«كتارا» للرواية العربية.. جرعة زائدة من «البوكر»؟

المشرف العام على الجائزة: إنها مشروع متكامل يشمل الدراما والترجمة والتدريب

خالد السيد
خالد السيد
TT

«كتارا» للرواية العربية.. جرعة زائدة من «البوكر»؟

خالد السيد
خالد السيد

نحو 6 أسابيع تفصلنا عن موعد مهرجان «كتارا» للرواية العربية، التي أطلقتها المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا».
وتختلف جائزة «كتارا» للرواية العربية، عن أشهر جائزة للرواية تحمل نسخة عربية، وهي «البوكر»، التي تطلقها سنويا مؤسسة جائزة بوكر البريطانية في لندن، وتطلق نسختها العربية منذ عام 2007، بالشراكة مع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الإمارات.
في حين قال خالد عبد الرحيم السيد، المشرف العام على جائزة «كتارا» للرواية العربية، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الجائزة «ليست مجرد جائزة فحسب، بل مشروع متكامل ومستدام وتنموي، يشمل مجالات الدراما والترجمة والتدريب».
وفي الحقيقة، لا يوجد ثمة اختلاف جوهري بين «كتارا» و«البوكر»، سوى في القليل من التفاصيل، وحجم الجائزة، واتساعها لصالح الجائزة القطرية، لكن إقحام الدراما منح «كتارا» ميزة إضافية.
وخلال الفترة من 18 إلى 20 مايو (أيار) المقبل، ينظم مهرجان «كتارا» للرواية العربية الذي تتنافس فيه أكثر من 711 رواية، بحسب الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي، المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا». وتبلغ الروايات غير المنشورة المتنافسة على الجائزة 475 رواية، بنسبة تبلغ 67 في المائة، بينما تبلغ الروايات المنشورة 236 رواية، بنسبة تبلغ 33 في المائة.
وغالبية الروايات المشاركة هي من إنتاج عام 2014، مع وجود نسبة من إنتاج عام 2013. وقال السليطي إن المشاركة النسائية بلغت ما نسبته 22 في المائة من الأعمال المشاركة، حيث وصلت 157 رواية نسائية من مختلف الدول العربية، وبلغ عدد الروايات التي كتبها الرجال 554 رواية.
تكمن أهمية جائزة «كتارا» للرواية العربية، أنها تفتح بابا أكثر اتساعا أمام الروائيين العرب، عبر 10 جوائز، (5 فائزين في مجال الرواية المنشورة و5 فائزين في مجال الرواية غير المنشورة). ففي مجال الروايات المنشورة يتم اختيار 5 فائزين مشاركين من خلال ترشيحات دور النشر، ويحصل فيها كل نص روائي فائز على جائزة مالية قدرها 60 ألف دولار أميركي، ليصبح مجموع جوائز هذه الفئة 300 ألف دولار أميركي. تليها فئة الروايات غير المنشورة، وتتمثل في 5 جوائز للروايات، وقيمة كل منها 30 ألف دولار أميركي، ليصبح مجموعها 150 ألف دولار أميركي.
وتمنح اللجنة أفضل رواية قابلة للتحويل إلى عمل درامي من بين الروايات الفائزة، وقيمتها 200 ألف دولار أميركي مقابل شراء حقوق تحويل الرواية إلى عمل درامي.
وستقوم اللجنة المشرفة على جائزة «كتارا» بنشر وتسويق الأعمال الفائزة التي لم تنشر، وترجمة أعمال الفائزين إلى اللغات الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والصينية والهندية.
وسينظم المهرجان الأول، كما قال السيد، في 20 مايو المقبل، وسيتضمن كثيرا من الفعاليات والندوات الأدبية والفقرات الفنية المتنوعة، مضيفا أن «هذه الفعاليات تأتي احتفالا بالجائزة في دورتها الأولى، بالإضافة إلى الحفل الختامي للجائزة، والإعلان عن أسماء الفائزين العشرة، وهم 5 فائزين في مجال الرواية المنشورة و5 فائزين في مجال الرواية غير المنشورة.
وأوضح السيد أن «جائزة (كتارا) للرواية العربية ليست مجرد جائزة فحسب بل مشروع متكامل ومستدام وتنموي، يشمل مجالات الدراما والترجمة والتدريب».
واستنادا إليه، سيتم تدشين مركز ومعرض دائم للرواية العربية، وهذا المركز يتضمن مكتبة للرواية العربية، ومركزا للتدريب، وأرشيفا وقاعدة بيانات للرواية العربية، كما سيندرج تحته مشروع طلائع «كتارا» للرواية العربية، إضافة إلى معرض دائم يشرح ويعرض تاريخ الرواية العربية، وصور أشهر الروائيين العرب، ومؤلفاتهم.
وتدور فكرة مشروع طلائع كتارا، كما أضاف السيد، حول اختيار 12 قطريا وقطرية، للمشاركة في هذا البرنامج إذ سيتم عقد ورش تدريبية لهم من خلال مركز الرواية العربية الذي سيتم افتتاحه ضمن فعاليات مهرجان «كتارا» للرواية العربية.
وبين السيد أن المركز يضم مكتبة قيمة للروايات والفيديوهات المتعلقة بالرواية، مشيرا إلى أن مركز التدريب يهدف إلى رعاية وتأهيل الشباب القطري من خلال دورات متخصصة في مجال كتابة الرواية، وصولا إلى أن يكون مركز الرواية مكانا جامعا لكل ما يتعلق بالرواية العربية، بحيث يخضع للتطوير المستمر لتحقيق ذلك. وسيتم عمل مسابقة منفصلة للطلائع في مجال الرواية، كما ستقدم لهم حوافز شهرية.
وجائزة «كتارا» للرواية العربية هي جائزة سنوية أطلقتها المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» في بداية عام 2014، وتقوم المؤسسة بإدارتها وتوفير الدعم والمساندة والإشراف عليها بصورة كاملة، من خلال لجنة لإدارة الجائزة تم تعيينها لهذا الغرض. وتبلغ قيمة جوائز «كتارا» الإجمالية 650 ألف دولار.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لواحدة من أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذا العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى أن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفعالية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني وتستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقة تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسنح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

ومن جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين من أن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق كمكان لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».