«أمل» تهاجم «الوطني الحر» رداً على اتهامها بـ«التواطؤ» مع «القوات»

وصفته بـ«تيار الفساد» واتهمته بإدارة إجراءات البيطار في ملف انفجار المرفأ

«أمل» تهاجم «الوطني الحر» رداً على اتهامها بـ«التواطؤ» مع «القوات»
TT

«أمل» تهاجم «الوطني الحر» رداً على اتهامها بـ«التواطؤ» مع «القوات»

«أمل» تهاجم «الوطني الحر» رداً على اتهامها بـ«التواطؤ» مع «القوات»

شنت «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، هجوماً عنيفاً على «التيار الوطني الحر» الذي اتهم الحركة بالتواطؤ مع حزب «القوات اللبنانية» في أحداث الطيونة، وتناغم كتلتيهما في مجلس النواب، ووصفته بأنه «تيار الفساد»، متهمة وزير العدل السابق والمستشار الرئاسي سليم جريصاتي، بـ«تسييس القضاء» و«إدارة عمل القاضي طارق البيطار».
وجاء البيان العنيف رداً على اتهامات صريحة من «التيار» لمجلس النواب بمصادرة صلاحيات السلطة التنفيذية، كما باتهام لـ«أمل» بالتواطؤ مع «القوات» في أحداث الطيونة.
واعتبرت الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» بعد اجتماعها الدوري أن «تقديم موعد الانتخاب إلى 27 مارس (آذار) يحمل تعدياً على صلاحيات السلطة التنفيذية التي أنيط بها تحديد موعد الانتخاب بمرسوم عادي يصدر عن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية، إلى جانب أنه يحرم 10685 لبنانياً من حق الانتخاب ‏بعدم إدراج أسمائهم على اللوائح الانتخابية في شهر مارس، رغم بلوغهم سن الـ21 عاماً، إضافة إلى تعريضه العملية الانتخابية لمخاطر عديدة بسبب الطقس البارد والعاصف، خصوصاً في المناطق الجبلية في شهر مارس، ويعبر فوق كل ذلك عن عدم احترام زمن الصوم المسيحي، فيما الطبيعي، وما لا يشكل أي خطر أو إزعاج لأحد، ويزيد من نسب المشاركة، هو إجراؤها في مواعيدها العادية في شهر مايو (أيار)».
وجددت الهيئة السياسية في «التيار»، «إدانتها مشهدية الفتنة الميليشوية التي ظهرت في الطيونة بوجهيها الاستفزازي والإجرامي، والتي شهد اللبنانيون على تواطؤ وتناغم كتلتيها في مجلس النواب»، في إشارة إلى «حركة أمل» و«القوات اللبنانية»، مؤكدة في المقابل «تمسكها بمشهدية تفاهم مار مخايل (تحالف التيار وحزب الله) النقيض لثنائية تواطؤ الطيونة». وقالت: «هذا التفاهم الضامن لمنع العودة إلى خطوط التماس ومتاريس النار والدم»، لافتة إلى أن «من تباهى زوراً بدعم القضاء تهرب من المثول أمامه للشهادة، ويعمد إلى حماية العديد من المطلوبين، في تصرف أقل ما يقال فيه إنه يكرس سياسة الهاربين المتعالين على القانون والدولة، لا سيما مع تحول قلعته إلى ملجأ للهاربين من العدالة».
وسرعان ما ردت «أمل» على اتهامات «التيار»، قائلة في بيان إنه «لم يعد يخجل (التيار الوطني الحر)، في بياناته، من العيوب والمصائب التي أدخل فيها البلاد خلال عهده وصولاً إلى قعر جهنم، وفق ما بشر رئيس الجمهورية اللبنانيين في خطابه الشهير». وقالت: «بات هذا التيار في ظل البطالة والإرباك السياسي والشعبي الذي يعيشه، يحاول الهروب وخلق سيناريوهات وهمية وفاشلة من عقله المريض للتغطية على واقعه، وعلى ما ارتكبه من جرائم سياسية ومعيشية بحق اللبنانيين». واتهمت التيار بأنه «يحاول استغلال تفاهم سياسي في مار مخايل لزرع الفتن والمس بالتحالف المتمثل بالثنائية الحقيقية بين (حركة أمل) و(حزب الله)، الذي تعمد بدماء الشهداء الذين سقطوا في الطيونة جنباً إلى جنب، ليجسدوا عمقه في مواجهة تسييس القضاء عبر الغرفة السوداء برئاسة سليم جريصاتي، التي تحرك وتدير عمل القاضي طارق بيطار»، و«في مواجهة منطق التعصب والانعزال الطائفي الذي يعيشه التيار وجمهوره».
وقالت في البيان إن التيار «يعرف تماماً أننا لم نتحالف يوماً مع حزب (القوات اللبنانية)، فيما سارع لاهثاً التيار ورئيسه لتوقيع اتفاق معه لتقاسم الحصص والمناصب والوصول إلى الرئاسة، في تجاوز واضح لكل الشعارات السياسية التي يرفعها»، لافتة إلى «أننا الذين رفضنا وصوتنا بورقة بيضاء، لأننا كنا نعلم يقيناً أن تياراً بهذه العقلية لن يوصل البلاد إلا لما وصلت إليه من تراجع سياسي واقتصادي وحتى في أخلاقيات العمل الوطني».
وقالت «أمل» إن الحركة «كما كانت على الدوام لديها الجرأة والقدرة بالتعبير عن موقفها بشكل واضح وصريح، داخل المجلس النيابي وخارجه، وهذا ما عبرت عنه في الجلسة الأخيرة حيث أيدتها معظم الكتل النيابية، إن كان لناحية موعد إجراء الانتخابات، الذي أتى بشبه إجماع سوى من التيار أو بحق المغتربين في المشاركة بالتصويت، والذي يعمل التيار بشكل حثيث على استغلال توقيع رئيس الجمهورية وحقه الدستوري من أجل الهروب منها، وتطيبر الانتخابات النيابية أساساً لخوفه من التحولات الحاصلة في بيئته».
وإذ رأت أن «كل ما ورد في بيان التيار ورد الرئيس ما هو إلا تغطية وهروب»، شددت على أن «الحريص على الحقوق الدستورية للأجيال اللبنانية لا يحرم الشباب في سن 18 سنة من المشاركة في الانتخابات، ولا يهرب من التصويت على صفة المعجل للكوتا النسائية، والذي يشهد جميع النواب والإعلام على موقف نواب التيار في الجلسة الأخيرة حولها».
وقالت «أمل»، «لأن (تيار الفساد) بات محترفاً في سرقة المواقف وتشويهها ها هو يحاول أن يسرق الموقف من تعديلات قانون القرض من البنك الدولي حول دعم الأسر الفقيرة، الذي تقدمت به كتلة (التنمية والتحرير) عبر النائب علي حسن خليل، للإسراع في البدء بتطبيق البطاقة التمويلية... ليتقدم التيار بالاقتراح نفسه في محاولة للحاق بالأمر».
وختمت البيان بالقول: «الأجدى بمن يدعي الحرص على التمثيل أن يسأل رئيس الجمهورية عن إخلاله بموجباته الدستورية بالتقاعس عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب أحد عشر نائباً بدلاً من النواب الذين استقالوا».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.