خبراء ومحللون: فرص الحل السياسي في اليمن ممكنة.. وتبدأ بخطوة القبول بالشرعية

أكدوا أن الحرب قطعت الطريق أمام حرب طائفية كان يمكن أن تشتعل جنوب الجزيرة العربية

عايد مناع  و سعد بن طفلة  و سامي الفرج
عايد مناع و سعد بن طفلة و سامي الفرج
TT

خبراء ومحللون: فرص الحل السياسي في اليمن ممكنة.. وتبدأ بخطوة القبول بالشرعية

عايد مناع  و سعد بن طفلة  و سامي الفرج
عايد مناع و سعد بن طفلة و سامي الفرج

اعتبر محللون سياسيون خليجيون أن الحرب الراهنة في اليمن يمكنها أن تنضج حلا للأزمة المستعرة هناك، ولكن بشرط أن توافق الأطراف المتمردة على الانصياع للشرعية والقبول بتقاسم السلطة والعودة للمرجعية التي تمثلها المبادرة الخليجية.
واعتبر المحللون الذين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أن ائتلاف دعم الشرعية الذي تقوده الرياض لا يسعى لفرض حلول سياسية على اليمنيين، ولكن يهدف إلى ضمان أن لا يتحول اليمن إلى منطقة رخوة للصراعات الإقليمية، التي من شأنها أن تهدد الاستقرار في شبه الجزيرة العربية، معتبرين أن الحلول السياسية يضعها اليمنيون أنفسهم، وأن القوة العسكرية تستهدف إجبار الأطراف المتمردة على الرضوخ للمنطق.
ورغم استمرار العمليات العسكرية في اليمن ضمن ما يعرف بـ«عاصفة الحزم»، فقد كررت السعودية تأكيدها على تمسكها بالحلّ السياسي لهذه الأزمة. وأكد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز بعد اجتماع لمجلس الوزراء الاثنين الماضي «على أن المملكة تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره للاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها، وبما يكفل عودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية وإعادة الأسلحة إلى الدولة وعدم تهديد أمن الدول المجاورة».
وقال الدكتور سعد بن طفلة وزير الإعلام الكويتي السابق إن المدخل الرئيسي للحل السياسي للأزمة اليمنية هو قبول كافة الأطراف الاعتراف بالشرعية الدستورية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ومضى يقول لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من الكويت: «نخوض حربا واضحة وعادلة وقد أجبرنا عليها بعد أن استنفدنا كل الحلول للوصول لتوافق يمني - يمني». وأضاف: «الأمل أن لا يطول أمد هذه الحرب، فليس هناك من يتمنى الحرب ناهيك عن إطالتها».
وقال بن طفلة: «هناك طرف من شقين، أحدهما ما زال يمسك بالمؤسسة العسكرية الرسمية اليمنية وتتمثل في النظام السابق الذي يمثله علي عبد الله صالح، الذي تنكر للمبادرة الخليجية، ولما قامت به السعودية من أجله ومن أجل اليمن، واتبع سياسة بشارية - قذافية، بمعنى: إما أنا أو أحرق البلد».
وكان الرئيس المخلوع وقّع في الرياض في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 اتفاقا لنقل السلطة في ضوء المبادرة الخليجية التي تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال 14 يوما وإجراء انتخابات رئاسية خلال 90 يوما.
وأضاف بن طفلة: «الطرف الآخر المتحالف مع صالح وهو الحوثي، طرف أضاع البوصلة ورفع شعارات إيرانية مستفزا اليمنيين والمنطقة، وقد أضاع الحوثي بوصلته السياسية اعتقادا أن اللاعب الرئيسي في الجزيرة العربية هو (الجنرال الإيراني) قاسم سليماني، بينما الحقيقة أن اللاعب الرئيسي اليوم هو الملك سلمان ووزير الدفاع (الأمير) محمد بن سلمان».
وقال بن طفلة: «نحن اليوم في ظل أزمة يمنية - يمنية بالدرجة الأولى، وقد أصبحنا طرفا فيها، ولا أعتقد أن هناك من يخوض الحرب من أجل الحرب، فجميع الحروب عبر التاريخ تنتهي بحلول سياسية».
وعن سؤال عن النتائج السياسية التي يريدها الخليجيون، قال بن طفلة: «ما يريده الخليجيون هو أن يتوافق اليمنيون فيما بينهم».
