إسرائيل لقطع الكهرباء في الضفة وتزويد غزة بـ«طاقة نظيفة»

جدارية رسمها فنان فلسطيني على جدار وكالة «أونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)
جدارية رسمها فنان فلسطيني على جدار وكالة «أونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل لقطع الكهرباء في الضفة وتزويد غزة بـ«طاقة نظيفة»

جدارية رسمها فنان فلسطيني على جدار وكالة «أونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)
جدارية رسمها فنان فلسطيني على جدار وكالة «أونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تهدد فيه إسرائيل بقطع الكهرباء عن مناطق عدة في الضفة الغربية، بدعوى أن السلطة الفلسطينية لم تدفع مستحقاتها، طُرح في تل أبيب مشروع جديد لتزويد مناطق واسعة شرقي قطاع غزة بالكهرباء النظيفة.
وقد اعتبر الفلسطينيون هذا التوجه «عملية دق أسافين بين أبناء الشعب الواحد»، في وقت ادعى فيه الإسرائيليون بأنه «سياسة واحدة هدفها تشجيع الاعتدال وتعزيز الهدوء، وفي الوقت ذاته الحرص على ألا يكون تزويد الكهرباء مجانياً».
وكان المشروع تجاه غزة قد كُشف بالصدفة، خلال البحث في الموازنة العامة التي يجري التداول فيها لإقرارها في الكنيست، فقد تبين أن وزيرة الطاقة، كارين الهراري، رصدت ميزانية لتمويل التخطيط لنشر ألواح لالتقاط الطاقة الشمسية وإنتاج كهرباء نظيفة من الطبيعة ومنخفضة التكاليف. وأن هذا المشروع سيزود بالكهرباء البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، وكذلك البلدات الفلسطينية الواقعة شرقي القطاع.
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، عن أن المشروع جاء بمبادرة من رئيس المجلس الإقليمي في أشكول، غادي يركوني، وتبنته الوزيرة الهراري. وأن المبادرين كانوا يخشون من اعترض الجيش الإسرائيلي عليه، حيث إن نشر الألواح الزجاجية على الحدود مع غزة يمكن أن يعرّض المشروع للتخريب في أول مناسبة صدام بين الطرفين. إلا أن الجيش فاجأهم بتأييد متحمس، وكتب لهم قائد اللواء الجنوبي، الجنرال العزار طوليدانو، إن المشروع يصبّ في مصلحة التهدئة وينسجم مع سياسة الجيش الذي يقدم تسهيلات كبيرة للفلسطينيين، في سبيل الحفاظ على الأمن وتشجيع أولئك منهم الذين يضعون في رأس اهتمامهم حب الحياة والعلم والعمل. وقال طوليدانو ،إن مشروعاً كهذا يمكن أن يكون إسرائيلياً صرفاً، فيقام على الطرف الشرقي من الحدود، ويمكن أن يكون بالشراكة وأن يقام داخل حدود القطاع بمساندة إسرائيلية. المهم أن يحصل السكان الإسرائيليون والفلسطينيون على طاقة كهربائية نظيفة ورخيصة.
ولم يعلق الفلسطينيون على هذا المشروع وانتظروا دراسته بشكل أعمق، لكنهم ردوا بغضب عندما سمعوا في اليوم نفسه الذي نُشر فيه مشروع غزة، نشر تهديد شركة الكهرباء الإسرائيلية، بقطع الكهرباء عن مناطق واقعة في الضفة الغربية. وجاء في بيان شركة كهرباء الفلسطينية في محافظة القدس، أمس (الخميس)، أنها على تواصل مع الحكومة الفلسطينية لبحث حلول ملائمة للخروج من أزمة الكهرباء، في حال نفذ الاحتلال قراره بقطع التيار الكهربائي عن بعض مناطق الضفة، الأسبوع المقبل.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة ومديرها العام، هشام العمري «إنه في ظل الحصار المالي والسياسي الصعب الذي تواجهه الحكومة الفلسطينية، تتعمد إسرائيل في خلق أزمات بشكل مقصود، لا سيما مع دخول فصل الشتاء. والذرائع التي تسوقها شركة كهرباء إسرائيل بموافقة الحكومة الإسرائيلية لقطع الكهرباء، بحجة تراكم الديون هي ذرائع واهية. فالهدف الإسرائيلي الحقيقي هو فرض سياسة العقاب الجماعي على أبناء الشعب الفلسطيني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».