بايدن يواجه إردوغان بـ«حقوق الإنسان»

تجنب تعهد منح تركيا مقاتلات «إف 16» خلال لقائهما في روما

بايدن وإردوغان قبيل اجتماعهما في روما أمس (أ.ف.ب)
بايدن وإردوغان قبيل اجتماعهما في روما أمس (أ.ف.ب)
TT

بايدن يواجه إردوغان بـ«حقوق الإنسان»

بايدن وإردوغان قبيل اجتماعهما في روما أمس (أ.ف.ب)
بايدن وإردوغان قبيل اجتماعهما في روما أمس (أ.ف.ب)

أشهر الرئيس الأميركي جو بايدن، ملف حقوق الإنسان والتزام تركيا بمبدأ سيادة القانون في وجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال لقائهما على هامش قمة مجموعة العشرين في روما أمس (الأحد)، كما أوضح له أن حصول تركيا على مقاتلات «إف 16» مقابل المبلغ الذي دفعته من قبل للحصول على مقاتلات «إف 35» لن يكون أمراً سهلاً، مجدِّداً قلق واشنطن من شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس 400»، التي تسببت في حرمان تركيا من الحصول على مقاتلات «إف 35» وتعرضها لعقوبات بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات (كاتسا).
والتقى بايدن وإردوغان قرابة الساعة بحضور وزيري خارجية البلدين أنتوني بلينكن ومولود جاويش أوغلو، وقالت وسائل الإعلام التركية إن اللقاء كان مقررا أن يستغرق 20 دقيقة فقط، معتبرة أن إطالة زمنه تعني أن القضايا التي ناقشها اللقاء كانت على درجة كبيرة من الأهمية.
وقال بيان صدر عن البيت الأبيض عقب اللقاء، إن بايدن أعرب لنظيره التركي عن رغبته في الحفاظ على علاقات بنّاءة مع تركيا، الحليفة لبلاده في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتوسيع مجالات التعاون وإدارة النزاعات بشكل فعال.
وذكر البيان أن بايدن وإردوغان بحثا المسار السياسي في سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان، والمستجدات في ليبيا، والأوضاع في شرق البحر المتوسط، والجهود الدبلوماسية لإرساء الاستقرار جنوب القوقاز، وأعرب بايدن عن تقديره لمساهمة تركيا لنحو 20 عاماً في مهمة «ناتو» في أفغانستان.
وحسب البيان، أكد بايدن أهمية التعاون الدفاعي بين البلدين وأهمية تركيا كبلد عضو في «ناتو»، لكنه جدد في الوقت ذاته قلقه من امتلاك تركيا لمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية «إس 400». وأضاف البيان أن بايدن أكد أهمية المؤسسات الديمقراطية القوية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون من أجل السلام والازدهار.
في المقابل، قالت الرئاسة التركية، في بيان حول اللقاء، إنه جرى في أجواء إيجابية وتناول العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية، واتفق الرئيسان على تشكيل آلية مشتركة لتعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين.
إلى ذلك، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية للصحافيين عقب اللقاء، إن بايدن أبلغ إردوغان بأن طلبه شراء مقاتلات «إف 16» يجب أن يمر بعملية دقيقة في الولايات المتحدة، معرباً عن رغبته في حل الخلافات بين البلدين على نحو فعال. ونقلت وكالة «رويترز»، عن المسؤول الذي لم تحدده بالاسم، أن بايدن أثار أيضاً قضية حقوق الإنسان خلال اجتماعه مع إردوغان.
وجاء لقاء بايدن وإردوغان وسط توتر بين بلديهما بشأن قضايا الدفاع وحقوق الإنسان.
وعشية اللقاء، قال مسؤول آخر بالإدارة الأميركية إن بايدن سيحذّر إردوغان من أن أي أعمال «متهورة» لن تعود بالنفع على العلاقات الأميركية التركية، وسينبهه إلى ضرورة تجنب الأزمات بعدما هدد إردوغان بطرد السفير الأميركي في أنقرة و9 آخرين من المبعوثين الأجانب لمطالبتهم بإطلاق سراح رجل الأعمال الناشط البارز في مجال الحقوق المدنية عثمان كافالا، المحبوس احتياطياً منذ 4 سنوات والذي يواجه اتهامات، تم تعديلها بعد تبرئته، بالتجسس ودعم محاولة الانقلاب التي وقعت في تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016 ونسبتها حكومة إردوغان إلى حليفه الوثيق السابق المقيم في أميركا فتح الله غولن، وحركة «الخدمة» التابعة له.
وسحب إردوغان، الاثنين الماضي، تهديده بطرد السفراء العشرة الموقعين على بيان الإفراج عن كالافا تنفيذاً لقرارات صادرة من محكمة حقوق الإنسان الأوروبية بإطلاق سراحه، حيث أكدوا أن استمرار احتجازه وتغيير الاتهامات الموجهة إليه يعد انتهاكاً للقانون.
وقال المسؤول الأميركي إن الرئيس بايدن تفهم رغبة إردوغان في حيازة تركيا مقاتلات «إف 16»، لكنه أوضح بجلاء أن ثمة عملية يتعين علينا المرور بها في الولايات المتحدة، وأبدى التزامه بمواصلة العمل من خلال تلك العملية.
وفي أثناء وقوف بايدن وإردوغان أمام المصورين لالتقاط صور لهما قبل محادثاتهما، سُئل بايدن ما إذا كان يعتزم بيع طائرات «إف 16» لتركيا؟ فقال إنه وإردوغان «يخططان لإجراء محادثات مجدية».
وقال إردوغان، مؤخراً، إن الولايات المتحدة اقترحت حصول تركيا على مقاتلات «إف 16» مقابل المبلغ الذي دفعته في برنامج متعدد الأطراف لإنتاج وتطوير مقاتلات «إف 35» أخرجت واشنطن بلاده منه عقب حصولها في 2019 على منظومة «إس 400» الروسية التي تثير قلق أميركا و«ناتو»، لكن واشنطن رفضت أن تكون قد تقدمت بمثل هذا المقترح.
وحث نواب أميركيون إدارة بايدن على عدم بيع طائرات «إف 16» لتركيا، وهددوا بعرقلة أي صادرات من هذا القبيل على أساس أن تركيا اشترت أنظمة دفاع صاروخية روسية وتصرفت كخصم، ما يعرّضها للعقوبات بموجب قانون «كاتسا».
وكانت تقارير قد أفادت بأن تركيا طلبت من الولايات المتحدة شراء 40 طائرة «إف 16» من إنتاج «لوكهيد مارتن»، المنتجة أيضاً لمقاتلات «إف 35»، ونحو 80 من معدات التحديث لطائراتها الحالية.
وقبل أيام من اللقاء مع بايدن، صعّد إردوغان تهديداته بشنّ عملية عسكرية في شمال سوريا تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أبرز حليف لأميركا في الحرب على «داعش» في سوريا، متهماً الولايات المتحدة وروسيا بعدم الوفاء بالتزاماتهما بموجب تفاهمات موقّعة في 2019 تقضي بإبعاد الوحدات الكردية جنوباً عن الحدود التركية لمسافة 30 كيلومتراً.
وقالت مصادر إن أمر هذه العملية العسكرية سيكون معلقاً على لقاء إردوغان وبايدن، لكن لم يتضح عقب اللقاء فوراً ما إذا كان تم التطرق إلى هذه المسألة.
لكنّ وسائل الإعلام الموالية لإردوغان هاجمت موقف بايدن من تركيا، وتساءل محمد بارلاس، رئيس تحرير صحيفة «صباح» المقربة من إردوغان: «ماذا سيحدث إذا التقى بايدن معنا؟ وماذا سيحدث إذا لم يفعل ذلك؟». وأضاف: «كمواطن تركي وناخب، أثق أكثر بروسيا والرئيس فلاديمير بوتين».
على صعيد آخر، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن الطائرات المسيّرة التي تستخدمها أوكرانيا في إقليم دونباس ضد المجموعات التي تدعمها روسيا أصبحت ملكاً لكييف.
ورداً على إبداء روسيا استياءها من استخدام أوكرانيا طائرات مسيّرة تركية في دونباس، قال جاويش أوغلو، في تصريح أمس: «أي سلاح تشتريه دولة ما من تركيا أو غيرها لا يمكن الحديث عنه على أنه سلاح تركي أو روسي أو أوكراني، وإنما يصبح ملكاً للبلد الذي اشتراه، وتركيا ليست مسؤولة عن استخدامه».
وشدد أوغلو على أنه لا يجب توجيه أي اتهام لأنقرة يتعلق بطريقة استخدام الطائرات المسيّرة لأنها أصبحت «سلاحاً أوكرانياً»، ولفت إلى أن «الإرهابيين الذين حاربتهم تركيا استخدموا أسلحة من دول عدة بينها روسيا، لكننا لا نتهم روسيا على الإطلاق».


