بريطانيا تأمل بـ«التزامات دولية طموحة» في «مؤتمر غلاسكو»

كليفرلي لـ«الشرق الأوسط»: التزام السعودية الحياد الكربوني يدفع الجميع لتحمل مسؤوليته

جيمس كليفرلي
جيمس كليفرلي
TT

بريطانيا تأمل بـ«التزامات دولية طموحة» في «مؤتمر غلاسكو»

جيمس كليفرلي
جيمس كليفرلي

قال جيمس كليفرلي، وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البريطاني، إن بلاده تأمل في أن يجدّد العالم التزامه، في مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 26) الذي انطلق أمس في غلاسكو ويستمر أسبوعين، بحصر ارتفاع درجات حرارة الأرض بـ1.5 درجة مئوية.
ورأى كليفرلي، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن جهود الحفاظ على البيئة لا تشكل تحدياً فحسب، وإنما تخلق مجموعة جديدة من الفرص الاقتصادية، وسبلاً مبتكرة لتنمية الروابط الدولية والتقنيات وتعزيز العلاقات التجارية. كما أكّد أن عدم مشاركة كل من الرئيسين الروسي والصيني حضورياً في «قمة القادة» التي تنعقد اليوم وغداً، لن يوقف العمل باتّجاه أجندة مكافحة التغير المناخي في غلاسكو.
وأشاد الوزير البريطاني بالتزام السعودية بتحييد الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2060 وعدّه «التزاماً قوياً» من دولة نفطية يُظهر للعالم «أننا جميعاً نتحمل مسؤولية ويمكننا جميعاً أن نلعب دوراً» في مواجهة تغير المناخ.

- مؤتمر حاسم
عدّ كليفرلي مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 26)، الذي تُنظّمه المملكة المتحدة وإيطاليا في غلاسكو، «مهماً للغاية»، إذ «يجتمع العالم معاً ويلتزم مجدداً بمنع ارتفاع حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تواجه بالفعل قضايا ندرة المياه، وحيث يكون تأثير المناخ أكثر حدة».
وشدّد كليفرلي على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي «خطوات الآن لبناء اقتصادات خضراء وتقليل اعتمادنا على الهيدروكربونات وتسليم الكرة الأرضية للأجيال القادمة في حالة جيدة». وتابع: «هذا ما نأمل في تحقيقه مع أصدقائنا وشركائنا حول العالم في (كوب 26)».

- تحييد الانبعاثات الكربونية
يقول كليفرلي إن المملكة المتحدة «تفخر بحقيقة أن لدينا أسرع خفض في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بين دول مجموعة السبع». وأوضح: «تمكنا من القيام بذلك، مع استمرار نمو اقتصادنا. لقد التزمنا بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ويسعدنا للغاية أن دولاً أخرى في جميع أنحاء العالم قدّمت التزامات كبيرة في هذا المجال».
وأشار كليفرلي إلى الجهود السعودية لمكافحة التغير المناخي، وقال: «في الواقع، نحن سعداء للغاية بالتزام المملكة العربية السعودية البارز بالانتقال إلى الحياد الكربوني». وتابع: «نأمل حقاً أن تكون جميع البلدان المشاركة في (كوب 26) طموحة فيما يتعلق بأهدافها، وأن تدفع نحو أفكار وابتكارات جديدة، وتلتزم بمنع تغير المناخ، وتحسين البيئة والحفاظ على كوكب يمكننا العيش فيه جميعاً».

- التزام سعودي بارز
ورحّب الوزير في هذا الصدد بالتزام السعودية «رفيع المستوى» بتصفير انبعاثات الكربون بحلول 2060. وقال: «عقدت اجتماعاً افتراضياً مع عدد من الأشخاص من المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأخبروني عن التأثير الذي يُحدثه تغير المناخ بالفعل في المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بنقص المياه، وتسجيل شرق البحر الأبيض المتوسط ارتفاعاً قياسياً في درجات حرارة البحر».
وتابع: «هذا هو سبب أهمية الالتزامات التي قطعتها دول المنطقة، كما كان الحال مع إعلان المملكة العربية السعودية الطموح للغاية». ورأى كليفرلي أنه «إذا قدّمت البلدان المشهورة بإنتاج النفط والغاز مثل هذا الالتزام القوي تجاه الحياد الكربوني، فإن ذلك يُظهر للعالم أننا جميعاً نتحمل مسؤولية ويمكننا جميعاً أن نلعب دوراً» في مواجهة تغير المناخ.
وفي خطوة تاريخية، أعلنت السعودية الأسبوع الماضي إطلاق مبادرات في مجال الطاقة من شأنها تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول 2030، ما يمثل تخفيضاً طوعياً بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة فيما يخص تخفيض الانبعاثات. كما كشفت المملكة عن خطة لتحقيق الحياد الصفري لانبعاثات الكربون بحلول عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وبما يتوافق مع خطط البلاد التنموية، وتمكين تنوعها الاقتصادي.

- الفرص الاقتصادية
شدّد وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أن التعاون الدولي في مواجهة التغير المناخي ليس تحدياً فحسب، بل يتيح فرصاً اقتصادية وتجارية جديدة.
وقال: «في حين أن جزءاً مهماً من معالجة تغير المناخ يمرّ عبر تغيير في السلوك الفردي، إلا أن هناك أيضاً فرصة رائعة لتطوير التكنولوجيا، ولتعزيز تعاون الدول والشركات. ستكون هناك مجموعة كاملة من الفرص الاقتصادية الجديدة التي ستخرج من هذه الأجندة».
وتابع: «يجب أن نكون إيجابيين ومتحمسين بشأن ذلك، ويجب أن ننظر إلى هذه الجهود على أنها وسيلة لتنمية روابطنا الدولية وتقنياتنا وعلاقاتنا التجارية»، مستنتجاً: «نحن بحاجة إلى تبني (هذا التحدي) كفرصة، وليس مجرد مشكلة تجب إدارتها».

- أقوال وأفعال
يخشى مراقبون من ألا تنجح الدول المجتمعة في غلاسكو في ترجمة التزاماتها إلى أفعال، حتى إن البعض يتساءل عن الهدف من تنظيم هذا النوع من الفعاليات بعد الصعوبات التي واجهها المجتمع الدولي في تحقيق التزامات اتفاق باريس للمناخ.
ويرى كليفرلي أن «جزءا مهماً جداً من (كوب 26) هو البناء على العمل الممتاز الذي تم في باريس، للتأكد من أننا نُحوّل هذه التطلعات إلى إجراءات حقيقية وذات مغزى. هذا ما سيُحدث فرقاً». في المقابل، شدد الوزير على أن «الالتزامات مهمة، يجب ألا نتجاهل ذلك. ولكن يجب علينا الآن أن نُلزم أنفسنا بشكل جماعي بتلك الالتزامات، وأن نجد طرقاً لتحويل الأقوال إلى أفعال. ولا يمكن القيام بذلك إلا عبر التعاون الدولي. وهذا هو سبب الالتقاء حضورياً (بخلاف اللقاءات الافتراضية)، حتى نتمكن من الاجتماع حول طاولة واحدة، وإحداث فرق حقيقي».
واستطرد الوزير: «هذا ما يجعل مؤتمر غلاسكو مهماً للغاية، ولهذا أنا فخور حقاً بأن الكثير من قادة العالم سيجتمعون معاً».
وأشاد كليفرلي بالحضور المتميز في غلاسكو، «من حيث الدول التي التزمت بإرسال وفود رفيعة المستوى». وشدد: «أنا حريص حقاً على أن ننتهز هذه الفرصة لاتخاذ خطوات حقيقية وذات مغزى».

- غياب شي وبوتين
ورغم توافد أكثر من مائة زعيم وآلاف المندوبين من قرابة مائتي دولة إلى غلاسكو، فإن غياب الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين يضفي شكوكاً حول نجاح المؤتمر.
ويقول كليفرلي إن «التزام دول مثل روسيا والصين مهم للغاية. لكن يجب أن نتذكر أن عدداً كبيراً من كبار القادة سيكون هناك». وتابع: «لا شك أننا نسعى لأن يسير العالم بأسره في اتجاه (تحقيق أجندة كوب 26). سنواصل العمل مع الدول في جميع أنحاء العالم، وسنواصل دفع هذه الأجندة إلى الأمام». وأضاف: «لا شك أن الوجود في غلاسكو مهم للغاية، ولكن حتى إن لم يكن بعض قادة العالم هناك، فسنواصل دفع هذه الأجندة إلى الأمام».

