أسيران من «الجلبوع» يشتكبان مع حراس المحكمة

بعد منعهما من الحديث مع الصحافة

فلسطينيون في الخليل يطالبون بالإفراج عن المعتقلين المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطينيون في الخليل يطالبون بالإفراج عن المعتقلين المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

أسيران من «الجلبوع» يشتكبان مع حراس المحكمة

فلسطينيون في الخليل يطالبون بالإفراج عن المعتقلين المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
فلسطينيون في الخليل يطالبون بالإفراج عن المعتقلين المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

أدى قرار مصلحة السجون وجهاز المحاكم الإسرائيلية وقوات الأمن التابعة لها، منع الصحافيين من تغطية وقائع جلسة محكمة الصلح في الناصرة، أمس الأحد، خلال محاكمة الأسرى الستة الذي انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع، وخمسة آخرين، إلى صدام واشتباك بالأيدي بين حراس المحكمة وبين الأسيرين زكريا زبيدي ويعقوب قدري.
واتهم محامو الدفاع، السلطات الإسرائيلية، بالخوف من الحقائق التي كان يمكن أن يرويها الأسرى للصحافة عن عمليات الانتقام والتنكيل التي يتعرضون لها في السجون، منذ أن تم إعادة اعتقالهم. لكن المحكمة رفضت تغيير توجهها. واعتبرت موافقة مصلحة السجون على جلب جميع الأسرى من مختلف السجون إلى الناصرة لتكون هناك جلسة بالمواجهة وليس عبر تطبيق عن بعد، هو خطوة إيجابية. وبعد أن تمت قراءة لوائح الاتهام على الأسرى، قررت المحكمة عقد جلسة أخرى في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني)، أي بعد أسبوعين.
المعروف أن السلطات الإسرائيلية توجه لوائح اتهام لأحد عشر أسيراً فلسطينياً في هذه القضية، الأكبر والأخطر موجهة إلى الأسرى الستة الذين نفذوا عملية الجلبوع، وهم: قائد العملية وموجهها الرئيس والقائد في حركة «الجهاد الإسلامي» محمود عارضة (46 عاماً)، وابن عمه محمد العارضة (40 عاماً)، ويعقوب قادري (49 عاماً)، وهم جميعاً من سكان عرابة قضاء جنين، وزكريا زبيدي (45 عاماً) من سكان مخيم جنين للاجئين، وأيهم كممجي (35 عاماً) من سكان كفردان، ومناضل أنفيعات (26 عاماً) من سكان يعبد قضاء جنين. وهناك خمسة أسرى توجه لهم سلطات الاحتلال تهمة مساعدة الأسرى الستة على الفرار، إذ كانوا يعلمون بنياتهم، وساهموا في التستر عليهم داخل السجن. وهم: محمود أبو اشرين (26 عاماً)، وقصي مرعي (22 عاماً)، وكلاهما من سكان جنين، وعلي أبو بكر (21 عاماً)، ومحمود أبو بكر (19 عاماً) من سكان يعبد، وإياد جرادات (37 عاماً) من بلدة سيلة الحارثية قضاء مدينة جنين. وكان محامي الدفاع عن الأسير زكريا الزبيدي، أفيغدور فيلدمان، قد قدم التماساً للمحكمة الإسرائيلية العليا، ضد ظروف اعتقاله، مطالباً بإخراجه من العزل الانفرادي، وبجلب غطاء ووسادة في زنزانته، لأن وجوده في الزنزانة يمس بوضعه الصحي، وبوقف عملية حرمانه من خدمات المقصف (الكانتينا) والزيارات العائلية واستخدام الأدوات الكهربائية وغيرها من المضايقات. وقال خبير قانوني إن هذه الدعوى ستكون رمزية، وهدفها تحقيق مكسب قضائي ليس لزبيدي وحده، بل قد تنسحب نتائجها على الأسرى الأحد عشر؛ الشركاء في هذه المهمة. وقد تم اختيار الزبيدي بالذات، لأنه لم يبادر إلى عملية الهروب، بل انضم للأسرى الآخرين. وقال فيلدمان إن العقوبات القاسية التي تفرضها مصلحة سجون الاحتلال بحق موكله، تنبع من شعور السجانين بالإحباط والخيبة نتيجة لفشلهم في إحباط عملية الفرار من سجن جلبوع.
من جهة ثانية، وفي قضية أخرى تتعلق بملف الأسرى، أعلن «نادي الأسير الفلسطيني»، في رام الله، أمس الأحد، أن الأسرى الستة الذين يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام رفضاً لاعتقالهم الإداري «وصلوا مرحلة الخطر الشديد»، وسط مخاوف من تعرضهم للوفاة. وأوضح النادي، في بيان، أن سلطات الاحتلال ترفض الإفراج عن المضربين الستة وإنهاء اعتقالهم الإداري. والأسرى الستة هم كايد الفسفوس المضرب منذ 102 يوم، ومقداد القواسمة المضرب منذ 95 يوماً، وعلاء الأعرج المضرب منذ 78 يوماً، وهشام أبو هواش المضرب منذ 69 يوماً، وشادي أبو عكر المضرب منذ 61 يوماً، وعياد الهريمي المضرب منذ 32 يوماً.
وقال النادي إن الأسرى الستة «يواجهون خطراً مضاعفاً مع مرور كل ساعة؛ فجميعهم وصلوا إلى مرحلة الخطر الشديد، وهناك احتمالية بفقدان أحدهم». واتهم سلطات الاحتلال بـ«تعمد إلحاق الأذى بالمضربين، عبر تعنتها ورفضها تحقيق مطالبهم». وأضاف: «الفسفوس والقواسمة يقبعان في مشافي الاحتلال، بوضع صحي بالغ الخطورة، وقد وصلا لمرحلة حرجة جداً». بينما يقبع كل من الأعرج وأبو هواش وأبو عكر في عيادة سجن الرملة بوضع صحي خطير يتفاقم مع مرور الوقت. وتبقي سلطات الاحتلال على المضرب عياد الهريمي في زنازين سجن «عوفر».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.