اللبنانية ولا تتأثر بهذا المحور أو ذاك، والمطلوب تحييد أنفسنا عن التأثيرات الخارجية واتخاذ الموقف النابع من المصلحة الوطنية على غرار ما نادى به البطريرك الماروني بشارة الراعي، وقد شنّت الحملات عليه لمجرد مناداته بالحياد الإيجابي الذي يحمي لبنان».
بدوره، قال النائب في «حزب القوات اللبنانية» جورج عقيص إن الحكومة متوقفة عن الانعقاد بإرادة حزب الله، وهو يعطل قيام الدولة ويمنع وجود أي قرار حر تأخذه المؤسسات الدستورية، بالإضافة إلى سيطرته على مرافق عامة وتطويعها لخدمته. وطالب، في حديث إذاعي، رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي بـ«فرض استقالة الوزير جورج قرداحي عليه كبادرة حسن نية تجاه السعودية»، معبراً عن «تخوفه من الخطوات التصعيدية التي يمكن أن تقوم بها وتأثيرها على لبنان». ورأى «ألا حلول جدية للأزمات رغم كثرة الاجتماعات، بل هي حلول ترقيعية تؤدي إلى مزيد من التأزم وربما إلى انفجارات أمنية».
واعتبر أن «حزب الله ليس عدواً، بل هو خصم في السياسة ويجعل من لبنان ورقة تفاوض بيد إيران، وحزب الله مسيطر على لبنان، وهذا واقع وليس كلاماً، والحكومة متوقفة عن الانعقاد بإرادته، وهو يعطل قيام الدولة ويمنع وجود أي قرار حر تأخذه المؤسسات الدستورية، بالإضافة إلى سيطرته على مرافق عامة وتطويعها لخدمته».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.