- بريطانيا العالمية
تسعى المملكة المتحدة من خلال تنظيمها (كوب 26)، وقمة مجموعة السبع قبل ذلك، إلى تعزيز دورها في الساحة الدولية، غداة خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وأكّد كليفرلي أن «رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية والحكومة بأكملها ملتزمون تماماً بأن تكون المملكة المتحدة لاعباً منخرطاً في المسرح العالمي، لدفع القضايا المهمة، مثل تغير المناخ وتحسين البيئة».
وتابع أنه بالإضافة إلى التنسيق وتنظيم اللقاءات الدولية، «نحن مصممون على أخذ زمام المبادرة في أن نكون دولة عالمية فعالة حقاً، لدفع الفائدة الاقتصادية، بطريقة عادلة تحمي البيئة وتكون مبنية على مبادئ المملكة المتحدة».


مقالات ذات صلة

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الاقتصاد الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

حقق 14 مبتكراً في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
TT

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني، اليوم الثلاثاء، أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

ووفقاً لـ«رويترز»، وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل، ويأمل بعض المستوطنين أن يساعدهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في تحقيق حلم فرض السيادة على الضفة الغربية التي يعدها الفلسطينيون محور دولة لهم في المستقبل.

وأدى العنف المتزايد للمستوطنين إلى فرض عقوبات أميركية، وقالت بعض الشركات إنها ستوقف أعمالها في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد تقرير تحالف منظمات «لا تشتري من الاحتلال» بأن 822 مؤسسة مالية في المجمل أقامت علاقات هذا العام مع 58 شركة «ضالعة بنشاط» في المستوطنات الإسرائيلية ارتفاعاً من 776 مؤسسة في 2023.

ودعت منظمات المجتمع المدني إلى تشديد التدقيق وسحب الاستثمارات إذا لزم الأمر.

وقال أندرو بريستون، من منظمة المساعدات الشعبية النرويجية، وهي واحدة من 25 منظمة مجتمع مدني أوروبية وفلسطينية أجرت البحث: «المؤشر هو أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ».

وقال لنادي جنيف للصحافة حيث قُدم التقرير: «نرى أنه يجب على المؤسسات المالية الأوروبية معاودة تقييم نهجها بشكل عاجل تجاه الشركات الضالعة في الاحتلال غير القانوني».

ولم ترد وزارة المالية الإسرائيلية بعد على طلب للتعليق.

ويبلغ طول الضفة الغربية نحو 100 كيلومتر وعرضها 50، وتقع في لب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ استيلاء إسرائيل عليها في حرب عام 1967.

وتعد معظم الدول الضفة الغربية أرضاً محتلة، وأن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي أيدته أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في يوليو (تموز).

وأفاد التقرير بأن بنوكاً كبرى منها «بي إن بي باريبا» و«إتش إس بي سي» من بين الشركات الأوروبية المدرجة على القائمة. ولم ترد البنوك بعد على طلب للتعليق.

وأفاد التقرير بأن الشركات الضالعة بنشاط في المستوطنات وعددها 58 تشمل شركة كاتربيلر لصناعة الآلات الثقيلة، بالإضافة إلى موقعي السفر «بوكينغ» و«إكسبيديا». ولم ترد أي من هذه الشركات بعد على طلب للتعليق.

وقالت «بوكينغ» في وقت سابق إنها حدثت إرشاداتها لمنح العملاء مزيداً من المعلومات لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المناطق المتنازع عليها والمتأثرة بالصراع. وقالت «إكسبيديا» إن أماكن الإقامة الخاصة بها محددة بوضوح على أنها مستوطنات إسرائيلية تقع في الأراضي الفلسطينية.

وكثير من الشركات المذكورة في التقرير، ولكن ليس كلها، مدرج أيضاً في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية.

وذكر التقرير أن بعض المؤسسات المالية سحبت استثماراتها من شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك صندوق التقاعد النرويجي (كيه إل بي).