فلسطين تمنح محكمة الجنايات فرصة لإجراء تحقيقات ضد إسرائيل قبل تقديم ملفاتها

عريقات يصف الانضمام بالتحول النوعي.. والمالكي: مستعدون لتسليم أي فلسطيني مطلوب

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يحمل نسخة من اتفاقية تأسيس المحكمة الجنائية (أ.ب)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يحمل نسخة من اتفاقية تأسيس المحكمة الجنائية (أ.ب)
TT

فلسطين تمنح محكمة الجنايات فرصة لإجراء تحقيقات ضد إسرائيل قبل تقديم ملفاتها

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يحمل نسخة من اتفاقية تأسيس المحكمة الجنائية (أ.ب)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يحمل نسخة من اتفاقية تأسيس المحكمة الجنائية (أ.ب)

أمهلت الحكومة الفلسطينية مدعي عام محكمة الجنايات الدولية، مدة زمنية لاستكمال تحقيق أولي أعلن عنه سابقا، لفحص احتمال ارتكاب إسرائيل جرائم في فلسطين، قبل أن تتقدم الحكومة بملفاتها حول الحرب والاستيطان.
وأعلنت المحكمة الدولية في حفل خاص، حضره وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، الذي تسلم ميثاق روما الأساسي، رسميا عن انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة لتصبح العضو 123.
وقال المالكي، في كلمة له في الحفل: إن «انضمام دولة فلسطين سيساهم في تحقيق عالمية نظام روما الأساسي». مضيفا: «نحن ننظر إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها عنصرا لا غنى عنه في الالتزام الدولي لتعزيز ودعم سيادة القانون، وضمان الطابع العالمي لمبادئ المساءلة والمساواة في الانتصاف».
وهاجم المالكي الممارسات غير الشرعية للاحتلال الإسرائيلي العسكري الاستعماري الذي طال أمده، مشددا على أهمية اتخاذ كل الخطوات الممكنة لضمان المساءلة على جرائم الاحتلال، وفي الوقت نفسه، تأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين.
وأعلن المالكي، أن الحكومة الفلسطينية ستمهل المحكمة الجنائية الدولية الوقت الكافي لإجراء تحقيق في جرائم حرب محتملة، وقعت خلال حرب غزة العام الماضي، لكنها ستقدم طلب إحالة رسمية للمحكمة إذا طال أمد التحقيق أكثر من اللازم.
وكانت المدعية العامه للمحكمة، فاتو بن سودا، بدأت دراسة أولية للوضع في فلسطين في 16 يناير (كانون الثاني) 2015، تتضمن عملية فحص المعلومات المتوفرة، بغية الوصول إلى قرار يستند إلى معلومات حقيقية، حول ما إذا كان هناك سبب وجيه للاستمرار في التحقيق، بموجب المعايير التي أسسها نظام روما الأساسي.
ودعا المالكي المحكمة لإعطاء الاهتمام اللازم للوضع في فلسطين. ويعد انضمام فلسطين إلى الجنايات الدولية، حدثا فارقا واستثنائيا على طريق تدويل القضية الفلسطينية. وجاء الانضمام الرسمي بعد شهور طويلة من المد والجزر، ووسط ضغوطات وتهديدات للقيادة الفلسطينية بتجميد هذا المسار.
ووصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، انضمام فلسطين للجنائية «يوما وطنيا وتاريخيا في حياة شعبنا الفلسطيني». وقال في بيان: «انضمام فلسطين للمحكمة هو تحول نوعي في استراتيجية النضال الفلسطيني نحو الشرعية الدولية، لتحقيق حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف وتأمين حمايته وإنجاز العدالة الإنسانية». وشدد على أن القيادة الفلسطينية لن تتراجع عن هذه الخطوة التي تأتي في إطار حملة دبلوماسية وقضائية أطلقتها عام 2014.
وبالإشارة إلى تهديدات دولة الاحتلال بشأن انضمام فلسطين للجنائية الدولية، رد عريقات: «من يخشى من العقاب والامتثال أمام العدالة، عليه أن يتوقف فورا عن ارتكاب الجرائم».
ودعا عريقات دول العالم إلى الاعتراف بفلسطين، ودعم حقها الطبيعي والقانوني في تقرير المصير، وإقامة دولة فلسطين ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
ويعكف قانونيون فلسطينيون منذ أسابيع على إعداد ملفين كبيرين، واحد خاص بالاستيطان والآخر بالحرب الأخيرة على غزة، استعدادا لتقديمها للجنايات الدولية في أي وقت. ويحتاج الأمر إلى قرار سياسي.
وتواصل دول مؤثرة الضغط على السلطة لعدم تقديم ملفات إلى المحكمة ضد إسرائيل، منعا لتدهور كبير محتمل. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد تعهد سابقا بمنع تقديم أي من ضباط جيشه وجنوده إلى الجنايات.
ويخشى الفلسطينيون كذلك أن يقدم الإسرائيليون على رفع دعاوى ضد قيادات وفصائل فلسطينية، بما فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخالد مشعل زعيم حركة حماس.
وعبر المالكي عن استعداد دولة فلسطين لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتنفيذ التزاماتها وواجباتها بموجب القانون الدولي، وهي ملتزمة بجميع المسؤوليات التي عليها.
وقال: «فلسطين لن تتردد في تسليم أي فلسطينيين مشتبه بهم إذا طلبت المحكمة ذلك».
وثمة احتمال قوي باتهام إسرائيل لحركة حماس باستهداف مدنيين، واتهام عباس بالتحالف مع الحركة ودعمها وتشكيل حكومة وحدة معها.
وعلى الرغم من ذلك، رحبت حركة حماس بانضمام فلسطين، رسميا، إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال سامي أبو زهري، المتحدث الرسمي باسم الحركة، إن «حركته ترحب بانضمام فلسطين رسميا إلى المحكمة الجنائية الدولية»، معتبرا أنها «خطوة متقدمة وفي الاتجاه الصحيح»، وتتيح «ملاحقة القادة الإسرائيليين قانونيا».
وأضاف أبو زهري، في بيان، أن «حماس تدعو لأن تكون خطوة انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، مقدمة لمحاكمة القادة والمسؤولين الإسرائيليين على ما ارتكبوه من جرائم بحق الفلسطينيين، ورفع الحصانة عنهم». وطالبت حماس بالبدء في التحقيق في ملفي الجدار الفاصل، وتقرير غولدستون، وقالت «هما الملفان اللذان يجب البدء بهما لفضح الاحتلال».
ودعت الحركة السلطة إلى تحمل مسؤوليتها الرسمية، «والتوقف عن حصر جرائم الاحتلال في ملفي عدوان 2014، والاستيطان فقط».
وحذرت حماس من المساومات والمقايضات بدم الشعب وحقوقه، داعية إلى التوحد خلف استراتيجية واضحة وثابتة ودائمة، لفضح الاحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة، عسكرية وإعلامية وقضائية إلى أن يزول عن كامل أرضنا ومقدساتنا.
وأوضحت أن هذه الخطوة تستلزم من النائب العام لدى المحكمة، الشروع في التحقيق في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني على اختلاف أزمانها وأشكالها، على قاعدة أن الحقوق لا تسقط بالتقادم، وألا أحد فوق القانون مهما حاول إخفاء جرائمه. ودعت حماس ضحايا الجرائم الإسرائيلية من الأفراد والعائلات الفلسطينية، إلى التكتل والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية لرفع دعاوى ضد الاحتلال وقادته.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.