أهالي منبج والقامشلي يتابعون بقلق تهديدات أنقرة

بعضهم توقف عن البيع والشراء

شركة إيرانية تضع محطات لمعالجة المياه في الحسكة شمال شرقي سوريا (سانا)
شركة إيرانية تضع محطات لمعالجة المياه في الحسكة شمال شرقي سوريا (سانا)
TT

أهالي منبج والقامشلي يتابعون بقلق تهديدات أنقرة

شركة إيرانية تضع محطات لمعالجة المياه في الحسكة شمال شرقي سوريا (سانا)
شركة إيرانية تضع محطات لمعالجة المياه في الحسكة شمال شرقي سوريا (سانا)

سادت حالة من القلق في مدينة منبج (محافظة حلب) جراء تصاعد وتيرة التهديدات التركية في منطقة يحكمها مجلسان عسكري ومدني، متحالفان مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
وفي إحدى محال الخياطة بشارع الخياطين بالسوق المركزية للمدينة، جلس صطوف الحسين البالغ من العمر (30 عاماً) على كرسيه أمام ماكينة خياطة لحياكة جلابية رجالي وخلفه ظهرت عدد منها بألوان الرمادي والبني والأبيض الفاتح والبيج. وقال لـ«الشرق الأوسط»، «نعم هناك حالة من الخوف والقلق، حتى حركة البيع والشراء تأثرت، فالمنطقة المهددة تشمل منبج أيضاً، ومنذ تصاعد التهديدات الناس تأتي للسوق تشتري حاجاتها وتعود للمنزل على عجالة».
وهذا الشباب عاد لمسقط رأسه بعد سنوات سيطرة تنظيم «داعش» قضاها لاجئاً بين لبنان وتركيا، وبعد عودته رجع لمزاولة مهنته التي توارثها عن أبيه وجده، غير أن التطورات الأخيرة والحديث عن عملية عسكرية مرتقبة في شمال بلده دفعته للتفكير بالخيارات المتاحة، وأضاف: «جميع الناس هنا وبكل سوريا لا يريدون الحرب، لقد عشنا في منبج تجربة الاستقرار والانضباط الأمني، وصراحة نحن مرتاحون مع قوات (قسد)، أتمنى عدم الانجرار لحرب مدمرة».
وجالت «الشرق الأوسط»، يوم الخميس الفائت، في مدينة منبج الواقعة بالريف الشرقي لمحافظة حلب وتبعد عنها نحو 80 كيلومتراً، واستطلعت حياة المواطنين وأراء سكانها الذين توافدوا إلى سوقها المركزية المسقوفة، وكانت معظم المحال مفتوحة أمام حركة الزبائن، ورغم أن الحياة كانت شبه اعتيادية؛ إلا أن علامات الترقب والحذر ارتسمت على وجوه المارة لما هو قادم، وعندما تستوقف أحدهم للحديث عما يجري في محيطه يبادر على الفور بالسؤال عن مصير هذه المدينة التي تعيش وسط خطوط التماس مع ثلاث جهات سورية متحاربة؛ أولها قوات «مجلس منبج العسكري»، وتنضوي في صفوف «قسد» المسيطرة على المدينة منذ تحريرها من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي منتصف عام 2015، والثانية فصائل «الجيش السوري الحر» المدعومة من تركيا، التي تنتظر ساعة الصفر لإطلاق عملية عسكرية، ومن المحتمل أن تكون منبج هدفاً لها.
ونقل التاجر عبد القادر الذي كان يتابع إحدى نشرات الأخبار عبر شاشة مسطحة وضعت في زاوية متجره الخاص ببيع الخردوات ومعدات الخياطة والزراعة، أن تركيا أعلنت مراراً عزمها إنشاء منطقة آمنة على حدودها الجنوبية مع سوريا، وقال: «بحجة هذه المنطقة تريد شن هجوم عسكري جديد، لقد نشرت الخوف والرعب في قلوب الناس، بالسوق أغلب الأهالي تمشي وتلتفت حولها وتنتظر ما ستؤول إليه التطورات المتسارعة».
وأشار الرجل الخمسيني إلى أن منبج تتالت على حكمها جهات عسكرية عدة، منذ بداية الأزمة السورية، وكل جهة اصطدمت مع سكان المدينة، وكانت تفرض قوانينها وتشريعاتها، وتحرم أبناء أهلها من الدراسة والتعليم والتواصل مع الداخل السوري، ليزيد: «حركة العمل خفيفة، والاقتصاد يتعرض لمزيد من الانتكاسات، وأي عملية عسكرية ستقسم المقسم، وتزيد من تعقيد المشهدين الميداني والعسكري».
أما ثالث الجهات التي تسعى للسيطرة على منبج هي القوات النظامية الموالية المنتشرة في ريفها الجنوبي وجنوب شرق والقرى الفاصلة مع مدينة الباب المجاورة، وعلى طول خط نهر الساجور ومواقع التماس مع الجيش التركي وفصائلها الموالية، ووضعت نصب عينها السيطرة على منبج بانتظار ضوء أخضر روسي تركي، وتفاهم تركي مع الولايات المتحدة الأميركية التي قدمت الدعم العسكري واللوجيستي للقوات الحاكمة الآن في تحريرها من قبضة «جهادي» التنظيم.
وأعربت هنود التي كانت تتبضع في السوق عن أن سكان منبج حرموا من نعمة الاستقرار منذ سنوات، لتقول: «كل يوم نسمع خبراً جديداً يزيد من مخاوفنا، حقيقة حرمنا من نعمة الاستقرار منذ سنة 2011 والقادم أعظم»، ونقلت هذه الفتاة وتبلغ من العمر 27 عاماً، أنها كانت طالبة جامعية تدرس التاريخ بجامعة حلب، لكنها حُرمت من تعليمها بسبب الحرب الدائرة في بلدها منذ 10 سنوات، وتعمل حالياً في إحدى مدارس الإدارة المدنية، ولم تخفِ قلقها من مجريات الأحداث الساخنة، ونوهت قائلة: «تركيا ومنذ دخولها في سوريا تهدد دائماً واليوم تتحدث عن هجوم جديد، هذا سيناريو مخيف ولا سمح الله إذا نفذت تهديدها ستدخل المنطقة برمتها في نفق طويل وكارثي».
أما صديقتها سعاد التي رافقتها بالسوق، وكانت ترتدي حجاب رأس ملوناً بالأحمر ممزوجاً بخيوط ذهبية، فقالت: «الحرب كارثية والجميع سيتضرر منها، لأن الفوضى والخراب سيعمان المنطقة، فمنبج وباقي المناطق السورية التي تشهد هذه الحرب تنتظر حلاً شاملاً».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.