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

تركيا تُعلن استعدادها «لتقديم الدعم اللازم للبنان»

لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
TT

تركيا تُعلن استعدادها «لتقديم الدعم اللازم للبنان»

لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)

أعلنت تركيا، الأربعاء، أنها «مستعدة لتقديم الدعم اللازم للبنان» بعد ساعات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيّز التنفيذ.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إنها «ترحب بالنتيجة الإيجابية للمفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، وتأمل أن يكون دائماً».

وأضافت: «على المجتمع الدولي أن يضغط على إسرائيل للاحترام الصارم لوقف إطلاق النار، والتعويض عن الأضرار التي سببتها في لبنان»، معربة عن «دعم» أنقرة لهذا المسار، من دون مزيد من التوضيحات، وفقاً لما ذكرته الـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار بيان الخارجية: «بهذه المناسبة، نودُّ أن نذكر بأنه من أجل ضمان السلام والاستقرار في المنطقة، يجب إعلان وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة في أسرع وقت ممكن، ويجب وضع حد لسياسات إسرائيل العدوانية».

دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» حيّز التنفيذ في الساعة الرابعة فجر الأربعاء بالتوقيت المحلي للبنان. ووسّعت إسرائيل حربها التي تشنّها على قطاع غزة، لتشمل لبنان في الفترة الماضية، وقتلت عدداً من كبار قادة جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد ذكر تركيا، الثلاثاء، «إلى جانب مصر وقطر وإسرائيل وغيرها»، خلال تعداده الدول الوسيطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس».

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم، إن تركيا مستعدة للمساعدة بأي طريقة ممكنة للتوصل لوقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة، وعبّر عن ارتياحه لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في لبنان.

وكانت حركة «حماس» قد أعلنت اليوم أنها «جاهزة لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة جادة لتبادل الأسرى» مع إسرائيل، موضحة أنها أبلغت الوسطاء في مصر وقطر وتركيا بذلك.

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ستدفع مرة أخرى باتجاه التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة «مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل ودول أخرى».