حذر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، رفاييل غروسي، من أن برنامج المراقبة النووية في إيران لم يعد «سليماً»، بعد أن رفضت طهران طلبات إصلاح الكاميرات في منشأة نووية رئيسية. وقال غروسي إن إيران سمحت للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى معظم كاميراتها لخدمتها ببطاريات وبطاقات ذاكرة جديدة، مع استثناء منشأة واحدة في ضواحي طهران تصنع أجزاء من أجهزة الطرد المركزي، وتضررت المنشأة في يونيو (حزيران) الماضي عندما اتهمت إيران إسرائيل باستهداف المنشأة بعمل تخريبي.
وأكد مدير الوكالة الذرية أنه بدون الوصول إلى تلك المنشأة، فإن برنامج المراقبة والتحقق التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران صار «معيباً ولا يعمل على نحو صحيح». ولمح غروسي إلى تكرار سيناريو كوريا الشمالية في حال لم توافق طهران على تركيب الكاميرات في منشآتها النووية، وهو سيناريو كارثي للمنطقة، على حد تعبيره.
وفي مقابلة مع شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية، كشف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنه لم يتمكن من إقامة أي نوع من الاتصال المباشر مع الحكومة الإيرانية بعد انتخاب الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي في يونيو الماضي. وأضاف غروسي: «لم أتحدث قط إلى وزير الخارجية الإيراني الجديد، وآمل أن أكون قادراً على الحصول على فرصة للقائه قريباً».
وفي وقت سابق من هذا العام، بعد أن توقفت إيران عن السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة، وفق ما نص عليه اتفاق 2015، توسط غروسي في ترتيب زيارة تسمح إيران بموجبها لكاميرات الوكالة الدولية بالعمل. وبهذه الطريقة إذا تمت استعادة الاتفاق النووي، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، يمكن للدول العالمية معرفة ما حدث خلال الأشهر الماضية في البرنامج النووي الإيراني.
ورغم أن غروسي يرى أنه «لا يوجد أي مؤشر» على أن إيران تتسابق حالياً للحصول على قنبلة نووية، فإنه يعتبر أن العالم لا يحتاج النظر إلى أبعد من كوريا الشمالية لفهم الوضع». وتم طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من كوريا الشمالية في عام 2009، ويعتقد الآن أن البلاد لديها عشرات الرؤوس الحربية النووية. وتابع غروسي قوله «يجب أن تذكرنا حالة كوريا الشمالية بما قد يحدث إذا فشلت الجهود الدبلوماسية مع إيران. إنه مثال واضح، فقد نواجه وضعاً سيكون له تأثير سياسي هائل في الشرق الأوسط ومناطق أخرى».
من جانبها، تحث القوى العالمية إيران بشكل عاجل على العودة إلى المفاوضات لاستعادة الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2018. وتريد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والشركاء الأوروبيون، استعادة الاتفاق النووي مع إيران، لكن بعد 6 جولات من المحادثات في فيينا، توقفت المفاوضات بعد انتخاب رئيسي.
والآن تتحدث الولايات المتحدة وإسرائيل بصراحة أكبر عن «الخطة ب»، التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها تعني خياراً عسكرياً لوقف برنامج إيران النووي إذا فشلت الدبلوماسية. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في وقت سابق من الشهر الجاري «نحن مستعدون للانتقال إلى خيارات أخرى إذا لم تغير إيران مسارها».
من جهة أخرى، قال كبير المفاوضين الروس في المحادثات المتعثرة متعددة القوى لإحياء اتفاق عام 2015 النووي، إن مطالبة إيران بضمان من الحكومة الأميركية بأنها لن تنسحب من الاتفاق التاريخي مرة أخرى هو أمر «منطقي ومبرر». وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن هذا جاء في رد من ميخائيل أوليانوف، سفير روسيا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في فيينا، على تقرير صادر عن معهد «كوينسي» للأبحاث في واشنطن بأن الرئيس الأميركي بايدن قد رفض تقديم أي ضمانات لإيران بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى خلال فترة ولايته.
وقال أوليانوف في تغريدة على تويتر أمس الأحد «هذا المطلب الإيراني يبدو منطقياً ومبرراً، وهو يتوافق ليس فقط مع الممارسة الدبلوماسية، بل مع المنطق السليم».
ومع ارتفاع منسوب الضغوطات على إيران لاستئناف المفاوضات النووية المتوقفة في فيينا منذ يونيو الماضي، قال الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أمس الأحد، إن طهران ملتزمة بما تعهدت به فيما يخص الملف النووي، لكن أزمتنا مع الولايات المتحدة وأوروبا. وأضاف، بحسب ما نقلت وكالة أنباء «فارس»: «لن نربط اقتصاد البلاد بالمفاوضات النووية، لكننا ملتزمون بما تعهدنا به، إلا أن أميركا والأوروبيين يواجهون أزمة في اتخاذ القرار». وتابع أن «السياسة الخارجية الإيرانية لديها تعامل واسع مع العالم».
يأتي هذا الموقف بعد أن توالت خلال الأيام الماضية التحذيرات الأوروبية والدعوات إلى ضرورة الإسراع بالعودة إلى طاولة التفاوض. فقد اتفقت الولايات المتحدة وثلاث قوى أوروبية يوم الجمعة خلال مشاورات في باريس على ضرورة عودة إيران سريعا إلى المحادثات النووية، وسط قلق متزايد من التأخير. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس حينها، تعليقا على تلك المحادثات «نحن متحدون في الاعتقاد بأن المفاوضات يجب أن تستأنف في فيينا في أسرع وقت ممكن، وأن تنطلق على وجه التحديد من حيث توقفت بعد الجولة السادسة». يذكر أن المحادثات النووية التي انطلقت في فيينا في أبريل (نيسان) الماضي، متوقفة منذ يونيو (حزيران)، وسط دعوات حثيثة لاستئنافها، وتحذيرات من أن التأخر سيفتح المجال أمام واشنطن للنظر في خيارات أخرى.
غروسي: المراقبة النووية في إيران «غير سليمة»
رئيسي يلقي باللوم على الولايات المتحدة وأوروبا
غروسي: المراقبة النووية في إيران «غير سليمة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة