غياب الاستقرار يضع بلداناً عربية في مراكز متأخرة

صدور التقرير العاشر في سلسلة {مؤشر التنافسية المستدامة العالمي}

غياب الاستقرار يضع بلداناً عربية في مراكز متأخرة
TT

غياب الاستقرار يضع بلداناً عربية في مراكز متأخرة

غياب الاستقرار يضع بلداناً عربية في مراكز متأخرة

أصدرت مؤسسة «سولابيليتي» قبل أيام «مؤشر التنافسية المستدامة العالمي» لسنة 2021، وهو التقرير العاشر في السلسلة التي تختص بتقييم التنمية الاجتماعية والبيئية والاقتصادية للدول. ويعتمد التقرير على معطيات توفرها المنظمات الدولية، ويجري تصنيفها ضمن مؤشرات فرعية، هي رأس المال الطبيعي وكفاءة إدارة الموارد ورأس المال الاجتماعي ورأس المال الفكري وإدارة التنمية الوطنية، من أجل قياس القدرات الحالية والمستقبلية للبلدان على توليد وإدامة الدخل والثروة لسكانها.
ولا تزال الدول الإسكندنافية تتصدر الترتيب العالمي، حيث تأتي السويد أولاً، ثم فنلندا ثانياً، وتمثل سويسراً خرقاً لهذه الدول في المرتبة الثالثة، ثم تليها الدنمارك والنرويج. وباستثناء اليابان ونيوزيلندا، تشغل المراكز العشرين الأولى دول أوروبية، وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الـ30، والصين في المرتبة الـ33، وروسيا في المرتبة الـ50.
وفي حين تتصدر الإمارات والسعودية والمغرب وعمان الدول العربية في الترتيب العام، بتسجيل مراتب متوسطة بين 96 و117، تتراجع باقي الدول العربية إلى مراكز متأخرة نسبياً، فنجد مصر في المرتبة الـ131، تليها الأردن (139) والكويت (139) والجزائر (144) وقطر (146). وتأتي باقي البلدان العربية ضمن المراكز العشرين الأخيرة. وتلعب عوامل الطقس، وتوافر المياه العذبة، ونوعية الأراضي الصالحة للزراعة، وتنوُّع الموارد الطبيعية، دوراً كبيراً في تحقيق الاكتفاء الذاتي على نحو مستدام يضمن تجدد الموارد.
مصاعب بيئية تعرقل الدول العربية
ويلحظ مؤشر رأس المال الطبيعي الموارد التي تسمح لبلد ما بالاكتفاء ذاتياً، ويأخذ في الاعتبار مستوى نضوب أو تدهور تلك الموارد، مما يعرض الاكتفاء الذاتي للخطر في المستقبل. وتتصدر لاوس مؤشر رأس المال الطبيعي، تليها كولومبيا وباراغواي وبوليفيا، بفضل التنوع البيولوجي الكبير الذي تتمتع به أميركا الجنوبية. وتأتي الدول الإسكندنافية ونيوزيلندا ضمن الدول العشرين الأفضل عالمياً بسبب الكثافة السكانية المنخفضة، والتغطية الحرجية، ووفرة المياه، فيما تحتل كندا المرتبة الـ31 والولايات المتحدة المرتبة الـ39. وتتأثر الصين (134) والهند (152) بمزيج مقلق من المناخ الجاف، والكثافة السكانية، واستنزاف الموارد، مما يثير المخاوف بشأن قدرة البلدين على ضمان الاكتفاء الذاتي لمواطنيهما على المدى الطويل.
وتواجه الدول العربية تحديات حقيقية، وفق مؤشر رأس المال الطبيعي، فهي بمعظمها تعاني من ندرة الموارد المائية العذبة، وانتشار التصحر، واتساع حالة الجفاف، وتلوث الهواء والماء والتربة، إلى جانب فقدان الأمن الغذائي الذاتي في أكثر من بلد.
وتحتل عمان المرتبة الـ92 عالمياً، تليها السودان وليبيا والمغرب في مراكز متوسطة، ثم تأتي مصر والجزائر والسعودية، وتتبعها باقي الدول العربية في مراتب متأخرة جداً، حيث نجد 14 بلداً عربياً في المراكز من الـ155 إلى الـ180. وتعوِّض البلدان التي تمتلك ثروة نفطية عن ضعف مواردها في المياه العذبة والأراضي الزراعية الخصبة باستثمارات ضخمة في التكنولوجيا، مثل تحلية المياه والزراعة الذكية، إلى جانب تنمية القدرات البشرية بتوفير فرص التعليم والتدريب.
ومن الملاحظ أن بلدان العالم ذات التصنيف العالي تتميز بتوافر المياه، إلى جانب المناخ الاستوائي، والتنوع البيولوجي الغني، ووفرة الموارد الطبيعية الأخرى. وفي حين أن معظم هذه البلدان يفتقر إلى رأس المال الاجتماعي والفكري والحوكمة، فإن رأس مالها الطبيعي سيسمح لها بتطوير قدرة تنافسية مستدامة بمرور الوقت. ويشير التقرير إلى أن 49 في المائة من مؤشرات رأس المال الطبيعي تتخذ اتجاهات سلبية عالمياً، في مقابل 34 في المائة من المؤشرات التي تشهد تطوراً إيجابياً. ويعلَّل ذلك بغياب السياسات الهادفة التي تحمي المحيط الحيوي المتبقي، وتحفز البدائل الخضراء، وتلحظ كلفة التدمير البيئي الجانبي. ويحذر التقرير من انخفاض إضافي في المعايير البيئية العالمية مستقبلاً، مما سيؤثر على الركائز الأخرى لاستدامة القدرة التنافسية.
ويتقاطع مؤشر رأس المال الطبيعي مع مؤشر كفاءة إدارة الموارد الذي يتحرى القدرة على إدارة الموارد المتاحة، الطبيعية والبشرية والمالية، على نحو ذي كفاءة، بغض النظر عما إذا كانت هذه الموارد نادرة أم وفيرة، وسواء أكانت محلية أم مستوردة. ويؤثر الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية على رأس المال الطبيعي للبلد؛ أي قدرته على دعم السكان والاقتصاد بالموارد المطلوبة مستقبلاً.
وتأتي ملاوي في صدارة الدول، وفق مؤشر كفاءة الموارد، تليها كينيا والسلفادور. كما حققت الاقتصادات المتقدمة تصنيفات عالية، مثل سويسرا (4) وبريطانيا (8)، وجاءت السويد وفرنسا وآيرلندا ضمن أفضل 20 دولة، فيما احتلت ألمانيا المرتبة الـ52، والولايات المتحدة المرتبة الـ92.
ويضع التقرير الصين في المرتبة الـ150 بسبب وجود الصناعات الثقيلة وأنشطة البناء، إلى جانب انخفاض كفاءة الموارد. ويبدو أن هذا المؤشر يهدف إلى دعم مبادئ الاقتصاد الدائري، لكنه على نحو جدلي يعطي تقييماً إيجابياً للدول الأقل قدرة على استثمار مواردها أو تلك التي لا تملك موارد معتبرة.
وفي العالم العربي، على سبيل المثال، نجد اليمن في المرتبة السادسة عالمياً، وفق مؤشر كفاءة إدارة الموارد. وتأتي الصومال في المرتبة الـ21، وجيبوتي في المرتبة الـ27 عالمياً، تليها جزر القمر (46) وموريتانيا (54)، ثم تأتي باقي الدول العربية في مراكز متأخرة. وهذا بالتأكيد ليس مؤشراً إيجابياً، إذ يعكس ضعفاً شديداً في التنمية واستثمار الموارد الطبيعية، مما يعيق التنمية البشرية والاقتصادية.
- الاستقرار والابتكار يعززان التنافس
ويمثل مؤشر رأس المال الاجتماعي تقييماً للاستقرار والرفاهية، المتصورة أو الحقيقية، لجميع السكان. ويكفل رأس المال الاجتماعي التماسك بين المواطنين، ومستوى معقولاً من التوافق، مما يوفر بيئة مستقرة للاقتصاد، ويمنع الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية.
وإلى جانب التأثيرات التاريخية والثقافية المحلية، يرتبط التوافق المجتمعي بعوامل مختلفة، منها أنظمة الرعاية الصحية وإتاحتها للجميع، والمساواة في الدخل والأصول، والهيكلية السكانية التي تضمن توزع الأجيال بشكل متوازن، وحرية التعبير والتحرر من الخوف، وغياب الصراعات العنيفة. وفي ظل هذه الظروف فقط يمكن للاقتصاد أن يزدهر ويثمر، ويخلق فرص عمل ودخلاً للسكان.
وتتصدر الدول الإسكندنافية مؤشر رأس المال الاجتماعي. وإلى جانب دول أوروبا الغربية ودول البلطيق التي تهيمن على المراكز العشرين الأولى عالمياً لرأس المال الاجتماعي، تبرز كوريا الجنوبية (13) واليابان (15) وسنغافورة (16). وبسبب معدلات الجريمة المرتفعة، وانخفاض خدمات الرعاية الصحية، وضعف المساواة، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الـ95 عالمياً.
وتأتي بريطانيا في المرتبة الـ46، مما يعكس تدهور النسيج الاجتماعي في البلاد، فيما تحتل الصين المرتبة الـ32، وروسيا الـ88، والهند الـ123، والبرازيل الـ128. وتقع معظم الدول الأفريقية، لا سيما في منطقة الساحل وجنوبها، في أسفل هذه القائمة بسبب قلة خدمات الرعاية الصحية، وارتفاع وفيات الأطفال، ومحدودية حرية التعبير، وحالة حقوق الإنسان.
وفي العالم العربي، تحتل الدول الخليجية مراكز متقدمة نسبياً، وفق مؤشر رأس المال الاجتماعي، فنجد الإمارات في المرتبة الـ23 عالمياً، والكويت الـ42، والسعودية الـ52، وعُمان الـ62. وتتراجع باقي الدول العربية إلى مراكز متوسطة، فيما تأتي الدول الأقل استقراراً في مراكز متأخرة.
ومن ناحية أخرى، يعتمد مؤشر رأس المال الفكري على الابتكار الذي هو بدوره أحد مخرجات التعليم، وهو يسمح للبلدان بالمنافسة في الأسواق العالمية. وتهيمن دول شمال وشرق آسيا، مثل كوريا الجنوبية والصين واليابان وسنغافورة، والدول الإسكندنافية كالسويد والدنمارك، على مؤشر رأس المال الفكري. وتُظهر دول شمال وشرق آسيا تطوراً أسرع على هذا المؤشر، في مقابل نظرائهم في الغرب. ولا تزال أفريقيا ضعيفة الأداء على هذا المؤشر، مما يعزز الخوف من الوقوع في شرك الفقر لفترة طويلة. وتحظى تونس بتقييم جيد، وفق مؤشر رأس المال الفكري، بالمرتبة الـ42 عالمياً، والأولى عربياً، تتبعها عُمان في المرتبة الـ51، والسعودية (62) والإمارات (64)، ثم الجزائر (80)، بينما تحتل باقي الدول العربية مراكز متوسطة، باستثناء موريتانيا والسودان والصومال التي تأتي في مراكز متأخرة نسبياً.
ويشير التقرير إلى وجود فجوة كبيرة تفوق فجوة الدخل القومي الإجمالي بين دول الشمال ودول الجنوب في مؤشر رأس المال الفكري الذي يعدُّ أساس الابتكار في المستقبل، وبالتالي النجاح الاقتصادي. وعلى الرغم من أن هذا المؤشر يشهد تطوراً إيجابياً على مستوى العالم، فإن معظم التحسينات تحدث في أوروبا وأقصى وجنوب شرقي آسيا والأميركيتين، باستثناء أميركا الوسطى.
- إدارة التنمية مدخل لتحقيق التنافسية
وتتشكل المجتمعات والاقتصادات ضمن إطار من البنى القانونية والتنظيمية والمادية التي تضعها وتطورها السلطات والمؤسسات الحكومية غالباً. ويعتمد التقرير في تقييم مؤشر إدارة التنمية الوطنية (الحوكمة) على مجموعة من المعايير، كالتوافق الحكومي والبنى التحتية وبيئة الأعمال وانتشار الفساد والاستقرار المالي. وهو يفترض أن الإطار التنظيمي والبنية التحتية يوفران البيئة المناسبة لازدهار رأس المال الطبيعي والاجتماعي والفكري من أجل توليد ثروة جديدة، والحفاظ على الثروة الحالية.
وتتصدر إستونيا ترتيب الحوكمة عالمياً، تليها آيرلندا والتشيك وفنلندا، ثم ألمانيا واليابان. وتهيمن دول وسط وشرق أوروبا على المراكز المتقدمة، فيما تأتي الصين في المرتبة الـ45، ثم روسيا (53) وبريطانيا (62) والولايات المتحدة (86)، وتتراجع الهند إلى المرتبة الـ120، والبرازيل إلى المرتبة الـ165. وتظهر هنا أيضاً فجوة واضحة بين الشمال والجنوب، حيث تسجل معظم الدول الأفريقية درجات متدنية. وعلى المستوى العربي، تحتل الإمارات المركز الـ37 عالمياً في مؤشر الحوكمة، تليها مصر (50) ثم الكويت (60) والسعودية (68) والمغرب (91) والأردن (95). وتحتل باقي البلدان العربية مراكز متأخرة نسبياً، خاصة البلدان التي تعاني شكلاً من أشكال غياب الاستقرار، كما هو الحال في سوريا والسودان وليبيا والصومال واليمن.
ويرى واضعو «مؤشر التنافسية المستدامة العالمي» أن تقريرهم أكثر شمولاً من تقارير مماثلة تصدرها مؤسسات أخرى، ولعلهم يلمحون بذلك إلى تقارير التنافسية السنوية التي يصدرها المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس)، والمعهد الدولي للتنمية الإدارية في لوزان السويسرية. ويعدون أن لحظ الاستدامة في التنافسية ليس ثورة، بل هو تطوُّر طبيعي يساعد على اتخاذ القرارات، وفق نظرة أكثر عمقاً وأوسع نطاقاً لتفادي النتائج السيئة مستقبلاً.


مقالات ذات صلة

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

علوم يؤكد الباحثون أن الصدوع التي تقع على أعماق سحيقة في باطن الأرض يمكن أن تلتحم من جديد بعد انكسارها نتيجة الهزات الأرضية (بيكسباي)

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

توصل فريق من علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة إلى أن الصدوع الزلزالية العميقة في باطن الأرض يمكن أن تلتئم في غضون ساعات بعد حدوث الهزات الأرضية القوية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك الأشخاص الذين مارسوا ما لا يقل عن ساعتين ونصف من التمارين الرياضية أسبوعياً انخفض لديهم خطر الوفاة (رويترز)

المشكلة الشائعة التي تُقلّل من فوائد التمارين الرياضية

معروف أن ممارسة الرياضة بانتظام تُحسّن الصحة النفسية، وتُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، وتُحسّن محيط الخصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أحياء غارقة بكاملها في مدينة نها ترانغ الساحلية بفيتنام جراء الفيضانات (أ.ف.ب)

ارتفاع حصيلة الوفيات من الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام إلى 43

أعلنت السلطات الفيتنامية، الجمعة، أن الأمطار الموسمية والانهيارات الأرضية الناجمة عنها أسفرت عن وفاة 43 شخصاً في فيتنام منذ مطلع الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (هانوي)
بيئة طحالب خضراء (أرشيفية - أ.ف.ب)

دراسة: طحالب استطاعت الصمود لمدة 283 يوماً في الفضاء

قال موقع «بوبيلر ساينس» إن الطحالب تمتاز بالقدرة على التكيف حيث إنها تعيش في بيئات قاسية

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
آسيا  فيضانات وانهيارات أرضية في فيتنام (د.ب.أ)

مقتل 15 شخصاً جراء فيضانات وانهيارات أرضية في فيتنام

لقي ما لا يقل عن 15 شخصاً حتفهم وأُصيب 19 آخرون، خلال الأيام الثلاثة الماضية، في فيتنام، بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية.

«الشرق الأوسط» (هانوي)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.