ومضى يقول: «اليوم هناك طرف يرفع شعارات الحوار وهو لا يزال يمسك السلاح باليد الأخرى، (في إشارة للرئيس السابق علي صالح) وهو ما لا يقبله الخليجيون». وعن سقف الحل السياسي، قال بن طفلة: «إن أي سقف يرفعه الخليجيون اليوم سيقع في شباك الطرف الآخر الذي يريد أن يقول إن الخليجيين يريدون فرض أجندتهم على اليمن، ولذلك فالسقف هو يمني ولا أحد يظن أن الخليج يريد أن يرسم سقفا لليمنيين».
وقال: «إن الدليل على ذلك أن السعودية التي كانت تنشد التوافق للأزمة اليمنية قد استضافت علي صالح بعد أن أصيب في انفجار القصر الجمهوري حيث تلقى العلاج وعاد إلى بلاده دون أن تحتجزه المملكة أو تقيد حريته».
وكان الرئيس السابق خلال الثورة ضد نظامه قد تعرض في 3 يونيو (حزيران) 2011 لانفجار صاروخي عقب صلاة الجمعة بمسجد في دار الرئاسة، نقل على أثرها للرياض لتلقي العلاج.
واعتبر بن طفلة أن المبادرة الخليجية هي المرجعية الوحيدة التي وافق عليها كل الأطراف، وأن مبادئها العامة ما زالت قائمة، رغم أن أحد الأطراف سعى لنقضها.
وقال إن المدخل الرئيسي للحل السياسي للأزمة اليمنية هو قبول كافة الأطراف الاعتراف بالشرعية الدستورية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وقال إن الحرب الراهنة قطعت الطريق أمام حرب طائفية كان يمكن أن تشتعل في جنوب الجزيرة العربية التي رأينا بوادرها في الانفجارات التي استهدفت المساجد قبل أسبوع من بدء الحرب، وكان يمكن لهذه الصراعات أن تستقطب قوى إرهابية تتطاحن هناك.
وأضاف: «التفجيرات الإرهابية الدامية التي حدثت في المساجد أعطت الانطباع العام على ما يمكن أن ينزلق إليه الوضع على حدودنا الجنوبية، شبيه بما يحدث في شمال الجزيرة العربية (العراق)».
بدوره، قال المحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد مناع إنه من المبكر حتى الآن الحديث عن الحلّ السياسي في اليمن، في ظل امتناع الأطراف المتمردة على الرضوخ للشرعية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مستقبل الحل في اليمن لن يكون قريبا؛ فالحوثيون وحليفهم علي عبد الله صالح ما زالوا يتمتعون بقوة كبيرة على الأرض، وقوى التحالف العربي بقيادة السعودية يتمتعون بسيطرة جوية وبحرية كبيرتين».
وأضاف: «ما لم يشعروا بالإرهاق المادي والنفسي فسيظل الحسم العسكري هو الأكثر رجحانا». أما المدخل للحل السياسي برأي منّاع فيأتي حين يمكن إحداث تحول حقيقي في ميزان القوى على الأرض، وقال إن «القصف الجوي المكثف والانتقائي لمواقع وقوات وآليات الحوثيين وصالح وتجهيز قوات برية يمنية تستبسل في الدفاع عن المناطق التي لم يتمكن الحوثيون من السيطرة عليها سيؤدي إلى استنزاف قوات وقدرات الحوثيين وحينها سيرحبون بأي حل سياسي».
ومضى يقول إن الحوثيين وحليفهم صالح سيحاولون في مرحلة لاحقة وتحت تأثير الضربات الجوية الوصول إلى اتفاق «شريطة عدم تضمنه انسحابهم من كل المناطق التي استولوا عليها ونزع سلاحهم ومحاسبة قيادتهم على اغتصابها للسلطة واستيلائها على المحافظات والمدن بالقوة وغير ذلك». وأضاف أن تلك المطالب «لن تكون مقبولة من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي ومن الحكومة السعودية، لذلك سيطول أمد الحرب حتى لو نزلت قوات برية من قوى التحالف المساند للسعودية، فاليمنيون عاشوا عقودا في حالات حروب وصراعات مع بعضهم ومع غيرهم».
ورأى مناع أن العمليات العسكرية مهما طالت فهي تستهدف الوصول إلى حلّ سياسي يضمن لليمن استقراره، ويجنب المنطقة مخاطر الانزلاق للفوضى.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن نهاية أي صراع مسلح هي اضطرار أحد أو كل الأطراف إلى البحث عن حل سياسي، لكن حتى هذا قد يطول وقد تستمر المناوشات العسكرية» لعمليات عاصفة الحزم.
رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية الدكتور سامي الفرج، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه حتى الآن، فرص الحلّ السياسي لم تنضج بعد.
