هل يؤثر ترشح الدبيبة المحتمل على حظوظ منافسيه؟

سياسيون يرون أن استفادته شعبياً من منصبه تمثل تهديداً لباقي المرشحين

عبد الحميد الدبيبة (أ.ب)
عبد الحميد الدبيبة (أ.ب)
TT

هل يؤثر ترشح الدبيبة المحتمل على حظوظ منافسيه؟

عبد الحميد الدبيبة (أ.ب)
عبد الحميد الدبيبة (أ.ب)

في ظل تزايد الحديث عن قرب إعلان رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة ترشحه للانتخابات الرئاسية المرتقبة، تباينت ردود أفعال السياسيين والبرلمانيين حول تأثير ذلك على حظوظ منافسيه في هذا الماراثون، بالنظر إلى ما اكتسبه من شعبية خلال الأشهر التسعة الماضية، وذلك بفضل إنجازه لمشروعات واتخاذ قرارات استفادت منها شرائح مجتمعية مختلفة.
وتحدثت عضو مجلس النواب، ربيعة أبو رأس، عما يتمتع به الدبيبة من شعبية، وقالت إن العاصمة طرابلس ومدناً عدة شهدت مظاهرات واسعة تضامناً معه، عندما قرر مجلس النواب سحب الثقة من حكومته في 22 سبتمبر (أيلول) الماضي، معتبرة أن ذلك يعد إشارة واضحة على ما يتمتع به رئيس الحكومة «من شعبية غير هينة».
ورأت ربيعة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة «قد يمثل تهديداً بالفعل لحظوظ باقي المرشحين إذا ما ترشح، فهو أول رئيس حكومة منذ قيام ثورة 17 فبراير (شباط) ينجح في تعبئة وحشد الجماهير حوله وحول حكومته، نظراً لاستخدامه خطاباً قريباً منهم، فضلاً عن جرأته في تفعيل القرارات التي أصدرها البرلمان».
وأضافت أبو رأس موضحة: «بالطبع لا أحد ينكر أن وجوده في السلطة، فضلاً عن القرارات التي أصدرها والمشروعات التي نفذها من المال العام ساهمت في صناعة تلك الشعبية، لكن ما ينساه البعض أن الشعب يعرف ويعي هذا الأمر أيضاً، وبالتالي على الجميع ترك القرار النهائي للشعب، دون وصاية من أحد».
من جانبه، توقع عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر حويلي، وجود حالة من القلق لدى قيادات شرق ليبيا تحديداً حيال ترشح مرتقب للدبيبة، «خاصة مع تصاعد شعبيته في المنطقة الغربية، التي تتميز بكثافة سكانية قد تكون كفيلة بترجيح كفته في مواجهة أي مرشح من قبلهم».
وقال حويلي لـ«الشرق الأوسط» إن «أغلب العازمين على الترشح للرئاسة استفادوا فعلاً من مواقعهم في الدعاية لحملاتهم الانتخابية». مشيراً إلى أن الدبيبة «بات يمثل إزعاجاً لجميع المرشحين في الشرق والغرب أيضاً. فالجميع يرى أن الفرصة جاءته على طبق من ذهب، خاصة أنه لم يكن معروفاً مقارنة بأسرته قبل أن يتولى مسؤولية الحكومة. لكن بعد ذلك باتت لديه الإمكانات المادية والمعنوية للدولة، وامتلك أيضاً علاقات دولية ومحلية، ونجح في ترضية واستقطاب كثير من مكونات المجتمع كالمرأة والشباب لصالحه». كما أن الدبيبة - يضيف حويلي - «مهندس ورجل أعمال ناجح، يمتلك المال وعلى دراية بالشأن السياسي، وطرق إدارة الدولة، وله علاقته بدوائر المال والأعمال داخل ليبيا وخارجها، فضلاً عن أنه ابن مدينة مصراتة، المعروفة بثقلها العسكري والمالي».
وكانت البعثة الأممية قد دعت مجلس النواب إلى المسارعة بإجراء تعديل على قانون الانتخابات الرئاسية، وفق ما طالبت به المفوضية العليا للانتخابات، بحيث يتم التغاضي عن شرط «تقدم الراغبين في الترشح إذا كانوا يشغلون مناصب عامة باستقالتهم قبل 3 أشهر من فتح باب الترشح»، وهو ما أثار احتجاج 44 عضواً برلمانياً، معتبرين مطلب البعثة الأممية «تدخلاً سافراً في الشأن الليبي».
وأكد عضو مجلس النواب سالم أقنان، على «رفضه الشديد» لتدخل البعثة الأممية في عمل مجلس النواب الليبي، وإقراره للقوانين المنظمة للعملية الانتخابية، محذراً من مغبة إجراء تعديلات «يفهم منها أنها جاءت تلبية للتدخلات الخارجية، ولفرض أسماء بعينها، وهذا قد يزيد من حجم الإشكاليات المتفاقمة بالأساس داخل المشهد السياسي الليبي».
وقال أقنان لـ«الشرق الأوسط» إن أجواء التنافس والتخوف بين المرشحين «أمور متوقعة ومتفهمة في أي انتخابات، لكن بيان النواب الرافض لتدخل البعثة جاء متسقاً مع التعهد، الذي أُقر من قِبل من ترشحوا لتولي السلطة الانتقالية، بعدم الترشح للانتخابات المرتقبة، وبالتالي فهذا ينطبق على قيادات الحكومة والمجلس الرئاسي»، متابعاً: «الأمر ليس قانوناً، لكنه تعهد أخلاقي، الهدف منه ضمان عدم استغلال أي شخص لموقعه العام في الدعاية الانتخابية».
واستغرب رئيس مجموعة «العمل الوطني»، خالد الترجمان، ما سماه «إصرار البعثة الأممية على تعديل القانون الانتخابي، ما قد يسمح بترشح الدبيبة، أو أي شخصية أخرى من متقلدي المناصب العامة».
وقال الترجمان إن ما يطرح حول أن بعض النواب بشرق ليبيا، وخاصة المعروفين بقربهم من «الجيش الوطني»، هم من يرفضون تعديلات المفوضية العليا للانتخابات لضمان حظوظ أفضل للمشير حفتر «مجرد ادعاء جديد من تيار الإسلام السياسي، وخاصة (تنظيم الإخوان) الذي يراهن بقوة على الدبيبة»، وفق قوله.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».