أدوية علاج «كورونا» مكلفة... واللقاحات هي الحل الأنجع

خبير إيطالي لـ«الشرق الأوسط»: المتحورات وصلت إلى أوروبا عبر بريطانيا

أدوية علاج «كورونا» مكلفة... واللقاحات هي الحل الأنجع
TT

أدوية علاج «كورونا» مكلفة... واللقاحات هي الحل الأنجع

أدوية علاج «كورونا» مكلفة... واللقاحات هي الحل الأنجع

قال العضو السابق في المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية وكبير مستشاري وزارة الصحة الإيطالية والتر ريتشاردي، في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» في جنيف على هامش ندوة دعا إليها المركز السويسري للدراسات الدولية العليا، إن «الأدوية التي يجري تطويرها ضد (كوفيد - 19). والتي تمّت الموافقة على استخدام اثنين منها مؤخراً في بريطانيا والولايات المتحدة، مكلفة للغاية، لذلك ما زال اللقاح هو الحل الأنجع والوسيلة الأكثر فاعلية، بل الوحيدة ضد (كوفيد) في الوقت الراهن».
وأضاف الخبير الإيطالي أنه «من الإيجابي أن تكون هناك عقاقير فاعلة، لكن تلك التي تمّ تطويرها حتى الآن هي للعلاج وليس لمنع الإصابة أو الحد من خطورتها. كما أن تكلفة هذه الأدوية باهظة جداً، ومن المستحيل تعميم استخدامها مثل اللقاحات». وعن تلقيح الأطفال، قال ريتشاردي: «لا بد من توجيه الجهد الإرشادي إلى الأهل وإقناعهم بسلامة اللقاحات وفاعليتها، وأن خطر الإصابة بالفيروس ما زال مرتفعاً جداً، وتذكيرهم بأن كثيراً من اللقاحات تعطى في السنوات الأولى من العمر»، مشيراً إلى أن «مضادات حيوية فاعلة في معالجة مرض الالتهاب السحائي، لكن اللقاح ضده يوزّع على جميع الأطفال في سن مبكرة».
من جهة أخرى، أنهم ريتشاردي بريطانيا بالتسبب في نقل انتشار المتحورات في أوروبا، قائلاً: «المملكة المتحدة هي التي تسببت في ظهور متحوّر ألفا من فيروس كورونا المستجد، ثم هي التي كانت وراء دخول متحوّر دلتا إلى أوروبا الذي عقبه الآن ظهور المتحور الفرعي (دلتا زائد) في بريطانيا». وأضاف أنه من حسن الطالع أن ثمّة عقاقير فاعلة ضد (كورونا) بدأت تظهر رغم أنها باهظة الكلفة، «لذلك تظل اللقاحات إلى اليوم هي السلاح الأفضل في المعركة ضد الفيروس».
وحذّر ريتشاردي من أن المشهد الوبائي الراهن في أوروبا ينذر بتطورات تبعث على القلق في الأشهر المقبلة، مشيراً إلى أن «القارة الأوروبية منقسمة بشكل حاد، حيث الوضع في بلدان الجنوب مثل إسبانيا وإيطاليا أفضل بكثير بالمقارنة مع بقية البلدان، خاصة في أوروبا الشرقية التي تشهد وضعاً مأساويّاً يذكّر بالموجة الوبائية الأولى، بينما تمرّ بلدان الشمال بمرحلة معقدّة يخشى أن تتطور إلى الأسوأ في الأسابيع القليلة المقبلة».
وأضاف: «رغم التقدّم الكبير الذي أحرزته إيطاليا وإسبانيا والبرتغال حتى الآن في التغطية اللقاحية، لن تتمكّن هذه البلدان من وقف الارتفاع المطرد في عدد الإصابات الجديدة خلال الأسابيع المقبلة، لأن نسبة غير الملقّحين ما زالت مرتفعة، فضلاً عن حملة توزيع الجرعة الإضافية من زالت في بداياتها». وأشار ريتشاردي بالدول التي تقدّمت في تغطيتها اللقاحية لأنها ستتمكّن من إبقاء الفيروس تحت السيطرة ومن تحاشي موجة وبائية رابعة قاسية، لكنه حضّ جميع السلطات الصحية الأوروبية على تنظيم حملات إرشادية واسعة وفاعلة لتوعية المواطنين حول أهمية اللقاحات الأساسية والجرعات الإضافية، بمشاركة الهيئات الطبية والأوساط الأكاديمية والعلمية.
وذكّر ريتشاردي بالتجربة الإسرائيلية التي بيّنت أنه بعد ستة أشهر من تناول الدورة اللقاحية الأولى، ثمّة حاجة إلى توزيع الجرعة الإضافية على جميع المواطنين لأن الدورة الأولى توفّر المناعة الجسدية ضد الفيروس، بينما الجرعة الإضافية تعزّز الحماية المناعية للخلايا في وجه الفيروس. ولدى سؤاله عن أسباب التفاقم الراهن للمشهد الوبائي البريطاني، قال ريتشاردي: «أخطأ البريطانيون في كل شيء منذ البداية، إذ تأخرت الحكومة كثيراً في إعلان الإقفال التام ثم رفضت بعد الكارثة الأولى التي أوقعت عدداً كبيراً من الضحايا، اتخاذ تدابير وقائية متشدّدة كالتي فرضتها الدول الأخرى. يضاف إلى ذلك أنهم حصروا رهان المكافحة بحملة التلقيح وسارعوا في منتصف يوليو (تموز) الماضي إلى رفع جميع القيود، مما أدى إلى سريان متحوّر دلتا وانتشاره بشكل كامل.
وقال ريتشاردي إن الاستراتيجية التي اعتمدتها الحكومة البريطانية تسببت أيضاً في ارتفاع عدد حالات «كوفيد الطويل»، أو المزمن، بما في ذلك بين الأطفال. وذكّر بأن «الخطأ الفادح الذي ارتكبته السلطات البريطانية عندما أوقفت الرحلات الجوية القادمة من بنغلاديش وباكستان ولم توقف الرحلات الآتية من الهند، مما ساهم في دخول متحوّر دلتا الذي تفرّع عنه مؤخراً متحوّر آخر يحمل مواصفات جديدة في التركيبة البروتينية للشوكة الفيروسية تبعث على القلق الشديد». وتوقّع ريتشاردي، في حال عدم زيادة التغطية اللقاحية والإسراع في توزيع الجرعة المعزّزة، أن تشهد أوروبا موجة وبائية رابعة مع بداية العام المقبل تتميّز بارتفاع كبير في عدد الإصابات يذكّر بالموجات السابقة «لكنها ستكون أقل فتكاً بفضل اللقاحات».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».