وقال إنه بالنسبة للدول المؤتلفة ضمن عمليات «عاصفة الحزم» «لا توجد نقاط التقاء أو مساحة للحوار مع الطرف الآخر المتمثل في الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح». وقال: «نحن في الحقيقة لا نفاوض الطرف المتمرد في اليمن (الحوثيين وصالح) وإنما نفاوض طرفا إقليميا هو إيران، وحتى الآن لا يوجد أي مؤشر على أن إيران مستعدة للتخلي عن سياستها المتبعة في اليمن». وتساءل: «ما الذي يجعل إيران تعتقد أنها غير قادرة على الاستمرار في مسك الوضع على الأرض في اليمن؟».
وكان الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، قال الثلاثاء أمام مجلس الشورى، إن السعودية ستختبر النوايا الإيرانية، مشددا على أن أي مكاسب لطهران من حوارها مع مجموعة «5+1» «لا يمكن أن تجنيها إلا إذا تعاونت مع دول المنطقة». وقال الفيصل: «إننا اليوم لن ندين إيران أو نبرئها من الاتهامات الملقاة على عاتقها (حول الأزمة اليمنية) ولكننا سنختبر نواياها بأن نمد لها أيدينا كبلد جار مسلم لفتح صفحة جديدة».
وتابع بالقول: «إذا كان لنا أن نعتبر إيران بلد حضارة، ونحن نعتبرها وشعبها كذلك، فإن واجبها يحتم عليها أن تكون بانية حضارة ترتقي بالأمن والسلم في المنطقة لا تزعزعه، كما أنها بلد مسلم». وبالعودة للدكتور سامي الفرج، فقد أوضح أن أي حلّ سياسي في اليمن لا يتم إلا بعد أن تؤدي القوة العسكرية دورها في إجبار الأطراف المتمردة على الرضوخ، وقال: «الوصول إلى حلّ لا يتم إلا حين يكون أحد الأطراف غير قادر على تثبيت الأوضاع ويواجه تدهورا مستمرا على الجبهة العسكرية».
وقال: «إننا كدول خليجية ومعنا الحلفاء في هذه الحرب نتمنى أن نكون قد أوصلنا الرسالة بأننا قادرون على اتخاذ قرار الحرب والحزم عسكريا، ولكن هل فعلا وصلت هذه الرسالة للمتلقي؟»، في إشارة لإيران.
وقال إن الطرف المناوئ للدول الخليجية في اليمن، يسير منذ بداية هذه الأزمة على حافة الهاوية، معتقدا أن بوسعه مواجهة قوة عسكرية كالتي تمتلكها السعودية ودول التحالف، وهم لا يزالون على هذا المسار. ويتحدث الفرج عن استراتيجية ما بعد الحرب، معتبرا أنها تبدأ من اليوم عبر كسب الرأي العام في اليمن، واستمالته وسحب البساط من تحت أقدام الحوثيين وحليفهم صالح. وقال إن تلك المساعي تتطلب جهدا إنسانيا وخدماتيا مع دعم على الأرض.
وقال إن السعودية لديها الخبرة الكافية في أعمال الإغاثة والأعمال الإنسانية وتقديم الخدمات الميدانية التي كسبتها طوال خدمتها للحجاج، وكذلك بقية دول الخليج، ويمكن لهذه الدول أن تقوم بدور كبير في تطبيب الناس وتقديم الخدمات الإنسانية لهم من أجل استمالتهم وقطع الطريق على الأطراف الأخرى. ويرى الفرج أن هذه الحرب كرست وحدة كتلة الجزيرة العربية، واليمن جزء من هذه الكتلة، بحيث تشكل هذه المنطقة وحدة سياسة تتشارك في الأمن والمصير.



فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، مستجدات الأوضاع السورية.

جاء ذلك في اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية السعودي من المبعوث الأممي إلى سوريا، الأربعاء.

وزير الخارجية السعودي ونظيرته الإسواتينية عقب التوقيع على اتفاقية التعاون في الرياض الأربعاء (واس)

ولاحقاً، وقّع الأمير فيصل بن فرحان وفوليلي شاكانتو وزيرة خارجية إسواتيني على اتفاقية عامة للتعاون بين حكومتي البلدين، عقب مباحثات أجراها الجانبان في العاصمة الرياض، تناولت سبل تنمية التعاون المشترك في مختلف المجالات.

واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في وقت لاحق شاكانتو، يرافقها الأمير لينداني ابن ملك إسواتيني عضو البرلمان، في ديوان وزارة الخارجية السعودي، حيث جرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين.