Halloween Kills 1/2 **
• إخراج: ديفيد غوردون غرين
• الولايات المتحدة (2021)
• رعب | عروض: تجارية
أسئلة كثيرة تدور في البال حين الجلوس في الصالة الكبيرة لمشاهدة فيلم هو في نهاية وضعه صغير. نعم هو من سلالة شهدت أعمالاً جيدة (ما زال أفضلها الجزء الأول قبل 40 سنة) لكنه تمخض منذ سنوات ليست قليلة عن محاولة إثر المحاولة لتفعيل ما هو جديد في الحكاية القديمة ذاتها: الشرير مايكل مايرز الذي لا يموت ما زال يتعقب شقيقته لوري التي لا تموت، وإذا ما صادفه في طريقه أحد فإن نهاية ذلك المعترض أكيدة. طعنة نجلاء لا يفيق بعدها.
لكن الفارق بين عدم موت مايرز وعدم موت لوري واسع. هو لا يموت لأنه، وكما يصفه الفيلم هنا على لسان أحد شخصياته «بذرة الشر». وهي لا تموت لأنها لو ماتت لانتهت الحاجة إلى فيلم إلا إذا تم ابتكار خلفية جديدة ينطلق فيها مايرز للقضاء على سكان المنزل المجاور لمنزل عائلته الذي شب فيه وقتل فيه أول ضحاياه.
من هذه الأسئلة، ومعظمها يرد على البال حين المشاهدة ثم يغيب في طي النسيان بعدها، هو إذا ما كان مايرز بهذه القدرة الخارقة على النجاة من كل محاولات الآخرين قتله لماذا يتعذر عليه قتل لوري فيلماً بعد آخر؟
لكن الاستعراض عليه أن يستمر بهذا السؤال أو بسواه. وما يضيفه فيلم ديفيد غوردون غرين (الثاني له في السلسلة بعد «هالووين» قبل 3 أعوام) هو أن المواجهة هذه المرة باتت تتعدى مايرز ضد محاولي قتله من رجال القانون. فجأة كل البلدة ثائرة تطلب دمه. رجال منفعلون وغاضبون يرددون «الشر يموت اليوم» بصوت عال كما لو كان نشيداً وطنياً جديداً. هؤلاء يقودهم الممثل أنطوني مايكل هول وعصاه التي سيهوي بها على جمجمة مايكل مايرز في أول مناسبة. تؤيده هنا لأنك تريد أن ترى الخير ينتصر على الشر ويؤدي إلى موت ذلك الوحش الشرس في شكل رجل، لكنك تعلم أن هذا لن يقع وما عليك سوى أن تنتظر عدم وقوعه. لا مفاجأة حين يسقط الرجل القوي أرضاً ويمضي مايرز عنه متحدياً الجميع.
الفيلم مثير لمن يهوى هذا النوع. لكن الناقد لا بد له أن يسجل بعض المشاهد التي تندرج تحت بند السذاجة كفكرة أو كتنفيذ أو كليهما.
أحد هذه المشاهد وجود رجلين أحدهما اسمه ليتل جونز والآخر بيغ جونز. نراهما جالسين في منزلهما وفجأة يسمعان طرقاً على الباب. تعلم أن مايرز (من شدة أدبه؟) يستأذنهما للدخول. تُترجم التوقعات إلى مشهد دموي يسقط فيه بيغ جونز أولاً وليتل جونز ثانياً. لماذا اقتحم مايرز شقتهما وقتلهما؟ ليس بحثاً عن الطعام (فهو لا يأكل!) بل إنه بحث عن سكين. نراه يجرب سكين المطبخ تلو سكين المطبخ إلى أن يختار أحدها (لا تسألني عن ثيابه وقناعه… لا بد إنهما الآن في مرحلة ما بعد الاتساخ ولو أن هذا لا يبدو مهماً).
هناك العديد من الجثث وما يُسجل للمخرج غرين هو حسن تنفيذه وليس حسن إخراجه. التنفيذ هو كيف تسرد الحكاية بأدوات الفن. حسن الإخراج كيف تسرد الحكاية فنياً مستخدماً أدوات التنفيذ. لكن في الوقت الذي لا يمكن وصف «هالووين يقتل» (وهو يقتل ويقتل ويقتل بلا توقف) بالفيلم الجيد، ليس كذلك بالفيلم الرديء صنعاً. حالة وسطى عرفتها أفلام أخرى من السلسلة.
Anima ***
• إخراج: ليليا تيميريانوڤا
• روسيا (2021)
• تجريبي | عروض: مهرجان الجونة
ككل فيلم تجريبي/ تعبيري/ استكشافي لربوع الفن الخالص، لا يتوجه «أنيما» لا للجمهور السائد ولا حتى لكل جمهور المثقفين. هذا لا يعني إنه ليس فيلماً جيداً في نوعه واهتمامه (وكان يمكن له أن يكون رديئاً في كلا الجانبين) لكنه يعني أن المخرجة كانت تعلم مسبقاً أي نوع من الأفلام «الصعبة» التي تريد تحقيقها. كانت تعلم وتدرك أن الفيلم، في أفضل حالاته، سيعرض في بعض المهرجانات لجمهور نصفه مستعد لمغادرة الصالة بعد مرور ربع ساعة منه أو نحوها.
ليس هناك من قصة بل خيط واحد يربط أحداثاً ذات شكل فني مثير: آنا (إيلينا كيرول) قائدة فرقة موسيقية (تبدو الممثلة أصغر بكثير من أن تتولى مثل هذا الاحتراف الصعب) تترك الفرقة وتمضي. تحل مكانها أغلايا (إليزافيتا شكيرا) التي تترك الفرقة كذلك وتلحق بها لمحاولة إعادتها للفرقة.
تجري الأحداث في بعض الأنحاء الشمالية من روسيا الآسيوية: غابات وبحر ونهر وكوخ تأوي إليه المرأتان. في البداية تحاول أغلايا إقناع آنا بالعدول عن رغبتها في الانعزال لكنها لاحقاً ما تجد في تلك العزلة شيئا تبحث هي عنه فتبقى.
هذا هو الخيط النحيف للفيلم الذي لا تزيد مدة عرضه، على أي حال، عن ساعة. خلال الساعة نجد لوحات أدائية مستوحاة من المسرح والموسيقى والنحت. كل شيء محسوب على نحو فيزيائي. الحركة تشكل في كل لقطة حضوراً بدنياً مختلفاً وكل لقطة تنتمي إلى ترجمة للوقت الفاصل بين حلم ما وواقع ما. ليس هناك في الحلم أو في الواقع تحبيذ ولا هما كاملان. يتيح ذلك للمخرجة تيميريانوڤا حرية التعبير بابتداع لوحاتها والقطع بين اللقطات كما ترغب وتريد من دون أن تستعجل التوليف حتى لا يتحول الفيلم إلى حالة مختلفة عما تطمح المخرجة إليه.
التصوير بالأبيض والأسود هو علامة جيدة إضافية علماً بأن المخرجة صورت فيلمها هذا في أربعة أيام واعتمدت على تصوير المشهد الواحد مرة واحدة فقط بسبب الميزانية الصغيرة التي كان عليها أن تنجز الفيلم ضمنها. لكي تضمن عدم وجود أخطاء اعتمدت التمارين المسرحية للممثلتين كما للمشاهد التي نرى فيها الفرقة وهي تغني أوبرالياً وترقص تعبيرياً (قريباً من الباليه على الأرجح).
Albatros ***
• إخراج: إكزافييه بيوفوا
• فرنسا (2021)
• دراما | عروض: مهرجان برلين + تجارية
الحالة التي يوفرها المخرج بيوفوا مثيرة للاهتمام كذلك شخصياته في هذه الدراما التي تبدأ أفضل مما تنتهي إليه.
قصة رجل بوليس اسمه لوران (جيريمي رنيه) يعيش في بلدة فرنسية صغيرة وعلى وشك الزواج من صديقته. هو رجل رقيق وجيد العشرة ومحب. ذات يوم يتوجه لتهدئة مزارع غاضب على وضعه الاقتصادي واحتمال أن يخسر مزرعته إذا لم يدفع أقساطه. المزارع ينوي الانتحار. حين يصل لوران إليه في عتمة الليل ليثنيه عن الانتحار يضغط خطأ على زناد مسدسه فيصيب المزارع ويقتله. يسقط لوران في حالة نفسية صعبة إذ يلوم نفسه على سوء التصرف. حين لا تنفع محاولات المحيطين به لتهدئته، يترك لوران البلدة في رحلة بحرية على يخته الصغير ويغيب في عرض البحر إلى أن ينفد الوقود من يخته. من حسن حظه أن المخرج أراد له أن يعيش فأرسل له نجدة عادة به.
سيناريو بيوفوا ليس مكتوباً لغاية بحث معاناة المزارع والتوسع في أسباب محاولته الانتحار. هذا كان سيضيف قليلاً من التأمل ويساعد فهم منطلقات لوران وسبب شعوره بالندم. ينطلق من نقطة إطلاق النار عليه من دون قصد إلى قرار بطله هجر كل شيء والابتعاد عن البر فوق يخته ولأيام طويلة. مشكلة ذلك هي أن رحلته تلك وصفية أكثر منها تحليلية.
هناك تصوير ملائم من جوليان هيرش وتمثيل مقبول من الجميع دون علامات مميزة. كما هناك دور يؤديه فكتور بلموندو، حفيد الممثل الراحل جان - بول بلموندو.